هكذا يعاني الأشخاص بدون مأوى في صمت السياسي ترصد أهم الأسباب التي دفعتهم للتشرد غربي: أغلب المشردين ضحايا مشاكل عائلية البرد يقتل متشردا بزرالدة الهلال الأحمر الجزائري يطلق مبادرة للتكفل بالمشردين يشتد برد الشتاء خلال هذه الأيام، وتتفاقم معه معاناة آلاف المشردين ولم تعد مشاهدة من يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، أو من ينامون عند مداخل البنايات وأقبيتها، أمرا غريبا مع تزايد الظاهرة التي تنوعت أسبابها. فالمتجول ليلا بين ارجاء العاصمة يرى معاناة هؤلاء المشردين وهو ما لاحظته السياسي خلال جولتها الاستطلاعية عبر العديد من الشوارع ففي وقت تعصف فيه الرياح بشدة بين أزقة وطرقات مختلف ولايات الوطن، تتمسك عائلات كثيرة بما لديها من أغطية بالية وعلب كارتونية لا تكاد تقيها من البرد القارس الذي يضرب في كل الأرجاء. ومعها يحبس العشرات من المشردين في الطرقات أنفاسهم، متسائلين عن مصيرهم الحتمي وفي ظل هذا الواقع الذي يشتد فيه البرد القارس وتتهاطل فيه الثلوج، وحركة المرور قليلة للغاية، والناس يهرعون إلى المنازل للالتفاف حول المدفأة، هذه الأخيرة التي تشتاق إليها كريمة وحكيم، وكثيرون ممن يتخذون من أرصفة شوارع وازقة ساحة الشهداء والحراش وغيرها من الاروقة فراشا ومن السماء غطاء دائما، ظلمهم أقرب الناس إليهم ولم ترحمهم حتى فلذات أكبادهم. هكذا يعاني المتشردون في صمت اقتربنا منهم علنا نعرف بعض قصصهم وحقيقة تشردهم، البعض خاف والبعض غطى وجهه خوفا والبعض الآخر هرب وقال: اتركونا نعيش بسلام، لانريد منكم شيئا، لي فينا يكفينا . فبهذه العبارة التي يدمع لها القلب قبل العين، تقول مريم احدى الاشخاص دون ماوى والتي تبيت في العراء في احد احياء وازقة باب الواد إنها تنام عند مدخل احدى العمارات، ملتحفة رداء من قماش لا يقيها البرد، لكنها ترفض الخوض في الأسباب التي حرمتها مأوى تلجأ إليه، مكتفية بالقول إن ظروفا عائلية أجبرتها على ذلك. واللافت في حالة مريم أنها مثقفة، وخلال الحديث معها كانت تحمل بين يديها كتابا بالفرنسية، وأكدت أن حلمها الوحيد الحصول على وظيفة تمكنها من استئجار غرفة للحفاظ على كرامتها. مريم ليست الوحيدة التي تعاني التشرد، وهو ما تؤكده تلك الحالات المختلفة التي تعيش دون ماوى في مختلف بلديات العاصمة وغيرها من ولايات الوطن هذا ويبقى الملاحظ في كل هذا هو أن غالبية من يبيتون في العراء من النساء والأطفال، أما الرجال فهم يتدبرون أمرهم ليلا ويبيتون في المستودعات الخاصة بركن السيارات والحمامات وحتى في محطة نقل المسافرين والقطار. كريمة: ظلمتني زوجة أبي ونهشت الذئاب البشرية لحمي اجتمع غدر الزمن مع غدر العائلة على كريمة، هذه المرأة التي قاربت اليوم ال60 من العمر تقاسي لوحدها بعد أن توفيت والدتها واضطر الوالد الزواج مرة ثانية، تبكي كريمة بألم شديد وهي تروي قصتها، فتقول: لم أتحمّل ظلم زوجة أبي فغادرت المنزل، سافرت إلى مدينة سطيف وكنت عفيفة طاهرة، لم أجد أي حل سوى المبيت في الشارع، تعرضت للاغتصاب على يد مجهولين في الشارع، وكان الجيران وأصحاب المحلات التجارية يقدّمون لي المساعدة، خاصة الأكل الساخن والغطاء واليوم افترش الكرتون بشوارع ساحة الشهداء اتجرع مرارة البرد القارس . حكيم: الحياة واحدة والموت واحد لكل واحد منهم له حكاية يصعب تصديقها في