أفادت مصادر برلمانية بأن إدارة المجلس الشعبي الوطني تتفاوض مع هيئات ومؤسسات وطنية "من أجل تحسين الوضعية الاجتماعية لنواب الشعب"، من خلال اقتراح مراجعة النقطة الاستدلالية للأجور باتجاه الزيادة، وفك عقدة احتساب سنوات التجربة المهنية للنواب القادمين من الشركات العمومية وممارسي المهن الحرة، ضمن سنوات التقاعد. حسب ذات المصادر، فإن هذا الحديث الرائج في كواليس المجلس منذ قرابة الأربعة أشهر، تجدد عشية جلسة التصويت على الدستور، بما فتح شهية ممثلي الشعب في رؤية رواتبهم "تزداد" لتعادل رواتب نظرائهم في السلطة التنفيذية. في هذا الإطار، يقول محمد لحبيب قريشي، النائب عن ولاية ورڤلة، في تصريح ل"الخبر": "آخر محاولة لتمرير هذه التعديلات في سلم رواتب النواب وسنوات التقاعد كانت بمناسبة مناقشة قانون المالية، لكن التعديل المقترح من طرف الموالاة سحب في آخر لحظة بضغط من الحكومة". ويضيف النائب عن ولاية ورڤلة أن سحب المادة المذكورة جاء بعد تأكد تصويت غالبية النواب عليه، ما كان سيحرج الحكومة التي وجدت صعوبة في تمرير قانون المالية، وخشية تأليب الرأي العام عليها. وإذا صحت الروايات المتداولة داخل أروقة قصر ولد خليفة، فإن إدارة المجلس لم تحقق لحد الآن ما أعلنت عنه قبل أسابيع بخصوص تمكين النواب وذويهم من الاستفادة من تخفيض خدمات أسعار النقل لدى شركة الخطوط الجوية الجزائرية (تصل نسبتها إلى 50 بالمائة)، فضلا عن تمكين ممثلي الشعب وذويهم من العلاج المجاني بمستشفى عين النعجة العسكري. وحسب حبيب زقد، النائب عن ولاية ميلة، فإن "كل هذا لم يتحقق، رغم الحملة المكثفة التي كان يقوم بها نواب الموالاة"، مقدرا بأن "السكوت عنها عشية تعديل الدستور قد يكون مرتبطا بشكل أساسي بالخوف من ردة الفعل الشعبية ووسائل الإعلام على قرارات مثل هذه". ويذكر أن مجلس الأمة رفع منحة الإسكان لأعضائه سنة 2013، لكن موجة الغضب التي اندلعت عند نظرائهم في المجلس الشعبي الوطني، دفعت بعبد القادر بن صالح إلى تجميد القرار وإصدار آخر باقتطاع ما تم تصرفه لفائدة السيناتورات من رواتبهم. في نهاية ذات السنة، بادر ما لا يقل عن 200 نائب من الموالاة بالغرفة الأولى بعريضة بعثوا بها إلى الرئيس بوتفليقة يطالبون برفع رواتبهم إلى 37 مليون سنتيم والحق في الحصول على جواز سفر دبلوماسي، غير أن الرئاسة ردت عليهم بالرفض، مثلما رفض زملاؤهم في المعارضة المطلب ووصفوه بالمستفز للشعب. وتؤكد مصادر مطلعة أن ممثلي الشعب احتجوا –ويحتجون- على رفع الحكومة قيمة النقطة الاستدلالية لرواتب الوزراء من 19 إلى 25 دينارا سنة 2014، ومنذ ذلك الحين، تسري وسط هؤلاء انتقادات لما رأوا فيه "تقاعسا" من جانب ولد خليفة وبن صالح في الدفاع عن حقوقهم. ورغم التكفل التام بإقامة وإطعام ممثلي الشعب بفنادق العاصمة، يومي السبت والأحد، فإن الكلام الذي سيطر على ألسنة النواب يوم أمس، لم يستثن "رغبة" في الاستجابة لمطلب رفع الأجور، في شكل "بركة" التصويت على الدستور! وتعود آخر زيادة في أجور نواب الشعب إلى شهر جويلية 2008، ثلاثة أشهر فقط قبل عرض تعديل الدستور جزئيا على غرفتي البرلمان، وقد صوت نواب الغرفة السفلى يومها بالأغلبية على مشروع القانون المتضمن الموافقة على الأمر المتعلق بعضو البرلمان، وجاءت تلك الزيادة بأمر رئاسي في فترة ما بين الدورتين، تضمنت رفع النقطة الاستدلالية للمنحة القاعدية الشهرية للنائب إلى 15 ألفا و505 نقطة، ما يمثل 30 مرة الأجر الوطني القاعدي المضمون. بعض النواب المتفائلين يبشرون بأن "وضعيتهم الاجتماعية" ستتحسن قريبا، بعد أن تنتهي إدارة المجلس الشعبي الوطني من تطهيره من الممارسات "المشينة"، وخاصة فيما يتعلق بما يعرف بأزمة السيارات المختفية منذ 1997، التي احتفظ بها نواب وإطارات سابقون، وعددها 46 سيارة.