أعلنت مصالح رئاسة الجمهورية عن تنقل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، إلى مدينة جنيف السويسرية، للخضوع ل"فحوصات طبية دورية". يأتي ذلك عقب أسبوعين من ظهور الرئيس بوتفليقة في حالة صحية هشة وهو يستقبل الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، متسببا في إحياء الجدل حول حقيقة وضعه الصحي ومقدرته على الحكم. "لوموند": تكلفة إقامة رئاسية في مستشفى فرنسي 300 ألف أورو ذكرت رئاسة الجمهورية، في بيان لها أمس، أن الرئيس بوتفليقة توجه، أمس الأحد، إلى مدينة جنيف السويسرية، في "زيارة خاصة" سيخضع خلالها ل"فحوصات طبية دورية". ولم يشر بيان الرئاسة الذي جاء مقتضبا ولم يتجاوز 25 كلمة، إلى تفاصيل عن طبيعة هذه الفحوصات أو تشخيص ما يعانيه الرئيس بوتفليقة، رغم أنه حمل في طياته فكرتين هامتين. وتتحدث بعض المصادر غير المؤكدة عن تواجد الرئيس بوتفليقة في جنيف منذ مساء الأربعاء الماضي. الفكرة الأولى أن الرئيس بوتفليقة اختار هذه المرة سويسرا للخضوع لفحوصاته الطبية. وعلى الرغم من أنه سبق له أن سافر إلى سويسرا في إطار رحلته العلاجية الطويلة التي تمتد ل4 سنوات، إلا أن السياق الحالي للعلاقات الجزائرية الفرنسية قد يجعل من هذا الخيار مقصودا لتفادي التأويلات التي تظهر عقب كل سفر علاجي يقوم به الرئيس بوتفليقة إلى فرنسا. كما أن وجود بوتفليقة في فرنسا، في ظل العلاقة السيئة بين السلطات الجزائرية والصحافة الفرنسية، سيكون مغامرة كبيرة تحسبت لها على ما يبدو مصالح الرئاسة، فنزوله في مستشفى فرنسي سيساهم في تسليط الضوء أكثر على مرض بوتفليقة واستغلال ذلك ربما في إحراج السلطات الجزائرية من جديد حول حقيقة وضعه الصحي الذي تتكتم عليه. وكانت جريدة "لوموند" التي أثارت غضب السلطات الجزائرية مؤخرا، قد عادت في تحقيق لها عن الرؤساء الأفارقة الذين يأتون للعلاج في فرنسا، إلى حالة الرئيس بوتفليقة الذي تنقل بين مستشفى فالس دو غراس وليزانفاليد وعيادة ألمبرت في غرونوبل. وذكرت بوتفليقة في سياق مجموعة من الرؤساء والملوك الأفارقة، بينهم الرئيس الإيفواري الحسن واتارا والملك المغربي محمد السادس، والرئيس الكاميروني بول بيا، والرئيس المالي إبراهيم بوباكار كيتا. ومن بين الأسرار التي كشفتها الجريدة أن تكلفة ذهاب وإياب طبي على متن الطائرة 120 ألف أورو، أما تكلفة إقامة رئاسية في مستشفى باريسي فقد تصل إلى 300 ألف أورو. عدا ذلك، لا يمكن تصور ذهاب بوتفليقة إلى باريس أو غرونوبل، بعد الحملة التي شنها موالوه على فرنسا عقب الصورة التي نشرها مانويل فالس واعتبرت مسيئة لشخص الرئيس، وفعلا انتقاميا منه ضد الجزائر بسبب خيبته من ضعف العقود التي افتكتها بلاده من الزيارة. وفي هذه الحالة، فإن ذهاب بوتفليقة للاستشفاء في فرنسا، يعني أنه لا يقيم أي وزن لأنصاره وسيتسبب لهم في حرج بالغ سينزع تماما عن اتهاماتهم لفرنسا أي مصداقية. أما الفكرة الثانية التي حرصت رئاسة الجمهورية على تمريرها، هي أن هذه "الفحوصات دورية"، أي أنها لا تتعلق بوضع خطير استدعى نقله إلى الخارج، وإنما متابعة عادية لوضعه الصحي، دأب الرئيس على القيام بها عدة مرات مثلما يتطلبه ذلك العلاج الكثيف الذي يخضع له تحت إشراف أطبائه الجزائريين والفرنسيين والسويسريين. وتريد الرئاسة من وراء ذلك قطع دابر الإشاعات التي ترافق في كل مرة رحلات بوتفليقة العلاجية، إذ غالبا ما تظهر أخبار من صحف أجنبية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، تسوق إشاعة وفاة الرئيس، وتضطر الرئاسة أمام تضخم الإشاعة وتمددها إلى التفنيد على طريقتها بإظهار الرئيس وهو يستقبل موفدا أجنبيا أو وزير الخارجية الجزائري السابق الأخضر الإبراهيمي سابقا. ويصبح هذا التوضيح أكثر إلحاحا اليوم، بعد الصور والفيديوهات التي نشرت للرئيس بوتفليقة في استقبال الوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، والتي بدا فيها في حالة صحية صعبة للغاية، شاردا غائر العينين، بالكاد يستطيع التمتمة بكلمات قليلة، وهو ما تسبب في ما يشبه الصدمة للكثير من الجزائريين ظهرت في تفاعلهم الواسع مع الموضوع في مواقع التواصل الاجتماعي. أما سياسيا، فقد تسببت هذه الصور في إحياء الجدل المتعلق بصحة الرئيس وقدرته على الحكم ومدى إمكانية تطبيق المادة 102 من الدستور (88 في الدستور السابق) التي تثبت المانع الصحي على الرئيس. وكان هذا النقاش قد خفت في الساحة السياسية بعد أن صار الوضع الصحي للرئيس بوتفليقة أمرا واقعا، اضطرت المعارضة للتعامل معه لاعتقادها باستحالة تحرك مؤسسات الدولة المعنية في إعلان شغور منصب الرئيس الذي تنادي به