غالب الأحيان إنه عالم آخر، عالم الحياة على هامش المجتمع. يقول حكيم من منطقة بواسماعيل التي تبعد نحو 40 كيلومترا غرب العاصمة الجزائرية، إنه فضل أن يعيش في الشارع، واختار زاوية من زوايا منطقة ساحة الشهداء مكانا يأويه وينام فيه ليلا. كل يوم يتعرف على أشخاص جدد. لا تهمه الحياة العادية، ولا يهتم لملبسه أو مأكله، فكل شيء يأتيه من ذوي البر والإحسان، بحسبما اعرب عنه أن عائلته تخلت عنه بعد وفاة زوجته وهو في عمر الستين، فاختار الخروج من بيته بعدما سكنته الوحدة وغياب الأولاد، مرددا: الحياة واحدة والموت واحد فلم القلق على الغد . البرد يقتل متشردا بزرالدة كما تسبب سوء الأحوال الجوية والبرد القارس في وفاة متشرد ليلة أمس الجمعة الماضي، بالشارع العسكري بزرالدة. وحسبما أظهرته الصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي فايس بوك ، فإن الشخص الذي توفي كان يبيت في العراء ويكون عمره في حدود الستينات. رواد الفايس بوك يناشدون السلطات لإيواء المتشردين هذا وقد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة تدمع لها العين، لمرأة متشردة فراشها الكارطون، غطائها برد الشتاء القارس، ومنزلها الشارع الصورة مؤخوذة من احدى شوارع الأخضرية، بالبويرة، حسب الفايسبوكيين ، الذين ناشدوا السلطات، وذوي القلوب الرحيمة للتدخل لايواء المرأة المسكينة. متطوعون يطلقون حملة للتكفل بالأشخاص دون مأوى وفي ظل هذا الواقع الذي يعيشه العديد من الاشخاص بدون ماوى.عملت العديد من الجمعيات على تكثيف نشاطاتها التضامنية للتكفل بهؤلاء المشردين لتمكينها من قضاء شتاء دافئ، من خلال تزويدها بعدد من المستلزمات الضرورية المتمثلة في المؤن والأفرشة والأغطية، حسبما اكده العديد من المنظمون لمثل هذه المبادرة الخيرية. وفي ذات السياق، بادرت جمعية سنابل الرحمة في مشروع إطعام الأشخاص بدون مأوى في عز الشتاء وتقديم يد العون لهذه الفئة الهشة من المجتمع، عبر توزيع الأغطية والملابس عليهم لتقيهم البرد القارس الذي تعرفه ولاية وهران في الآونة الأخيرة. وهو المشروع الذي انطلقت فيه الجمعية بالتنسيق مع المحسنين والمتطوعين الشباب الذين تجندوا لتوزيع وجبات العشاء الساخنة على الأشخاص بدون مأوى سواء منهم المشردين، وحتى الذين يعانون من اضطرابات عقلية، حيث ستتواصل العملية، حسب أعضاء الجمعية طيلة فترة الشتاء، حيث شكل المتطوعون بالجمعية أفواجا وجابوا مختلف المناطق التي تعج بالمشردين ،خاصة بوسط المدينة، حيث كانوا على أتم الإستعداد لتقديم وإنجاح هذا المشروع التضامني. جمعية سنابل الخير تتكفل ب300 متشرد أسبوعياً وفي ذات السياق، تنظم جمعية سنابل الخير مغنية بالتنسيق مع جمعية سبل الخيرات والسلطات العمومية كل أسبوع حملة توزيع الوجبات الساخنة عبر أحياء مدينة مغنية الحدودية بولاية تلمسان، أين ينتشر المئات من المشردين أغلبهم من الأفارقة، وهو ما أشار إليه خرشوفي محمد، المكلف بالإعلام في الجمعية، خلال اتصاله ب السياسي ، حيث أشار إلى ان الجمعية تقوم بتوزيع الوجبات التي تفوق ال300 وجبة أسبوعيا على المشردين بمختلف أنواعهم من لاجئين أفارقة وأشخاص مصابين بالأمراض العقلية ونساء مطلقات وغيرهم. وأوضح المتحدث ان حالات التشرد تختلف حيث أن الأفارقة كما هو معروف لاجئين ومنهم من اختار التسول والمبيت في الشارع والهروب من