شكل المسار السياسي للراحل محمد الصديق بن يحيى ودوره في انجاح الدبلوماسية الجزائرية موضوع ندوة تاريخية نظمتها اول امس الاثنين بالجزائر العاصمة جمعية مشعل الشهيد بمناسبة الذكرى الثلاثين لوفاته في حادث طائرة و الوفد المرافق له بينما كانوا في مهمة وساطة بين ايران و العراق . و أجمع المشاركون في الندوة التي احتضنها منتدى المجاهد احياء للذكرى الثلاثين لرحيل بن يحيى (03 ماي 1982) على الدور البارز والهام الذي لعبه السفير والوزير الاسبق للشؤون الخارجية لإعلاء مكانة الجزائر الديبلوماسية واصفين اياه ب"الدبلوماسي المحنك"ورجل"المواقف والنضالات". و في هذا الاطار وصف وزير الاتصال ناصر مهل الدبلوماسي محمد الصديق بن يحي بالرجل"البيداغوجي"و الانسان "المستقيم"مضيفا في تدخله أن الرجل الذي عرفه في اطار عمله كصحفي بوكالة الانباء الجزائرية كان مثالا للاستقامة والالتزام. و دعا وزير الاتصال بالمناسبة الى تكريم و اعادة الاعتبار الى الشخصيات الوطنية التي صنعت مجد وافتخار الجزائر قبل وبعد الاستقلال. و من جهته أشاد الوزير الاسبق للشؤون الخارجية محمد الصالح دمبري بالدور الدبلوماسي الذي لعبه بن يحيى قبل وبعد الاستقلال مشيرا الى ان الراحل كانت له "نظرة واسعة وعميقة عن العلاقات الدبلوماسية بين البلدان وعلى جميع الاصعدة. و أشار المتحدث الى أن الراحل محمد الصديق بن يحيى كان من"المناهضين الاوائل"للامبريالية العالمية والهيمنة الاقتصادية الامريكية وكذا التناقضات التي تشوب القانون الدولي والعلاقات بين الدول. أما السفير السابق الصالح بن قبي فقد أوضح من جهته أن محمد الصديق بن يحيى يعد من اهم المناضلين و المفاوضين البارزين من أجل استقلال الجزائر. و أضاف بن قبي الذي كان صديق الراحل أن بن يحيى كان من الطلبة الاوائل الذين التحقوا بالحركة الوطنية ثم بعدها بالثورة التحريرية المظفرة مضيفا أنه كان عضوا نشيطا في الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين و من بين الوفد الجزائري في أول المؤتمر الافرو-اسيوي الذي انعقد في باندونغ إندونيسيا 1955 بمناسبة الذكرى الاولى لانعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز. و ذكر بن قبي أن المرحوم تقلد بعد إستقلال البلاد مهام و مسؤوليات سامية في الدولة أخرها وزير للشؤون الخارجية التي عرفت الدبلوماسية الجزائرية عصرها الذهبي في عهده كما كان له دور كبير في انجاح مؤتمر بلغراد لدول عدم الانحياز (1961) ومؤتمر الوحدة الافريقية (1963) وكذا بمؤتمر دول عدم الانحياز الذي انعقد بالجزائر في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين (1979). و لما كان الفقيد على رأس قطاع الثقافة والإعلام نظم بصفة محكمة و جيدة المهرجان الثقافي الإفريقي الأول عام 1969 وهي التظاهرة التي"سمحت"بمصالحة إفريقيا السوداء مع العالم العربي. كما سمحت- يضيف نفس المتدخل- المحاضرات و الملتقيات التي نظمت خلال هذا المهرجان بتقارب الأطروحات بين الجانبين مبرزا أن هذا التقارب "إستفادت منه القضية الفلسطينية بعد أن أصبحت و لأول مرة إفريقيا كلها تساند القضايا العربية و في مقدمتها القضية الفلسطينية". محمد الصديق بن يحيى الذي ولد بولاية جيجل في 30 جانفي 1932 متحصل على شهادة الليسانس في الحقوق من جامعة الجزائر (1953) كان من المساهمين الكبار في انجاح اضراب الطلبة في 19 ماي 1965 . و اضافة الى مشاركته في مفاوضات ايفيان عين سفيرا في عدة بلدان من بينها بريطانيا و روسيا بعد الاستقلال. كما تقلد الصديق بن يحيى وزارة الاعلام ووزارة التعليم العالي تولى حينها مهام اصلاح القطاع ولعلى من أكبر الملفات التي أسندت له عندما تقلد منصب وزير الخارجية هو ملف تحرير الرهائن الامريكيين في طهران في 1979. توفي محمد الصديق بن يحي يوم 3 ماي 1982 في حادثة انفجار الطائرة التي كانت تقله رفقة إطارات من وزارته ومجموعة من الصحفيين باتجاه إيران للقيام بوساطة في النزاع الحدودي بين طهران و بغداد.