تشتد برودة الطقس في هذه الأيام، وتتفاقم معها معاناة آلاف المشردين يفترشون الأرض وينامون عند مداخل البنايات وتحت الجسور، وهو حال الكثير من الاشخاص تراهم، ملتحفين رداء من قماش لا يقيهم حتى من البرد، و البعض يفترش الطرق ليلا ويبحث نهارا بين القمامات عن شيء يأكله، ….، فيما يبحث آخرون عن زاوية للاختباء و الاحتماء بها من قساوة الطقس وهو ما وقفت عليه السياسي خلال خرجاتها الاستطلاعية في شوارع العاصمة، حيث اطلعت على الواقع المرير، الذي يطبع يوميات و ليالي هذه الفئة الهشة من المجتمع، لتكشف عن حياة ممزوجة بين معاناة هؤلاء الأشخاص و بين العمل التطوعي و الخيري لذوي النوايا الحسنة من الشباب الذين يمدون يد المساعدة و العون لمحاولة التخفيف من شدة برد الشتاء على المشردين. مشردون يعانون في صمت ! لا تخلو الشوارع و الأحياء من المشردين، بحيث لا يعتبر انتشارهم بالأمر الجديد بالنسبة للمجتمع، فانتشارهم يزداد يوما بعد يوما، أين نجدهم يغزون محطات النقل و الساحات العمومية امتدادا إلى أماكن أخرى و التي توفر لهم الحماية من الأمطار و البرد و غيرها ، إذ يختار غالبيتهم أماكن مغلقة على غرار الجسور الإسمنتية العملاقة للاحتماء تحتها و هو ما نشهده بصفة يومية ، أين يرتحل عشرات المشردين نحو هذه الأخيرة رفقة معداتهم المتمثلة في أغطية و أفرشة و ألبسة رثة و التي قد توفر لهم شيء من الدفء ، و بين هذا و ذاك تعتبر الجسور مكانا ملائما لغالبية المشردين بحيث تقيهم من الأمطار ، غير أنها لا توفر لهم الدفء إذ يتسلل هذا الأخير إليهم و ينخر أجسادهم ، حيث ينتظر المشردين شتاء قاس ، في ظل غياب جهات تتكفل بهم ، أين يقضي المئات إن لم يكونوا الآلاف عبر مناطق الوطن وضعا صعبا بصراعهم مع قساوة الفصل و حياة التشرد التي تفرض نفسها عليهم . شوارع العاصمة تحتضن آلاف المشردين ففي شوارع العاصمة ، يختار بعض المشرّدين النوم على مقربة من الأفران طلباً للدفء في ليالي البرد. حياتهم لا تختلف عن مشرّدين آخرين ربما، ويختار مشرّدون آخرون محطات الحافلات وسيارات الأجرة على غرار محطة المسافرين بالقبة و الشراقة و محطة خروبة هذا المكان الذي يعج بالمسافرين يعد مكاناً آمناً. هؤلاء يضعون بقايا علب كرتون على الأرض، بعدما يختارون إحدى زوايا المحطة ففي هذا المكان، يجدون الملجأ والمسكن غير الدائم، بعدما تخلت عنهم عائلاتهم أو قست عليهم الظروف. الحدائق العمومية ومحطات النقل .. الملاذ غير الامن ! وعلى غرار ذلك وكما جرت العادة خلال فصول السنة، فإن غالبية المشردين يختارون الحدائق العمومية لتكون ملجأ لهم، أين ينتشر بزوايا هذه الأخيرة عشرات المشردين قد تصل لحد توافد عائلات بأكملها لقضاء الليل بها بحثا عن مكان منعزل يخفيهم عن الأنظار ، لتكون الحدائق العمومية وجهتهم الأولى التي يقضون بها ساعات الليل و النهار ، و لا تخلو الحدائق العمومية هاته من قساوة الطبيعة المصاحبة لفصل الشتاء ، أين البرد الشديد و انخفاض درجات