يتجه الوضع في بوركينافاسو نحو مزيد من التعقد بعد إنقسام المؤسسة العسكرية في توليها لمقاليد الحكم عقب إستقالة الرئيس بليز كومباوري وما صاحب ذلك من دعوات بالعودة السريعة إلى الشرعية الدستورية. فما إن أعلن الرئيس البوركينابي السابق بليز كومباوري تخليه عن مقاليد الحكم بالبلاد يوم الجمعة حتى سارع كل من قائد أركان الجيش نابيري أونوري تراوري و المسؤول الثاني في الحرس الرئاسي اسحاق زيدا إلى إعلان توليهما مقاليد السلطة في إنقسام واضح للمؤسسة العسكرية من شأنه أن يجر البلاد إلى إنزلاقات خطيرة. ففي بيان نقلته إذاعة"أوميغا" المحلية، أعلن المسؤول الثاني في الحرس الرئاسي اسحاق زيدا اليوم السبت توليه مهام رئيس الدولة داعيا الإيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا) والمجتمع الدولي إلى "إظهار تفهم الوضع ودعم السلطات الجديدة". كما أكد أن الرئيس السابق لبوركينا فاسو بليز كومباوري موجود "في مكان آمن" مع "تأمين" سلامته "الجسدية والنفسية". وإلى جانب توليه مقاليد البلاد أعلن زيدا تعليق العمل بأحكام دستور عام 1991 وهو الدستور نفسه الذي تسبب في اندلاع الاحتجاجات منذ الخميس الماضي موضحا أنه سيتم تشكيل هيئة انتقالية في البلاد بالتوافق مع "جميع القوى الحية" ضمانا لمرحلة انتقالية محددة ولتهيئة الظروف للعودة نحو النظام الدستوري العادي. ودعا زيدا إلى التهدئة والثقة بالسلطة الجديدة والمحافظة على سلامة الأشخاص والممتلكات كما دعا قوات الدفاع والأمن إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان أمن الأشخاص وممتلكاتهم في البلاد. يأتى هذا في أعقاب إعلان مماثل أدلي به رئيس أركان الجيش في واغادوغو نابيري أونوري تراوري يوم الجمعة مفاده أن السلطة في يد الجيش ممثلا في شخصه غير أن عشرات الآلاف من المحتجين الذين احتشدوا في شوارع العاصمة واغادوغو رفضوا إعلان تراوري وقالوا إنه "كان مقربا جدا "من الرئيس المخلوع كومباوري في حين تقول مصادر أن إسحاق زيدا يحظى بتأييد قسم من المجتمع المدني. يشار إلى أن الرئيس بليز كومباوري أعلن أمس الجمعة تخليه عن السلطة التي تولاها لمدة 27 سنة وذلك بعد المظاهرات العنيفة التي شهدتها العاصمة واغادوغو وقيام المتظاهرين بإشعال النيران في مبنى البرلمان. وإنطلقت هذه الإحتجاجات الشعبية بعد إعلان بليز كومباوري عزمه خوض غمار الانتخابات الرئاسية المقررة في العام المقبل لفترة رئاسية جديدة وشروعه في التحضير لتعديل دستوري يتيح له البقاء في السلطة التي تولاها منذ عام 1987 إثر إنقلاب عسكري. وكان الحزب الحاكم في بوركينا فاسو الذي يتزعمه كومباوري يسيطر على غالبية مقاعد البرلمان بما يتيح له تمرير أية تعديلات دستورية تمكنه من البقاء في السلطة لأكثر من فترتين رئاسيتين وحدد البرلمان أمس الجمعة موعدا لعقد جلسة التصويت لكن الإحتجاجات حالت دون ذلك. قلق دولي إزاء الوضع في بوركينافاسو ودعوات إلى العودة السريعة للشرعية الدستورية وأثار هذا الوضع في بوركينافاسو قلقا دوليا عبرت عنه الولاياتالمتحدة على لسان المتحدثة باسم الخارجية جنيفر ساكي التي دعت إلى انتقال "سلمي" للسلطة من خلال انتخابات ديمقراطية كما نؤكد على انه لا يتعين على أي طرف تغيير الوضع باجراءات دستورية إضافية". كما طالب الاتحاد البرلماني الدولي بجنيف جميع الأطراف السياسية في بوركينا فاسو ب "الانخراط في الحوار الحقيقي لضمان العودة السريعة إلى الحكم الدستوري". ففي الوقت الذي انتقدت المنظمة الدولية حل البرلمان في الدولة الافريقية أشار الاتحاد في البيان إلى أن "برلمان بوركينا فاسو قد سقط ضحية لعدم قدرة الطبقة السياسية على إيجاد أرضية مشتركة لحل النزاع". وبدورها دعت منظمة العفو الدولية اليوم السلطات في بوركينافاسو إلى عدم الإستخدام المفرط للقوة لقمع الاحتجاجات السلمية المناهضة للحكومة معتبرة "أن أي استخدام للقوة في التصدي للمظاهرات حتى وإن تحولت إلى أعمال عنف يجب أن يتوافق مع القانون الدولي ويبدو من تقارير القتلى والجرحي أن قوات الأمن قد تجاهلت هذه المبادئ الأساسية". وكانت فرنسا قد حثت الرئيس المخلوع كومباوري على الالتزام بنصوص ميثاق الاتحاد الإفريقي التي تمنع إجراء أية مراجعات أو تعديلات على دساتير دول الاتحاد الاعضاء من شأنها إعاقة عملية التغيير السياسي.