محامو قسنطينة يواصلون احتجاجهم لليوم ال84 دون رد من الوصاية بدأت بوادر تحركات أصحاب الجبة السوداء نحو "التصدي" لما وصفوه "بالخطر"، الذي يهدد مهنة الدفاع، تظهر بصورة جلية للعيان، من خلال الجمعيات العامة، التي تعقد لمناقشة وإبداء ملاحظاتهم حول مشروع قانون المحاماة، الذي تم العمل على تحرير نصوصه وتحضير مواده منذ سنة 1998. أبدى المحامون رفضهم المطلق لمشروع قانون المحاماة لأنه، حسب أغلبيتهم، "تقييد لحرية المهنة التي تتسم بالاستقلالية كونها تأسست لتكون حرة". وعلق الكثير منهم في هذا الشأن بأن المادة 24 من المشروع ستؤدي إلى نتيجة واحدة وهي ارتداء المحامي جبة "الخوف" بدل "جبة الدفاع" فور دخوله قاعة الجلسات، وعوض أن يخاف على مصير موكله سيصبح خائفا على مصير نفسه ومهنته. تأتي هذه التحركات في الوقت الذي يشهد مجلس قضاء قسنطينة "مثالا حيا للسلبيات" التي سيعمقها هذا المشروع، في حال قبوله والمصادقة عليه، من خلال مواجهة الدفاع لحدوث ما وصفوه بسابقة شهدها لأول مرة مجلس قضاء قسنطينة شهر ماي الماضي، تجلت في رفض قاضي الجلسة فسح المجال لإحدى المحاميات لطرح أسئلتها التي تخص القضية محور التقاضي، ليدخلا في ملاسنات بينهما، قبل أن يقوم النائب العام ورئيس المجلس بتحرير محضر وإرساله لوزارة العدل دون الاتصال بالمحامية المعنية بالموضوع أو إعارة أدنى اهتمام لمنظمة المحامين على مستوى مجلس قضاء قسنطينة، التي تعد حسب نقيبها، المحامي مصطفى الأنور، الجهة الوحيدة المخولة قانونا بالنظر في قضايا محاميها، وليس النيابة التي لا يحق لها إطلاقا، بحكم استقلالية المهنة وحريتها، التدخل في شؤون الدفاع. وقد نتج عن هذه "الحادثة" مقاطعة جلسات المحاكمة لليوم ال48 على التوالي، وهو ما يعد إصرارا من أصحاب الجبة السوداء بمجلس قضاء قسنطينة على التمسك بموقفهم بعد اتفاقهم على رأي واحد، وهو مواصلة مقاطعة جلسة الجنح ليوم السبت منذ 22 أكتوبر المنصرم، قبل أن يرفعوا من حدة تنديدهم من خلال الاستقرار على رأي ثان يقضي بمقاطعة دورة الجنايات المبرمجة على مستوى المجلس منذ تاريخ 26 نوفمبر الماضي. والفرق بين الجنح والجنايات، هو أن الأولى لا تستلزم حضور المحامي بصفة إجبارية، في حين في الثانية يلزم القانون الدفاع بالحضور. وفي هذا الصدد، أفاد نقيب منظمة المحامين على مستوى مجلس قضاء قسنطينة، الأستاذ مصطفى الأنور، في اتصال مع "الفجر"، أن "سير جلسات الجنح تسير بصفة عادية مع ملاحظة تشجيع المتقاضين من متهمين وضحايا على الاستغناء عن المحامي، وهو ما يعد خرقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يشير صراحة إلى حق المتقاضي في تأسيس دفاعه". أما بالنسبة لجلسات الجنايات حسب النقيب ذاته، فهي تتأجل، مشيرا، بخصوص هذه النقطة، إلى أن القضاة يسعون إلى تطبيق المادة 271 من قانون الإجراءات الجزائية. وفي هذا الصدد، اعتبر النقيب أن هذه المادة التي وصفها "بالمنسية"، حيث تجيز لرئيس الجلسة استثنائيا بعد أخذ موافقة المتهم نفسه تعيين أحد أفراد عائلته أو أصدقائه الدفاع عنه، في حين الفقرة الرابعة من المادة تلزم رئيس الجلسة بإخطار مسبق للمتهم بثمانية أيام لتحضير دفاعه. وأكد المتحدث على أن كل المحامين يرفضون رفضا قاطعا، ومطلقا، تقييد حرياتهم، كون المهنة حرة ومستقلة، وبالتالي يرفضون قبول هذه المادة التي تضمنها مشروع قانون المحاماة. وأفاد النقيب بمواصلتهم لاحتجاجهم وإضرابهم، مشيرا إلى أن الطرف الثاني والمتمثل في مجلس قضاء قسنطينة ووزارة العدل لم يبد لحد الساعة أي موقف سواء كان إيجابيا أو سلبيا. وفي منطقة الغرب الجزائري، تواصل منظمة المحامين بتلمسان وقفتها الاحتجاجية كل يوم ثلاثاء، والتي جاءت كرد فعل وصفوه "بالمهنية" على المادتين القانونيتين 10 و24 اللتين تضمنها مشروع المحاماة الجديد. وفي السياق ذاته سيناقش اتحاد المنظمة الوطنية للمحامين، على هامش اليومين الدراسيين المنظمين نهاية الأسبوع لمناقشة قانون الإجراءات المدنية والإدارية الجديد على مستوى مجلس قضاء بسكرة، المشروع الجديد لقانون المحاماة.