الحرارة هو السيد ، و هو من يفرض منطقه على المشردين ، و بالرغم من أن البعض من المشردين يمتلكون أفرشة و أغطية و ألبسة ينقلونها معهم أينما ارتحلوا و حلوا ، غير أن ذلك لا يكفي بمبيتهم في العراء وجها لوجه مع البرد الشديد الذي يطوقهم من كل الجوانب ، إذ لا تخلوا يومياتهم من البرد و الصقيع الذي لا يفارقهم ليل نهار في يومياتهم بفصل الشتاء القاسي أين تنتظر المشردين بالحدائق العمومية حياة البؤس التي ترافقهم في الأصل مع حياة التشرد . البنايات المهجورة والجسور ملجأهم أيام البرد ! وبين هذا و ذاك ، فحياة التشرد لا تقتصر على الحدائق العمومية و محطات نقل المسافرين فحسب ، لتمتد إلى أماكن أخرى مغايرة تماما ، على غرار السكنات الغير المكتملة و العمارات و ما شابه ذلك من أماكن على غرار الجسور، ، إذ يرتحل المشردون بحثا عن مكان قد يقيهم برودة الطقس الشديدة ، ليجدوا من السكنات و العمارات الغير المكتملة ملجأ آ خر لهم ، أين يتهافتون عليه لقضاء أوقاتهم هنالك بحثا عن شيء من الدفء و الذي قد لا يحصلون عليه مطلقا نظير الأوضاع المزرية التي تعترضهم بدء من غياب النوافذ و الأبواب بالسكنات الغير المكتملة و التي يتسلل منها البرد إلى أجسادهم التي تحاول مقاومة و مجابهة البرودة الشديدة و خاصة لدى سوء الأحوال الجوية أين يزيد الأمر من معاناتهم بفرض البرد منطقه عليهم ، بحيث و رغم تسلحهم بالملابس و الأفرشة غير أن ذلك يبقى دوما غير كافيا ، فحياة التشرد تعني التشرد بكل ما تحمله الكلمة من معنى ما يقابلها الحرمان من الدفء العائلي و العيش في كنف قساوة الطقس و تحمل مشاق اليوم الشاق بما فيه البرد الشديد و الليالي الشتوية الطويلة و التي تحمل في طياتها برودة شديدة ما يحول يوميات المشردين إلى معاناة كبيرة. عائلات بأكملها في عالم التشرد !! هذا و لم تقتصر حياة التشرد على الأفراد و المجانين فحسب لتمتد إلى عائلات بأكملها تعيش حياة التشرد ، إذ ما يلفت الانتباه عبر شوارع العاصمة و كبرى المدن بأغلب مناطق الوطن هو الانتشار الملفت لهذه العائلات و التي تعيش حياة التشرد ، إذ يتوزع الأمر بين أم مشردة رفقة أطفالها ، إلى امرأة و زوجها وصولا إلى الأب و الأم و الأطفال ، لنجد هذه الفئة هي الأخرى بين أحضان الشارع وسط ما يسمى بالتشرد ، و تقضي هذه العائلات يومياتها القاسية إما بين الأزقة و كبرى الشوارع و الساحات العمومية و الحدائق ، و تبحث دوما عن زاوية تختبئ بها على غرار محطات الحافلات و التي لم تسلم من لجوء العائلات المتشردة إليها بحثا عن مكان فحسب ، بحيث لم يعد يقتصر ما يسمى بحياة التشرد على الأفراد فحسب ليشمل أيضا عائلات بأكملها فرضت عليها الظروف المعيشية و الاجتماعية هذا النمط من المعيشة ليكون التشرد جزءا من حياتهم اليومية ، و مع اقتراب فصل الشتاء البارد تزداد معاناة هؤلاء و تتضاعف إلى مستويات كبيرة ،و خاصة بالنسبة للعائلات التي تحمل في كنفها أطفال رضع ، أين يستوجب عليهم توفير الحماية و