المراكز التي توفرها السلطات، وهناك أشخاص مطرودين من المنازل، كما يوجد سبب آخر يتعلق بالعنصر النسوي حيث لا يوجد مركز الأمراض العقلية خاص بهم ما جعل المريضات عقليا يتوجهن إلى الشارع وأغلبية المشردين الآخرين لديهم مشاكل عائلية. دير الخير وأنساه تكثف حملاتها للتكفل بالمشردين وبالاغواط، تقوم جمعية دير الخير وأنساه بتنظيم حملات إطعام المشردين بالشارع مرة 15 يوما، وذلك بتقديم الوجبات الساخنة والتي يتطوع المنخرطين في إعدادها لتوزع قبيل المغرب إلى بعده ومحاولة تغطية أكبر عدد ممكن من المشردين عبر الأحياء الرئيسية للولاية وبمحطة نقل المسافرين، وهو ما أشار إليه بطيني أسامة عبد الرؤوف، رئيس الجمعية، في اتصال ل السياسي ، والذي أوضح أن الحملات الخاصة بالمشردين لا تقتصر على الإطعام الساخن بل تتعداه إلى الملابس الشتوية والأغطية والأفرشة والتي ستستمر لغاية انتهاء فصل الشتاء. ومن جهته، أشار المتحدث بان أغلب الحالات التي يصادفونها في الشارع هي لمشردين مصابين بالأمراض العقلية والذهنية، وهناك حالات لأشخاص لا يملكون السكن وهناك أشخاص طردوا من المنزل العائلي كما توجد حالات كثيرة للطلاق. غربي: أغلب المشردين ضحايا مشاكل عائلية ومن جهته، تنظم جمعية دعاة الخير حملة توزيع الوجبات الساخنة حيث توزع مرة كل 15 يوما مجموعة وجبات ساخنة، وهو ما أشارت إليه غربي رندة، رئيسة جمعية دعاة الخير الخيرية، في اتصال ل السياسي ، والتي أوضحت بأن المنخرطين بالجمعية ينتشرون انطلاقا من محطة خروبة إلى قلب العاصمة ويشرعون في توزيع الوجبات والتي نرفقها بالملابس والأغطية والأفرشة، وأشارت المتحدثة في سياق حديثها أن أغلب المشردين هم مطرودين من منازلهم ويعانون مشاكل عائلية جعلتهم يفرون إلى الشارع كما توجد فئة النساء واللواتي أجبرهن الطلاق للعيش في الشارع، كما يوجد أشخاص يتامى ومعوزين لا يملكون سكن عائلي. وأشارت المتحدثة أيضا ان هذه الحملة التي تقوم بها الجمعية ستستمر لغاية انتهاء فصل الشتاء. غياب إحصائيات للمشردين تُصعّب عملية التكفل بهم وفي ذات السياق، كشف العديد من الفاعلين في المجتمع المدني ان غياب احصائيات معينة للمشردين بالجزائر صعّب عملية التكفل بهم وهو ما يستدعي، حسبهم، تشكيل لجان تقوم باحصاء المشردين لتسهيل عملية التكفل بهم. بن لخضر: حوالي 70 ألف متشرد عبر الوطن يعاني ومن جهته، اكد عيسى بن لخضر، رئيس جمعية جزائر الخير ، في اتصال ل السياسي ، أنه منذ سنة ونصف لغاية الساعة المشردون في الجزائر عبر ولايات الوطن لا يقل عددهم عن 70 ألف متشرد، حيث وبحكم خرجاتنا التي نقوم بها لتقديم الوجبات الساخنة فإننا نحصي قرابة الألف يوميا ليقدر العدد الإجمالي للمشردين عبر ولاية الجزائر العاصمة حوالي 4000 مشرد حيث تحتوي أغلب البلديات على 200 أو 150 مشرد على الأقل وهذا حسب التقديرات. ومن جهته، أضاف المتحدث أن الجمعية لا تنسق مع وزارة التضامن الوطني بحيث يتوجب على هذه الأخيرة ان تبادر هي في التنسيق مع الجمعيات والأطراف الفاعلة، ونحن حاولنا التنسيق معهم في العديد من المرات لكنهم يرفضون التنسيق معنا. وأضاف المتحدث بأن الجمعية بمكاتبها عبر التراب الوطني تواجه صعوبات وعراقيل في الميدان، حيث نحتاج إلى دعم من طرف الدولة لمساعدتنا في التكفل التام بالمشردين، إذ ان مراكز الإيواء وحدها لا تكفي للمشردين