تتصدر الاختناقات قائمة الحوادث المنزلية من حيث عدد الأطفال الضحايا، وتصنف من بين الحوادث المميتة والخطيرة، حيث سجلت مصالح الحماية المدنية وفاة 56 طفلا بالاختناقات بنسبة تصل إلى 66 بالمائة من مجموع الوفيات العام الماضي، بما في ذلك الاختناق بالغاز الطبيعي وانسداد المجاري التنفسية الناجمة عن ابتلاع أشياء، في حين تم إنقاذ 205 أطفال. وتأتي حوادث التسممات في المرتبة الثانية في الجزائر من حيث عدد التدخلات، وهي ناجمة عن تناول الأطفال، في غياب الرقابة وتنامي الإهمال، المنتجات الكيميائية ومبيدات الحشرات والقوارض والمنظفات الكيماوية، وقع ضحيتها 810 أطفال، تم إسعافهم وتحويلهم إلى المستشفيات، مع تسجيل وفاة 4 أطفال أغلبهم لم يتجاوزوا الخامسة من العمر. ومع توفر مسببات الحرائق والانفجارات في المنزل خاصة في المطبخ والحمام، باعتبارهما أكثر الأماكن ملاءمة لحدوث الكوارث، فإن سلك الحماية المدنية تدخل العام الفارط لإخماد709 حريقا كان على وشك الفتك ب 167 طفلا، في حين سجلت 10 وفيات. وقدرت حوادث السقوط والكسور التي سجلتها مصلحة الحماية المدنية ب 11780 تدخل أسعف على إثرها 2355 طفلا، توفي 15 منهم. وحسب دراسة المركز الوطني للبحوث التطبيقية من أجل التنمية "الكرياد" فإن الفئة العمرية الأكثر تعرضا للحوادث المنزلية، هي شريحة الأطفال دون الخامسة (0 -4 سنوات) ثم المتراوحة أعمارهم بين 5 و9 سنوات. كما أشارت الدراسة أن 81 بالمائة من الحوادث تستدعي التحويل المستعجل على المستشفيات و3 بالمائة من الحالات أدت إلى الوفاة، و8 بالمائة منها ساهمت في إعاقات، منها41 بالمائة سببت آثارا دائمة. وحسب الدراسة ذاتها فإن هذه الإعاقات الدائمة والمؤقتة ساهمت في تعطيل التمدرس وزادت في تعميق درجات التهميش. أصابع الاتهام تدين الأمهات يرجع المجتمع الجزائري الأسباب الحقيقية وراء وقوع الأطفال ضحايا للحوادث المنزلية إلى قلة الوعي لدى الأمهات، وقلة خبرتهن بأساليب الحماية عن الأخطار المنزلية، بحيث أن دور الأم أساسي، باعتبارها المسؤول المباشر عن بعض الحوادث جراء الإهمال المتكرر لشريحة الأطفال، خاصة دون الخامسة، ناهيك عن فئة الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة، كما أن المجتمع دائما يوجه أصابع الاتهام للأم دون مناقشة. السيدة "مريم.ع " تحكي مأساة ابنتها البالغة من العمر سنتين.. التقتها "الفجر" بأحد المراكز الخاصة بمعالجة الحروق في ضواحي العاصمة، والتي أجهشت بالبكاء عندما سألناها عن سبب الحادث، فأفادت أنها لم تراقب درجة حرارة الماء الساخن لدرجة الغليان لما أفرغته على ابنتها التي فقدت وعيها جراء الألم الذي لحق بها، وهي الآن في المستشفى لإجراء عملية زرع نسيج للمرة الثانية، حيث أدى الماء الحار إلى إتلاف نسيجها الجلدي، وتحتاج إلى عدد من العمليات التجميلية لإنقاذها. لم تدر "أم أنس" أن ثانية إهمال ستغير حياتها جذريا بعد طلاقها من زوجها مباشرة، حيث تعود حيثيات القصة -حسب ما روته لنا الأم - عندما حاولت نشر الأغطية على شرفة شقتها بالطابق الخامس، دون أن تشعر بابنها بين الأغطية، نظرا لحجمه الصغير، ورمت به من أعلى الشرفة دون أن تعلم، ما أدى إلى تهشيم رأسه فلفظ أنفاسه على الفور، ونتج عن الحادث انفصالها عن زوجها. السيدة فضيلة روت ل"الفجر" أنها المتسبب الرئيسي في حادثة تناول ابنها الأصغر البالغ من العمر 6 سنوات لمادة كاوية، كانت تضعها في المطبخ، ما أدى إلى تسممه ووفاته، مشيرة أنه مباشرة بعد رجوعه من المدرسة عطشانا تناول محتوى قارورة مياه معدنية كانت قد أفرغت مادة كيماوية داخلها، معتقدا أنه ماء، ولم تكتشف الأمر إلا بعد فوات الأوان. بشير.. أب الطفل إسلام، أكد لنا أن ابنه إسلام لم يولد معوقا وإنّما عقب حادث سقوط من شرفة المنزل عندما كان في الخامسة من عمره نجم عنه كسر عموده الفقري، ما أدى إلى إصابته بشلل كلي، وهو الآن في كرسيه المتحرك منذ سنوات، و يواجه مشاكل في الكلام وصعوبة حتى في التعامل مع من حوله. الأب كان أكثر إيمانا.. حيث أقر ل"الفجر" أن كل حادث من عند الله سبحانه وتعالى قضاء وقدر"، وامتعض من الأزواج الذين يدمرون بيوتهم بأيديهم، واعتبرهم بالأقل إيمانا.