الدفء لهم. وبين هذا و ذاك تقوم الجهات المختصة المتمثلة في وزارة التضامن الاجتماعي و شؤون الأسرة و قضايا المرأة ، بجهود حثيثة للتكفل أمثل بهذه الفئة ، إذ تقوم بتوفير المأكل و الملبس لهم ، كما تقوم في بعض الأحيان بإيوائهم في فصل الشتاء ، غير أن ذلك يبقى أمرا غير كافيا بالنسبة للمشردين ، إذ تحتاج هذه الفئة إلى ما هو أكثر مقارنة بوضعهم البائس ، و يقابل هذا التكفل الذي تقوم وزارة التضامن الاجتماعي و شؤون الأسرة أعدادا هائلة من المشردين موزعين بكل مكان ، ما يصعب البحث عنها و الوصول إليها ، إذ لا تكاد تخلو زاوية منهم ، كما تنتشر هذه الفئة بمنأى عن الأنظار ليصبح العثور عليهم و التكفل بهم أمرا شبه مستحيلا ، لتبقى خدمات التضامن الاجتماعي ضئيلة مقارنة بوضع و عدد المشردين و انتشارهم عبر المناطق وهو ما اعربت عنه العديد من الجمعيات و المجموعات التطوعية التي تقوم بتوزيع الوجبات الساخنة على الكثير من هؤلاء الاشخاص بدون مأوى طيلة فترة البرد. الجمعيات الخيرية تتحرك لكن ! وعليه تحاول بعض الجمعيات الخيرية مساعدة المتشردين بدون مأوى ولو بالقليل، وهذا من خلال توزيع وجبات ساخنة عليهم ليلا، وبعض الأفرشة والأغطية،فبالرغم من أن هذه الالتفاتات تبقى طيبة إلا أنها ضئيلة مع برودة الطقس، بحيث نجدهم عرضة للأمراض الشتوية وحتى الموت من شدة البرد القارس، بحيث عادة ما تتصادف بمشردين في حالة متدهورة من شدة البرد واكتسابهم لأمراض شتوية حادة كالسعال والزكام وحتى الأمراض الخطيرة كمرض السل نتيجة الحالة المزرية التي يتجرعونها عبر الأرصفة . الجزائر الخير تطلق حملتها عبر 40 ولاية هذا وقد شرعت الجمعية الوطنية جزائر الخير الناشطة عبر أكثر من 40 ولاية على مستوى الوطن في توزيع الوجبات الساخنة مطلع الأسبوع ، بحيث قام المتطوعون بالانتشار عبر كبرى شوارع العاصمة على غرار بور سعيد و ساحة الشهداء و زيغود يوسف و العربي بن مهيدي ، و هو ما أشار إليه عيسى بن لخضر رئيس في اتصال للسياسي ، و الذي أطلعنا بأنه تم توزيع خلال هذه الخرجة 100 وجبة ساخنة على المشردين و الأشخاص بدون مأوى ، و أشار المتحدث بأن الجمعية سوف تقوم بالخرجات الليلية بشكل يومي بالعاصمة و توزيع الوجبات الساخنة و ستضاعف عدد الوجبات لاحقا فيما أن تبقى الولايات الأخرى تقوم بتوزيع الوجبات يوم بيوم أو مرتين في الأسبوع إلى مرة في الأسبوع ، كما أشار بأن مكاتب الجمعية تقوم بالأمر عبر ولايات الوطن و ذلك طيلة فصل الشتاء. بن لخضر:اكثر من 80الف مشرد عبر الوطن و من جهته أشار محدثنا-رئيس جمعية جزائر الخير- بأنه و حسب إحصائيات أخيرة فإن عدد المشردين في الجزائر يتجاوز 80 ألف مشرد عبر الوطن و ربما يكون أكثر بحيث لا تتوفر إحصائيات دقيقة غير أنهم ينتشرون بالآلاف عبر الوطن حسبما يلاحظ. وفي ذات السياق، كشف العديد من الفاعلين في المجتمع المدني ان غياب احصائيات معينة للمشردين بالجزائر صعّب عملية التكفل بهم وهو ما يستدعي، حسبهم، تشكيل لجان