اعتلت وثيقة مراجعة الدستور، التي كشف عن مضمونها وزير الدولة مدير ديوان رئيس الجمهورية، أول أمس، صدارة ترتيب الأولويات في أجندة أحزاب سياسية، اتفقت على توقيع خرجات سياسية وإعلامية، بدءا من اليوم الخميس، "غانمة" مادة دسمة، تراها صالحة التوظيف ضد السلطة. رغم أن معظم الأحزاب السياسية عبرت عن موقفها من فحوى مراجعة الدستور، حتى قبل أن ينهي أحمد أويحيى ندوته الصحفية، الثلاثاء، إلا أن أحزابا أخرى فضلت إفراد المسألة ندوات صحفية، تبدي فيها مواقف، واضح أنها لن تخرج عن مواقف سبق أن أبدتها في سياق "نفي" لجدوى تعديل للدستور، دحرجته إلى مؤخرة ترتيب أجنداتها، وقالت إنه غير ذي أولوية في الوقت الراهن، غير أن "ترسيم" التعديلات، في شاكلة نهائية لدستور 2016، رفع ترتيبه إلى صدارة الأولويات، بعنوان مواجهة "أمر واقع". وبالتوازي مع ذلك، تطلع الأحزاب السياسية على الوثيقة لقياس "قدرها" عند الرئيس، بعد أن منحت مشورتها لمدير ديوانه ضمن مشاورات تعديل الدستور، شهري ماي وجوان 2014. ويعقد عبد الله جاب الله، رئيس جبهة العدالة والتنمية، ندوة صحفية، اليوم الخميس، لإعطاء جرعة انتقاد إضافية لمشروع الدستور، يضيفها إلى موقف جبهته المعبر عنه مباشرة بعد انتهاء أويحيى من ندوته الصحفية، بقوله إن السلطة لم تخرج بعد من منطق دساتير المرحلة. وعلى منوال جاب الله، ينشط جيلالي سفيان، رئيس حزب "جيل جديد"، أيضا ندوة صحفية، السبت، لشرح موقفه من وثيقة تعديل الدستور الجديد، مثلما ستوضح الأمينة العامة لحزب العمال موقف تشكيلتها من الوثيقة في دورة للجنة المركزية للحزب تعقدها، غدا الجمعة. وفي سياق ردود الفعل حيال مشروع الدستور، اعتبرت "جبهة التغيير" أن "السلطة ضيعت على الجزائر، مرة أخرى، فرصة لتحقيق التوافق الوطني بعدم التوصل إلى صياغة توافقية للدستور كما وعد الرئيس في خطابه أثناء توليه العهدة الرابعة". وأفادت "جبهة التغيير"، في بيان لها، أمس، عقب اجتماع المكتب الوطني، بأن "إقصاء الشعب من التعبير عن رأيه حول مشروع تعديل الدستور، بالاكتفاء بمصادقة غرفتي البرلمان، يجعل منه دستور الأغلبية البرلمانية، لا دستور كل الجزائريين". وأوضحت جبهة عبد المجيد مناصرة أن "اعتماد صياغة الفريق الرئاسي، بعد تلقي المقترحات، بدل الصياغة الجماعية من خلال ندوة وطنية جامعة، يجعل منه دستورا توفيقيا إن لم يكن أحيانا تلفيقيا لا دستورا توافقيا". ورغم ذلك، سجل مناصرة أن "كل هذا لا يمنعنا من أن نسجل من حيث المضامين تطورا في بعض التعديلات مقارنة بالدساتير السابقة، خاصة في مجال الحقوق والحريات، وأيضا في دسترة بعض حقوق المعارضة، كما نسجل استجابة لجملة من اقتراحاتنا التي أرسلناها إلى رئاسة الجمهورية ورافعنا من أجلها، ولكن هذا كله لا يجعل منها دستورا توافقيا". كما اعتبرت "جبهة التغيير" أن السنة الجديدة بدأت ثقيلة على المواطن الجزائري، وألقت عليه مزيدا من الضغوط، خاصة ارتفاع الأسعار الذي أضعف قدرته الشرائية، الأمر الذي يلزم الحكومة عدم التهرب من مسؤولياتها تجاه تحقيق العدالة الاجتماعية وحماية الفئات الهشة اجتماعيا". من جهته، قال حزب "عهد 54" إن الدستور الجديد "لم يوضح صراحة وبشكل واضح طبيعة النظام، هل هو رئاسي أم برلماني أم شبه رئاسي، كما أنه لم يحقق استقلالية العدالة الضامنة لدولة القانون، كما أنه لم يضمن تمثيلا حقيقيا للمجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة"، كما عدد حزب فوزي رباعين ما أسماه "تغييب اللجنة المستقلة لمراقبة والإشراف على انتخابات شفافة، وعدم تكريس مجلس دستوري حقيقي لا يعين من قبل الرئيس، وعدم تحييد الجيش عن ممارسة السياسة". وعلى النقيض من ذلك، أوضحت "الحركة الشعبية الجزائرية"، أمس، أنها "تلقت بارتياح المشروع التمهيدي لتعديل الدستور الذي أقره رئيس الجمهورية بعد عدة مشاورات مع جميع الفاعلين السياسيين في الجزائر وكذا ممثلي المجتمع المدني، لاسيما أن الرئيس قد أوفى بوعوده فيما يخص الإصلاحات، مفندا على أرض الواقع جميع الشكوك". وقالت الحركة، في بيان لها، أمس، إنه "تم القبول بمعظم اقتراحاتها التي تقدمت بها خلال المشاورات الأخيرة، والمتمثلة في دعم وتقوية الطابع الديمقراطي والجمهوري للدولة الجزائرية، والحفاظ على مجلس الأمة باعتباره صمام أمان لاستقرار الدولة، ومسؤولية الوزير الأول أمام البرلمان والذي سيتم اختياره عن طريق المشاورة مع الأغلبية البرلمانية، إضافة إلى إنشاء الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات والتي تضمن أكثر شفافية للانتخابات". كما ثمنت حركة عمارة بن يونس "دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية مع إنشاء أكاديمية اللغة الأمازيغية التي تعتبر تتويجا لنضال عدة أجيال".