يتناول الفيلم الوثائقي (يوبا الثاني) للمخرج مقران ايت سعادة الذي قدم عرضه الأول مساء يوم السبت بسينماتيك تيزي وزو، ملحمة ملك مؤسس ومدافع عن السلم وعالم. أما الفيلم الذي تم عرضه حصريا صبيحة أول أمس، فإنه يبدأ بمشهد يطل على البحر المتوسط الذي يفصل ويوحد في آن واحد بين دولتين هما روما ونوميديا، حيث يدخل هذا المنظر المشاهدين في مباشرة إلى مسار يوبا الثاني بين نوميديا حيث ولد وحكم وروما حيث تربى بعد أن تمّ خطفه. كما عمد المخرج مقران آيت سعادة، الذي كتب أيضا سيناريو الفيلم الخيالي الوثائقي، إلى التذكير بشكل مقتضب بنهاية حكم يوبا الأول في سنة 46 قبل الميلاد بعد معركة تابسوس، التي قام بها ضد قيصر واختطاف ابنه يوبا الثاني الذي لم يتجاوز عمره حينها خمس سنوات حيث تم انتزاعه من ذراعي أمه على يد الجنود الرومان، ليتم نقله الى روما كغنيمة. وبعد ان قضى طفولة مريحة بروما حيث أشرفت على تعليمه وتربيته اخت الامبراطور أوكتافيوس، عاد يوبا الثاني ليقطع البحر المتوسط ثانية، لكن هذه المرة الى الجهة المعاكسة ليرجع إلى شمال إفريقيا، حيث تم تنصيبه على العرش ملكا لموريتانيا وعمره لم يتعدى خمسة وعشرين سنة، واختار يوبا الثاني مدينة سيزاري (شرشال حاليا) كعاصمة لدولته، وهو الخيار الذي أملاه موقعها الجغرافي الواقعة على ضفاف المتوسط التي تعد منفذا بحريا يسمح له بتطوير التجارة معبلدان الضفة الشمالية من المتوسط على غرار فرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان. وتكفل المؤرخ عبد الرحمن خليفة، طول مدة الفيلم بالتعليق على صور شخصية يوبا الثاني في شكل قصة بصيغة المتكلم تخللتها مداخلات لمختصين أوضحوا فيها بعض الوقائع التاريخية في مسار هذا الملك الأمازيغي وإنجازاته، من بينها إقامة منشآت ضخمة من بنايات ومسارح ومساهمته في تطوير التجارة الخارجية والفلاحة والفنون والعلوم. كما كتب يوبا الثاني عديد المؤلفات من أشهرها (ليبيكا) من عدة أجزاء خصص لبلده الأم، ولم يتبق من جميع أعماله الا بعض الآثار نقلها بعض قدماء الكتاب، كما يعود له الفضل في إعطاء اسم أوفورب (الفربيون او الدغموس) باسم طبيبه اليوناني الذي اكتشف هذه النبتة وخصائصها الطبية، حسبما جاء في الفيلم الوثائقي. أما المشهد البارز في هذا الفيلم فهو اللقاء الذي تم (في مشهدين) تاكفاريناس ويوبا الثاني، حيث طلب الأول من الملك الانضمام إليه من اجل محاربة المحتل الروماني، أما الثاني فكان يدعوا إلى السلام مع روما الأقى عسكريا. فالملك يوبا الثاني الذي نشأ وتربى على يد روما التي نصبته ملكا على موريتانيا، لا يمكنه، بالنظر الى منصبه، التمرد على الرومان وهل كانت له الامكانيات للقيام بحرب ضد الدولة الرومانية. بالمقابل، فإن تاكفاريناس فيعتبر المتمرد الذي اعترض عسكريا على التواجد الروماني بنوميديا. وقد تم تصوير المشاهد في ديكور يتكون من مكتب يوبا الثاني بمتحف الاثار القديمة بشرشال وبتيارت بالنسبة للمشهد الذي يظهر يوبا الثاني يمتطي جواد اللذهاب لملاقاة تاكفاريناس، حسب توضيحات المخرج. في ذات السياق، اشتكى المخرج مقران آيت سعادة من نقص الإمكانيات المادية التيتحد من طموحاته، موجها نداء للجهات التي تتوفر على الإمكانيات من أجل المساهمة في إنجاز مثل هذه الأفلام التي تتطلب كثيرا من البحث وتصميم الألبسة والديكور المطابق لتلك الحقبة، والتي تكلف الكثير من المال. وأشار في هذا الخصوص الى (أننا لا نملك حتى الآن، إلا دعم وزارة الثقافة وقليل من المؤسسات والجهات الراعية التي تمد لنا يد المساعدة). أما ديكورات وإكسسوارات هذا الفيلم بالأمازيغية والمترجم الى الفرنسية، فهي من إنجاز محند سعيد ايدري وسمير تركي من مدرسة الفنون الجميلة بعزازقة، أما الملابس فهي من تصميم البخاري هابل. وتقمّص دور يوبا الثاني الممثل دحمان عيدروس وعلجية بلمسعود في دور سيليني وسليمان غريم في شخصية تاكفاريناس.