تحتضن الجزائر اليوم الخميس، اجتماعا لوزراء خارجية دول الجوار الليبي. ويندرج الاجتماع في سياق جهود الجزائر الدبلوماسية المكثفة من أجل الدفع بمسار التسوية السياسية للأزمة التي يعيش على وقعها البلد الجار منذ سنوات، وذلك عن طريق "الحوار الشامل" بين مختلف الأطراف الليبية. ويهدف هذا اللقاء الموسع الذي سيعرف مشاركة وزراء خارجية كل من الجزائر وتونس ومصر والسودان وتشاد والنيجر بالإضافة إلى وزير خارجية مالي (نظرا لتداعيات الأزمة الليبية على هذا البلد الجار)، إلى تدعيم التنسيق والتشاور بين بلدان الجوار الليبي والفاعلين الدوليين، من أجل مرافقة الليبيين للدفع بمسار التسوية السياسية للأزمة، عن طريق الحوار الشامل بين مختلف الأطراف الليبية، لتمكين هذا البلد الشقيق من تجاوز الظرف العصيب الذي يعيشه وبناء دولة مؤسسات يعمها الأمن والاستقرار، حسبما أكدته وزارة الشؤون الخارجية. وسيتم خلاله، استعراض التطورات الأخيرة الحاصلة في ليبيا، على ضوء المساعي التي ما فتئت الجزائر تبذلها تجاه المكونات الليبية والأطراف الدولية الفاعلة، ونتائج الجهود الدولية الأخرى في هذا الإطار، لتمكين الأشقاء في ليبيا من الأخذ بزمام مسار تسوية الأزمة في بلدهم بعيدا عن أي تدخل أجنبي من أي كان ومهما كانت طبيعته. ويضاف هذا الاجتماع - الذي يعقد بمبادرة من الجزائر - إلى سلسلة المبادرات الدبلوماسية التي قامت بها الدولة الجزائرية مؤخرا من أجل إعادة بعث مسار التسوية في ليبيا، وشددت من خلالها على ضرورة "العودة السريعة إلى طاولة المفاوضات" مع التأكيد على رفض أي تدخل أجنبي في شؤون هذا البلد. وتحرص الجزائر دائما على البقاء "على مسافة واحدة" من كافة الفرقاء، بحيث لم تذخر جهدا في تقريب وجهات النظر فيما بينهم ومد جسور التواصل مع كل الفاعلين في هذا البلد، كما لم تتردد في دعوتهم إلى تغليب لغة العقل والانخراط في المسار السلمي في حل الأزمة. ويأتي هذا اللقاء في ضوء مخرجات ندوة برلين الدولية حول الأزمة الليبية - التي انعقدت يوم الأحد الماضي، بالعاصمة الألمانية برلين بمشاركة 11 بلدا من بينها الجزائر، والتي شددت على "الدور الأساسي لبلدان الجوار في تسوية الأزمة الليبية". وانطلاقا من روح التضامن مع الشعب الليبي الشقيق، وبهدف التنسيق والتشاور مع كل الأطراف الليبية ودول الجوار، بادرت الجزائر في مايو 2014 بإنشاء "آلية دول جوار ليبيا" التي عقدت أول اجتماع لها بالجزائر، واحتضنت منذ مارس 2015 العديد من جولات الحوار بين قادة الأحزاب السياسة الليبية ضمن مسارات الحوار التي كانت تشرف عليها الهيئة الأممية. ويجمع دول الجوار الليبي على ضرورة الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها، والتمسك بالحل السياسي للأزمة تحت إشراف الأممالمتحدة، مع احترام الاتفاق السياسي لعام 2015 باعتباره الإطار الأمثل لذلك، والدفع نحو تطبيقه بواسطة الليبيين أنفسهم ورفض كافة أشكال التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لليبيا وكذا تنفيذ كافة عناصر خطة العمل من أجل ليبيا التي قدمها المبعوث الخاص للأمم المتحدة، غسان سلامة، واعتمدها مجلس الأمن الدولي في 10 أكتوبر 2017.