فالكثير منهم يرفض المكوث والبقاء بها باعتبارهم لها كسجن. تسجيل 500 تدخل لفائدة المشردين بقسنطينة ومن جهة اخرى، تمكن أعوان مصلحة المساعدة الاجتماعية الاستعجالية المتنقلة التابعة لمديرية النشاط الاجتماعي والتضامن بولاية قسنطينة، حسب تصريح سابق لوسائل الاعلام، وفي حصيلة تدخلاتهم الميدانية منذ شهر جانفي من السنة الجارية وحتى نهاية أكتوبر الفارط، من تسجيل 502 تدخل منها خرجات خاصة بالمتشردين والمتسولين وحتى مساعدات للمرضى. وقد احتلت الخرجات الميدانية للأعوان والخاصة بمجال التكفل بالأشخاص من دون مأوى حصة الأسد، بعد أن بلغت عدد تدخلات أعوان مصلحة المساعدة الاجتماعية الاستعجالية المتنقلة ال81 تدخلا، حيث أكدت مديرة النشاط الاجتماعي والتضامن أنه وبعد هذه الخرجات الميدانية تم التكفل ب77 متشردا، من بينهم 47 امرأة، 27 رجلا والبقية أطفال، وهم الأشخاص الذين تم تحويل جلهم إلى دار الرحمة بجبل الوحش. من جهة أخرى وفي إطار عملية التكفل النفسي والاجتماعي، فأضافت المتحدثة أن أعوان المديرية تمكنوا خلال ذات الفترة من التكفل ب175 شخص، زيادة على إجراء 95 تحقيقا اجتماعيا ومتابعة 83 حالة مع مرافقة 43 حالة أخرى. الهلال الأحمر الجزائري يطلق مبادرة للتكفل بالمشردين وفي ذات السياق، كشفت سعيدة بن حبيلس، رئيسة الهلال الأحمر الجزائري، في اتصال ل السياسي ، أن الهلال الأحمر الجزائري يعمل بعمق في الميدان لمساعدة المشردين وذلك بتنظيم الخرجات اليومية لتوزيع الأغطية والأفرشة والألبسة على الأشخاص المشردين وبدون مأوى. وأضافت المتحدثة بأن هذه ظاهرة خطيرة جدا تغلغلت في المجتمع وانتشرت بكثرة مؤخرا، حيث باتت آفة إذ بتنا نلاحظ عائلات مشردة بأكملها ونلاحظ أولياء مشردين طردهم أبنائهم للشارع وهذا الأمر الأخطر، حيث لم تعد خرجاتنا مقتصرة على اللبس والوجبات الساخنة حيث أصبحنا نتقرب من المشردين ونعالج الحالات. وأضافت بن حبيلس في تصريحها أن الهلال الأحمر الجزائري تبنى مبادرة ومشروعا وسيعطي حتما ثماره بتضافر الجهود وسيكون بالشراكة مع وزارة الشؤون الدينية والأطراف الفاعلة بالمجتمع وسنشكل لجان تعمل في الميدان واحدة تتحرى أوضاع المشردين واستقصاء المعلومات وهويتهم ودوافع تشردهم ووصولهم للشارع وتاريخ التشرد، واللجنة الأخرى سوف تجد الحلول الفورية بتدخل رجال الدين ومشايخ الزوايا والأعيان لإصلاح ذات البين والخلافات العائلية وإرجاع المشردين لذويهم وانتشالهم من حياة الضياع والتشرد، كما ستقوم اللجنة بالاستقصاء حول الأشخاص المرضى ورصد أوضاعهم وهنا تتدخل وزارة الصحة للتكفل الصحي بهم، وقد رصدنا خلال خرجاتنا حالات تشرد كثيرة منها خلافات بسيطة مع الأهل وشباب ضائع وآخر هارب من المنزل وهذه الفئات سوف نقدم لها التكفل والدعم والمتابعة وهدفنا ليس فقط الاكتفاء بتقديم الأكل واللبس للمشردين بل الذهاب إلى أبعد من ذلك وهو إرجاعهم إلى حياتهم الطبيعية وأهلهم وذلك مع الأطراف الفاعلة بالمجتمع من رجال دين ورجال الأمن والهيئات الصحية والجمعيات الخيرية الناشطة، وذلك لبلوغ هدفنا وتحقيق مشروعنا الذي هو أن تكون شوارع الجزائر خالية من المشردين. وأضافت بن حبيلس في سياق حديثها، أن الحملات التي يقوم بها الهلال الأحمر الجزائري الخاصة بالمشردين لم تقتصر على فصل الصيف حيث هي على مدار السنة وكثفت في الآونة الأخيرة.