أكد المؤرخ الفرنسي جيل مونسيرون بأن اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها في اغتيال موريس أودان المناضل من أجل القضية الجزائرية خطوة مهمة لكنها تبقى ناقصة ما لم تعترف بمصير آلاف الجزائريين الذين اختفوا في نفس ظروف أودان خلال تلك الحقبة. وقال مونسيرون ، أول أمس، خلال نزوله ضيفا على الإذاعة الوطنية ، بأن الإعتراف مهم لكن قبل طي الصفحة يجب أن نقرأ، يجب قراءة تاريخ الإستعمار الفرنسي وأعمال العنف الذي ميزته منذ احتلاله عام 1830 وخاصة خلال حرب التحرير حيث كانت أعمال العنف منظمة مع ممارسة التعذيب من طرف الجيش الفرنسي . وأضاف: من هذا الجانب فإن اعتراف الرئيس إيمانويل ماكرون بخصوص موريس أودان بوجود نظام ممنهج سمح بممارسة التعذيب هو إعتراف مهم، لكنه لا يخص موريس أودان فقط، بل هذه القضية تعني آلاف الجزائريين الذين فقدوا في نفس الظروف، بعضهم قتل وبعضهم لم يتم العثور عليه، وهذا هو عمل المؤرخين. ولقد أنشأنا موقعا إلكترونيا ليقدم لنا ذوو المفقودين الذين تعرضوا لنفس ظروف ومعاملة أودان، ليقدموا لنا معلومات عنهم ليتم التعريف بهم للفرنسيين الذين يعرفون موريس أودان لكنهم لا يعرفون شيئا عن آلاف الجزائريين الذين فقدوا في نفس ظروف المناضل الفرنسي. وحول هذه النقطة أكد ضيف القناة الأولى أن الرأي العام الفرنسي يجهل كثيرا تاريخ الإستعمار الفرنسي في الجزائر، مشيرا إلى أنه خلال هذه الحقبة كان هناك أكاذيب حول الأعمال الإستعمارية في الجزائر. ويرى المؤرخ الفرنسي بأنه يجب علينا – كمؤرخين وباحثين- أن نمحو هذا الجهل من خلال تقديم المعلومة الصحيحة للجمهور، وهذا هو عمل المؤرخين والكتاب لتقديم صورة مغايرة ومخالفة لما قدم خلال تلك الحقبة. وبحسبه فإن كتابة التاريخ حدث مهم وعمل ينكب عليه مؤرخون شباب في الجامعات الفرنسية حيث يساهمون في كتابة التاريخ. و لاحظ أن هناك فرقا بين الكتابات والأبحاث التاريخية التي أجريت منذ عشرين سنة مع ما يحدث اليوم هناك أعمال أكثر وندوات أكثر ومنتديات أكثر. المؤرخون الجزائريون هم في نفس الورشة مع نظرائهم الفرنسيين ويشتغلون من أجل القضية ذاتها، وهناك تبادلات منتظمة سواء هنا في الجزائر أو في فرنسا على حد تعبيره. وبشأن قضية الأرشيف الجزائري الموجود بفرنسا، أبرز المؤرخ الفرنسي جيل مونسيرون أهمية أن يكون في متناول المؤرخين الجزائريين الأرشيف الذي يتناول تاريخ بلدهم، داعيا إلى ضرورة تسهيل مهمة الوصول إليه. وأوضح في هذا الشأن في فرنسا الحصول على الأرشيف هي مسألة ديمقراطية يطرحها المؤرخون وبعض المواطنين الذين يطالبون بأن يكون هذا الأرشيف في متناول الجميع. مثلا وجدنا في بعض الأرشيف وثائق سمحت لنا بتنوير الرأي العام حول مصير موريس أودان في 1957، وهناك أيضا ضحايا من جانب الجزائريين. كما عثرنا على وثائق وضعناها في الأنترنيت تتعلق بالمفقودين خلال معركة الجزائر. مع ذلك فإن هذا التطور يبقى ناقصا والحل هو أن يتم استرجاع الجزائر للأرشيف الذي يخصها .