حتى في هذه المرة التي سقط فيها ما يقرب من 400 شهيد وحوالي 2000 جريح في غزة، اختلفوا حول مكان عقد القمة العربية؛ فريق يقول نعقدها في قطر، البلد الذي برز في مبادرات تسوية الخلافات العربية في المدة الأخيرة، وفريق آخر يقول ينبغي أن نعقدها في مصر بلد التاريخ الحافل بالنضال ضد إسرائيل سابقا، ومقر الجامعة العربية حاليا• في قمة دمشق اختلفوا أيضا حول مكان عقد القمة، وكان الاختلاف نتيجة ضغط غربي، أمريكي على الخصوص، انطلاقا من تصنيف مفاده محور الشر ومحور الخير، وطبعا فإن من دار في فلك الأمريكيين يمثل محور الخير، ومن خرج عن فلكهم وتبنى المقاومة أو الممانعة فهو من محور الشر، ووصل أصدقاء محور "الخير الأمريكي" إلى تخفيض تمثيل حضورهم في القمة السابقة في دمشق، فلم يحضر رؤساؤهم ولا حتى وزراء خارجياتهم•• وهكذا فعلت مصر والسعودية••• لا نعرف لماذا اختلفوا هذه المرة حول المكان، أمازال الاختلاف قائما حول محور الشر والخير؟•• ففي مصر توجد سفارة إسرائيلية، وفي قطر توجد قاعدة عسكرية أمريكية ومكتب اتصال إسرائيلي•• والاثنان، إضافة إلى السعودية لا يمكنهم رد أي طلب أمريكي• وهم لا يريدون عقد قمة من أجل "حماس" التي تمثل إحدى حركات محور الشر•• وهذا موقف كثير من الدول العربية التي تجنح لمحور "الخير" وترفض محور "الشر" الذي تتبناه المقاومة• فالخير أمريكا•• والشر أمريكا على طريقة ذلك المغني الجزائري، وزيادة في هذا "الخير"• هناك ثلاث دول لها علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل هي مصر والأردن وموريتانيا، وست دول عربية أخرى لها علاقات دبلوماسية علنية مع إسرائيل في شكل مكاتب تجارية ومكاتب اتصال، منها دول خليجية وأخرى مغاربية، إضافة إلى أن دول عربية أخرى لها علاقات متينة مع إسرائيل ما زالت تأخذ طابع السرية• وفوق كل هذا، فإن البعض يقول إن لمكان عقد القمة حاجة استخباراتية، حيث أن الدولتين اللتان استضافتا أكبر عدد من القمم العربية، بست قمم لكل واحدة، وتقع إحداهما في المشرق والأخرى في المغرب، تدور اتهامات حولهما بأنهما كانتا تسربان ما يدور في اجتماعات القمم إلى الأمريكيين والإسرائليين• ما زلنا ننتظر قمم جريئة تذكرنا بالمد القومي العربي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ونريد توقيف الانحدار والتخاذل في مسار القمم التي تحولت في العشريتين الماضيتين إلى قمامات ترمى فيها فضلات وأوساخ الخلافات العربية•