كشفت مصادر مسؤولة من وزارة العمل عن مقترح يتم مناقشته حاليا، ينص على تمديد السن القانوني للتقاعد إلى ما فوق ال62 عاما، في انتظار الإلغاء التدريجي لتعليمة سلال التي تسببت في نزيف لخزينة صندوق التقاعد، حيث شملت، حسب مصادر من الوزارة، حوالي 170 ألف شخص في ظرف عام، معظمهم كانوا في مناصب مسؤولية وأفرز تعويضهم بإطارات شابة عجزا في التسيير بسبب نقص الخبرة والكفاءة. شرعت وزارة العمل رسميا في إعداد المقترحات الخاصة بمراجعة منظومة التقاعد، بعد أن حددت بداية 2016 موعد انطلاق عملية الإثراء التي سينتج عنها مشروع قانون يعرض على الشركاء الاجتماعيين من مركزية نقابية ونقابات مستقلة، لأول مرة في تاريخ العلاقة بين الوزارة وهذه التنظيمات التي انتقدت بشدة إقصاءها من عملية إثراء مشروع قانون العمل الجديد. ومن المرتقب الشروع في مناقشة المقترحات الجديدة الخاصة بالتقاعد قبل بلورتها في نص يحوز على الإجماع بالنظر إلى أهميته، خاصة بعد أن انتقدت السلطات العمومية صراحة "عبء" صندوق التقاعد وعجزه عن مواجهة العدد الكبير لمنتسبيه الذي ارتفع بشكل "مذهل" خلال السنوات الأخيرة، ما يحتم، حسب الحكومة، التخلي نهائيا عن صيغ كانت وراء زعزعة استقرار التوازن المالي لهذه الهيئة، على رأسها التقاعد النسبي. وقالت مصادر مسؤولة من وزارة العمل إن أهم مقترح ستبنى عليه التعديلات المنتظرة في ملف التقاعد تحريره من شرط السن ابتداء من 62 سنة، وهذا لا يعني أبدا، حسب المصادر التي تحدثت إلينا، الإبقاء على التقاعد دون شرط السن. وبناء على ذلك، فإن الحكومة تفكر جديا في تحديد أدنى سن للتقاعد ب62 عاما، ولا يمكن في أي حال السماح لموظف بأن يستفيد من تسوية وضعيته القانونية تجاه صندوق التقاعد قبل بلوغه الستين، إلا في حالات استثنائية في إطار ما يسمح به القانون، وهو ما يكرس عزم الحكومة إلغاء التقاعد دون شرط السن نهائيا، لوقف الهجرة الجماعية لمستخدمي الوظيف العمومي بعد الزيادات التي عرفتها أجورهم من مختلف الأسلاك والقطاعات. وفي السياق ذاته، قالت مصادرنا إن تعليمة الوزير الأول بإحالة كل من يبلغ الستين على التقاعد إجباريا، خلقت اختلالا كبيرا، وتجاوز عدد الموظفين الذين شملتهم التعليمة، منذ صدورها في نوفمبر 2014، 170 ألف شخص من الوظيف العمومي والقطاع الاقتصادي، وتوقعت مصادر مسؤولة من وزارة العمل أن يصل العدد الإجمالي 200 ألف موظف من القطاعين بداية العام المقبل. وإن كان ظاهر هذه التعليمة ينص على ضرورة تشبيب مناصب المسؤولية بصفة خاصة، وتمكين الشباب من احتلال مناصب عليا تتوافق ومؤهلاتهم العلمية، إلا أن العجز في تسيير هذه المناصب بسبب افتقار هؤلاء للخبرة المهنية خلق تراجعا كبيرا في نوعية الخدمات المرجوة في الوظيفة العمومية، ناهيك عن "الاختلال" الكبير في ميزانية صندوق التقاعد الذي خصص غلافا ماليا كبيرا لمعاشات "متقاعدي سلال"، تضاف إلى الثغرة التي تسبب فيها التقاعد النسبي، وهو ما جعل تعليمة سلال محل انتقاد وسخط خبراء وأخصائيين شددوا على ضرورة التراجع عنها تدريجيا في انتظار إلغائها. ليس هذا فقط، فوزارة العمل التي تعول حاليا على مراجعة منظومة التقاعد، أخذت بعين الاعتبار التغير الكبير الذي طرأ على طبيعة المجتمع الجزائري، حيث ارتفع معدل الأمل في الحياة إلى 75 سنة في الفترة الأخيرة، وهو تطور لا بد لمختلف القوانين المرتبطة بمنظومة العمل بصفة عامة من مسايرته، ومن غير المعقول، حسب مقترح وزارة العمل، إجبار موظف في الستين على بطالة مقنعة تحت مسمى "التقاعد"، فيما هو قادر على تقديم المزيد من جهده وكفاءاته للمجتمع والاقتصاد.