- هاجس مطابقة الشهادات يثير قلق الآلاف من حاملي الماجستير تعرف العديد من المراكز الجامعية الجزائرية عجزا فادحا في التأطير، رغم أنها تشهد خلال نهاية كل سنة تخرج آلاف الطلبة الحاصلين على شهادات الماجستير، إلا أن العديد من هؤلاء وعلى غرار أساتذة أقسام اللغة العربية وآدابها فوجئوا برفض ملفات ترشحهم والمشاركة في مسابقات انتقاء الأساتذة المساعدين "صنف ب" ، بفعل إجراء المطابقة الحرفية للشهادات، وهو ما يستدعي تدخلا عاجلا لوزير التعليم العالي ومديرية الوظيف العمومي. إجراء "المطابقة الحرفية للشهادات" هو من أهم الأسباب التي أدت إلى غلق أبواب الجامعة في وجه المتخرجين الجدد، رغم أن أغلب إعلانات التوظيف المنشورة عبر الجامعات أو في الصحف الوطنية لم تشر إلى تخصص بعينه، حسبما أكدته لنا عينة من الأساتذة الحاصلين على شهادات الماجستير. أما تخصص علم الاجتماع أو الحقوق، بمن فيهم أساتذة من أقسام اللغة العربية وآدابها الذين تحدثوا مع "الفجر" بعدما أغلقت أمامهم كل أبواب التوظيف، حيث كانت لهم مراسلات تستعجل تدخل المسؤول الأول عن قطاع التعليم العالي والبحث العلمي، رشيد حراوبية، والمديرية العامة للوظيف العمومي، من أجل السهر على أن تكون مسابقات التوظيف في التعليم العالي أكثر فعالية ومطابقة للتشريعات والنصوص القانونية، لاسيما مبدأ المساواة في تولي الوظائف العمومية. كما تم التطرق أيضا إلى التجاوزات الحاصلة في إجراءات المسابقات، في خضم رفض اللجان التقنية للملفات المقدمة للتوظيف بدعوى عدم مطابقة التخصص، ما يطلق، حسبهم، العنان لتأويلات شخصية مبنية على تشابه المصطلحات لا أكثر، مؤكدين أن التماطل في إيجاد حل نهائي للمشكل القائم يشكل مجالا خصبا لتعسف الإدارة وجعلها تقبل باختصاص دون آخر دون اللجوء إلى المقاييس العلمية. شهادات ماجستير غير مطابقة لمعايير التشغيل أمام نقص التأطير الذي ينخر أغلب الجامعات ويثير مخاوف الطلبة، الذين يكونون دائما ضحية قرارات السلطات العليا، ومستقبل الأجيال التي تتخرج سنويا من هذه المراكز، أوضح مصدرنا أن الوضعية تعود إلى أن التخصصات التي تطلبها المراكز الجامعية متطابقة في مدلولاتها ومختلفة اختلافا يسيرا في ألفاظها، مبرهنا على ذلك بالدراسات الأدبية والأدب العربي والقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي، وهو ما يتطلب وضع مدونة موحدة تحدد التخصصات في دراسات مابعد التدرج بدقة، وتكون تخصصات التوظيف مطابقة لها، بدلا من الإطناب في العناوين، إضافة إلى العمل على إخضاع التقنيين المراقبين إلى تقييس من اللجان العلمية على مستوى الأقسام أو المجالس العلمية على مستوى المعاهد والكليات. ومن بين الأسباب أيضا، نجد الخلل الذي يحصل على مستوى إعلانات التوظيف، حيث أكد ذات الأساتذة أنها لا تتخذ صيغة موحدة، ففي الوقت الذي نجد فيه جامعات تعلن عن التخصص المطلوب والمطابق لمقياس التدريس، نجد جامعات أخرى تعلن عن توظيف عدد من الأساتذة في تخصص معين دون أن تحدد احتياجاتها بدقة في مرحلة أولى، لتباشر في عملية رفض الملفات بحجة أن التخصص غير موجود في مرحلة ثانية، وهذا يتنافى، حسبهم، مع النصوص المنظمة للمسابقات في الوظيفة العمومية. وموازاة مع هذا، تخوف هؤلاء من مصير الشهادات التي تتضمن تخصصات غير مطابقة لواحدة من المقاييس التي يجري تدريسها في الجامعة الجزائرية، متسائلين عن مصداقية هذه الشهادات غير المطابقة بعد تشكيكهم في هذا الإجراء الذي أقصى الشهادات وأدى إلى انغلاق المنظومة الجامعية داخل التخصص المنعزل مع تكريس استفحال الأداءات البيروقراطية المنافية لإصلاحات القطاع العمومي. شبح نقص التأطير يطغى على العديد من المراكز الجامعية عبر المئات من الطلبة وفي مختلف التخصصات الموجودة بالجامعات