تقوم باحصاء المشردين لتسهيل عملية التكفل بهم. حملة الحساء دافئ للمشردين تجتاح الشوارع ومن جهتها تنظم جمعية فرحة القلوب الخيرية الناشطة بالعاصمة و ضواحيها حملة حساء دافئ ، و ذلك مع نهاية شهر نوفمبر لتمتد إلى بداية فصل الربيع المزامن ل 21 من شهر مارس ، و هو ما أشار إليه محمد أوسعيد رياض رئيس الجمعية في ‘اتصال للسياسي ، بحيث أشار إلى أعضاء الجمعية سيقومون بداية 21 من الشهر الجاري بخرجات دورية أسبوعية يتم خلالها توزيع ما بين 100 إلى 200 وجبة كل خميس هلى المشردين و الأشخاص بدون مأوى عبر العاصمة و ما جاورها من أحياء ، و من جهته و ضمن حملة الشتاء دافئ الذي تقوم به الجمعية هو توزيع الأفرشة و الأغطية و الألبسة حسب ما أشار إليه محدثنا في سياق حديثه حيث أوضح أن الجمعية حاليا بصدد جمع الألبسة و الأغطية و الأفرشة ليتم توزيعها خلال الأيام القليلة القادمة. إيواء أكثر من 14 ألف شخص بدون مأوى خلال 2018 ووسط هذه الجهود التي تقوم بها العديد من الجمعيات الخيرية قامت مصالح ولاية الجزائر بإيواء أكثر من 14 ألف شخص بدون مأوى خلال السنة الجارية حسبما أكده مدير الحماية المدنية لولاية الجزائري العقيد محمد تغرستين. و قال العقيد تغرستين في مداخلة له خلال ندوة تحت عنوان سواعد في خدمة العمل الانساني من تنظيم ولاية الجزائر بالتعاون مع الهلال الأحمر الجزائري أنه تم نقل إلى مراكز الايواء بالعاصمة ما يعادل 14.499 شخص بدون مأوى من بينهم 1333 رجلا و 90 امرأة و 17 طفلا. و ذكر ان مصالح ولاية الجزائر و بالتنسيق مع الحماية المدنية كانت تنظم منذ سنة 2014 قوافل و دوريات الليلية التي تتكفل بجمع و نقل الأشخاص بدون مأوى نحو مراكز الإيواء لتفادي مبيتهم بالعراء في البرد القارس. ويتم نقل هذه الفئات الهشة سواء إلى مراكز الإيواء التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي والتضامن أو إلى مراكز الإيواء التابعة لولاية الجزائر. 95بالمائة من المشردين ينحدرون من الولايات الداخلية وقال العقيد تغرسين, بصفته منسق هذه القوافل, انه يتم في بعض الحالات نقل أزيد من 200 شخص إلى مراكز الإيواء من مختلف الشرائح العمرية و كذا مختلين عقليا و معاقين ومدمنين على المخدرات مؤكدا أن تجربته الميدانية بينت أن 95 بالمائة من الأشخاص دون مأوى ينحدرون من الولايات الداخلية . وقال مدير مؤسسة مكتب النشاط الاجتماعي للجزائر العاصمة (المكلفة بتسيير دور الإيواء التابعة لولاية الجزائر) المسماة حاليا بمكتب التضامن الاجتماعي للولاية محمد العيشي أن المركز الجديد بدالي ابراهيم للإيواء الاستعجالي قد استقبل من 2 فبراير 2018 إلى غاية 30 أكتوبر 2018 أزيد من 20.600 رجل و 1339 إمرأة و 124 طفل حيث تم بعد تعريضهم للفحوصات الطبية ايواء 35 بصفة مؤقتة رجل و 141 امرأة و 38 طفل. كما تم نقل في ذات الفترة عدد من الأشخاص دوم مأوى نحو مختلف مستشفيات العاصمة لتلقي العلاج يوجد من بينهم 5 رجال و 74 امرأة و 16 طفل.