يستغرب كل من يسمع لشهادات الناجين من الموت ممن اختطفوا على يد قراصنة صومال، مسلمون ويتكلمون العربية،إلا ان لغتهم الوحيدة هي"الدولار"، ف"الأخوة في الإسلام"لم يرحموا إخوتهم،يتركونهم يموتون جوعا ويحرمونهم من الشرب ويمنعونهم من المبيت في غرف الباخرة،و يحرمونهم حتى من تجميع مياه الأمطار لشربها. أخذ البحارة المفرج عنهم،ما يكفيهم من راحة بسبب الظروف المأساوية التي عاشوها في الاحتجاز،قبل أن يطلقوا تصريحات صحفية بالعودة بذاكرتهم قليلا إلى الوراء،فاجمع البحارة الجزائريون بان ظروف احتجازهم كانت "مأساوية"و"غير إنسانية" لمدة زادت عن عشرة أشهر في قبضة قراصنة في الصومال. وحسب إسماعيل ادرير و علامات التأثر بادية عليه بعد هذا الاحتجاز الذي بدى و كأنه دام"دهرا"يوم هجوم القراصنة على السفينة. إذ أكد في هذا الخصوص "أن الساعة حينها كانت الثانية زوالا عندما ظهرت مجموعة من القراصنة من العدم مدججين بالسلاح على متن زوارقهم و اقتربوا من باخرتنا و قاموا مباشرة بتوقيفها". و نفس الحالة من التأثر كانت لدى سعداوي سفيان الذي قال بأنه عاش في دوامة من"القلق"طول فترة احتجازه. حيث اعتبر أن الأشهر العشرة التي قضاها في الحجز كانت"عذابا نفسيا باتم معنى الكلمة"بما أن احد أخوته كان قد وافته المنية في حادث غرق سفينة سنة 1978. أما صديقه إسماعيل كحلي الذين كان محاطا بأفراد من عائلته فقد اعتبر الظروف التي كان يعيشها مع البحارة الآخرين"بالمزرية"و"المأساوية"و تابع سرد يومياته قائلا"بان القراصنة كانوا يمنعوننا من النوم ويسيؤون معاملتنا لقد كنا نقضي الليل على سطح الباخرة حيث كانوا يمنعوننا من النوم داخل الغرف". كما أكد المعنيون أن القراصنة منعوهم حتى من تجميع مياه الأمطار من اجل الشرب،وكانوا يشربون مياه ملوثة مزوجة بالمازوت. ويقول المتحدث أن القراصنة أجبروهم على الصوم ثلاثة أيام ،قائلا"إنهم كانوا يهددوننا يوميا بالموت و يمنعوننا حتى من الصلاة لقد كنا محتجزين" بادلا جهدا جهيدا لتمالك نفسه أمام بناته. كما أشار إلى أن الأيام الأكثر صعوبة تتمثل في أيام الأعياد التي كانت"عذابا"بالنسبة لمجموع البحارة الذين فقدوا الأمل في لقاء ذويهم في يوم من الأيام. من جهته،شدد كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية المقيمة بالخارج حليم بن عطا الله أن الجزائر لم تسلم أي فدية لقاء إطلاق سراح البحارة الجزائريين الذين كانوا محتجزين من طرف قراصنة في الصومال وعادوا أول أمس إلى بلادهم سالمين،وقال أن الرهائن الجزائريين ال17 تم إطلاق سراحهم بفضل وسائل مختلفة بما فيها تعاون دول صديقة في إطار مكافحة الإرهاب. وأوضح بن عطا الله،أن عائلات البحارة التي تحلت ب"صبر كبير و أبدت تفهما و ثقة في دولتها".مشيرا إلى تجاوز المحنة وافتكاك الإفراج عن الرهائن تدريجيا، ومن جهته،أكد وزير التضامن الوطني سعيد بركات ان الرئيس بوتفليقة قد تابع"عن كثب"قضية البحارة الجزائريين الذين عادوا إلى ارض الوطن بعد احتجازهم لمدة حوالي 11 شهرا من طرف قراصنة صوماليين. و صرح بركات ان"الدبلوماسية الجزائرية قد تمكنت من الحصول على إطلاق سراح البحارة بفضل اهتمام و نصائح رئيس الجمهورية الذي لم يتوقف قط عن متابعة هذه القضية عن كثب". مؤكدا أن الدبلوماسية الجزائرية "عرفت بفضل مهارتها وشجاعتها و مثابرتها كيف تعالج مع بلدان صديقة هذه القضية" مؤكدا أن الجزائر لم "تتخل أبدا عن أبنائها حيثما وجدوا ومهما كانت الصعوبات". وكانت الطائرة الخاصة المقلة للرهائن المفرج عنهم،حطت رحالها أول أمس بمطار بوفاريك العسكري،أين استقبلتهم عائلاتهم التي لم تصدق رؤية ذويها ينزلون من الطائرة فانهمرت دموعهم فرحا وسعادة على النهاية السعيدة التي شهدها مسلسل الاختطاف كان أبطاله قراصنة صومال،مسلمون ويتكلمون العربية،لكن قلوبهم خلت من الرحمة.