المنتشرة عبر الوطن، عن تخوفهم من مصير المواد التي تشهد غياب الأساتذة، فمثلا طلبة المركز الجامعي "يحي فارس" بالمدية وقسم اللغة العربية بجامعة "سعد دحلب" بالبليدة، تضم أكثر من 200 أستاذ مؤقت، في حين أن الأساتذة الدائمين لم يتجاوزوا الأربعين أستاذا، باعتبار أن عدد المناصب المفتوحة ضئيل وهو مخالف للخطاب الرسمي، الذي يؤكد على السعي لسد حاجيات التأطير في الجامعة، حسبما أكدته مصادرنا، رغم أن نسبة النجاح في البكالوريا لهذه السنة عرفت أعلى مستوياتها. كما أشار بعض أساتذة قسم علم الاجتماع بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ببوزريعة بالعاصمة، فإنه منذ 2003 لم تستقبل أي موظف جديد للتدريس، كما اشتكى طلبة السنة الرابعة لقسم علم المكتبات والتوثيق بنفس الجامعة غياب مدرس لمادة تقييم أنظمة المعلومات، متسائلين عن مصير هذه المادة، خاصة مع اقتراب امتحانات السداسي الأول. وغير بعيد عن بوزريعة، فإن المشكل القائم بمعهد التخطيط والإحصاء الكائن مقره ببن عكنون لا يتعلق بغياب الأساتذة المؤطرين، وإنما أرجعه طلبة السنة الخامسة الذين تحدثت إليهم "الفجر"، إلى عدم إمكانية تأطير الكم الهائل من هؤلاء الطلبة بخصوص مذكرة التخرج، في حين اشتكى طلبة السنة الأولى من نقص فادح في أساتذة وحدة قياس الإحصاء والرياضيات، وهي من ضمن المواد الأساسية التي تستلزم متابعتها منذ الالتحاق بمدرجات المعهد. ونفس الشأن بالنسبة لطلبة قسم الترجمة بالجامعة المركزية "يوسف بن خدة"، حيث مس النقص مجمل الأطوار، على غرار السنة الأولى والرابعة، نظرا لغياب أساتذة مادة الإنجليزية. "الكناس" ضرورة التنسيق بين فروع الماجستير والتوظيف بينما تعذر علينا الاتصال بالوزارة الوصية لتوضيح اللبس الحاصل وإيصال انشغالات هؤلاء الطلبة والأساتذة الذين يودون تغطية العجز الحاصل في هذه المراكز الجامعية، أوضح المنسق الوطني لنقابة أساتذة التعليم العالي والبحث العلمي، رحماني عبد المالك، في اتصال هاتفي ب "الفجر"، أن قضية نقص التأطير تعاني منها العديد من المراكز الجزائرية، مؤكدا أن 50 بالمائة منها تعود للأساتذة الدائمين، رغم أنه يتم الاستعانة بالمتعاقدين كحل مؤقت لمعالجة المشكل وضمان تغطية شاملة لهذه الجامعات. وأرجع رحماني مشكل المطابقة الحرفية للشهادات والعجز الفادح في التأطير على مستوى هذه الجامعات إلى غياب التنسيق بين فتح تخصصات الماجستير وحاجيات التوظيف، مشيرا إلى مراجعة أسلوب اختيار الأساتذة الموظفين، والتي تتولى مديرية التوظيف العمومي المسؤولية الكبرى فيها، وهو ما ينجم، حسب ذات المتحدث، إدماج مؤطرين ليست لهم مؤهلات كافية لتولي مثل هذه المناصب، باعتبار أن المقاييس العلمية لا يتم تطبيقها من طرف اللجان التقنية. وأمام هذا الوضع، دعا المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي إلى ضرورة تولي الجامعات مهمة توظيف خريجيها، خاصة وأن أغلبية منتوجها يعود إليها بالدرجة الأولى، ويهدف ذلك حسب المكتب الوطني إلى الاختيار السليم للكفاءات العلمية. "السناباب "..الجامعة ليست المسؤولة دائما من جهته، أكد أمين عام بالنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية بجامعة هواري بومدين، مصفاوي مراد، أن إشكالية الالتحاق بمناصب التعليم العالي ومسؤولية التوظيف تتحملها كافة الأطراف المعنية، الجامعة والأساتذة المتحصلين على شهادة الماجستير، وبصفة خاصة المديرية العامة للوظيف العمومي، مصرحا أن الجامعات لها الحق في اختيار التخصصات التي تعرف فيها عجزا. وتحدث مصطفاوي عن مشكل تحديد التخصصات التي تريدها بعض الجامعات، حيث طالب بتحديدها أكثر أثناء الإعلان عن مسابقات التوظيف عبر الصحف الوطنية، وهو ما سيسمح حسبه بتجنب تقديم ملفات مرفوضة سلفا.