في ظل تواصل الاحتجاجات في مختلف مناطق الوطن للمطالبة بالتغيير الجذري، يدور نقاش واسع في الساحة الوطنية حول فكرة اختيار ممثلين عن الحراك الشعبي للتفاوض مع السلطة، وتفاعل الناشطون حول الطريقة التي يتم من خلالها اختيار هذه الشخصيات لتمثيل ملايين المحتجين بكل فئاتهم ومشاربهم وتوجهاتهم وانتماءاتهم السياسية. ومن بين الطرق التي تحدث عنها العديد من الناشطين وحتى رؤساء الاحزاب لتأطير الحراك الشعبي المطالب بالتغيير الجذري، تشكيل لجان شعبية، وفي السياق، طلبت زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، من الطلبة العمال والتجار وكل مكونات المجتمع بتشكيل لجان شعبية على المستوى البلدي ثم الدوائر لترتقي إلى الولايات والتي تجمع تطلعات الشعب، من خلال اختيار ممثلين عنه وشاركها في الرأي العديد من الناشطين السياسيين والقانونيين . نشطاء آخرون طرحوا فكرة فتح حوار وطني جامع يهدف إلى تأطير الحراك الشعبي. وفي هذا الصدد، أكد ممثلو حوالي مائة جمعية وطنية، امس الاول على ضرورة فتح حوار وطني جامع يهدف إلى تأطير الحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر ويدعو إلى تغيير النظام وبناء الجزائر الجديدة. ودعا المشاركون في حوار فواعل المجتمع المدني إلى اتحاد جميع أطياف الشعب الجزائري من خلال فتح حوار وطني جامع يهدف إلى تأطير الحراك الشعبي وبلورة مطالب الشارع الجزائري في إطار منظم وبطريقة فعالة. اما بعض الفاعلين، فاقترحوا تمثيلا حسب القطاعات والفئات تتمخض عنه قيادات جماعية، بمشاركة كل النقابات وفئات المجتمع الجزائري،على غرار المحامين والإعلاميين والاساتذة والاطباء والمعوقين وغيرهم، لكن العديد من النقابات عبرت هنا عن رفضها التفاوض بخصوص مواقفهم المتعلقة بالحراك الشعبي الذي تشهده الجزائر منذ 22 فيفري المنصرم، وفي السياق، قالت نقابة كناباست تعليقا على دعوتها لاجتماع مع وزارة التربية للتحاور حول الوضع الحالي نرفض بشكل قاطع التفاوض على مطالب الحراك الشعبي والتطرق لها خلال الاجتماع . ونفس الشيء ذهبت إليه النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، حيث نشر رئيس النقابة، إلياس مرابط، تدوينة فايسبوكية على صفحته قال فيها: النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية ترفض دعوة الوزير الأول لحضور جلسات حوار وتعتبرها محاولة للالتفاف على مطالب الجزائريين وإختراقا لتماسكه ووحدة صفه على حد قوله. بدوره، حثّ رئيس حزب جيل جديد المعارض، جيلالي سفيان، على ضرورة اختيار الحراك الشعبي قيادة جماعية لا فردا واحدا ليمثله. ويعتقد رئيس جيل جديد، أن الشارع الذي بدأ يعبّر عن رأيه بطريقة عفوية في الشارع دون زعامات، لا بد أن تبلور مطالبه على لسان هيئة تمثله في الاستحقاقات السياسية المقبلة، سواء من خلال التفاوض مع السلطة أو الحديث والتشاور مع المعارضة. من جهة أخرى، فضّل ناشطون آخرون نظام التزكية، حيث نشر مدونون على منصات التواصل قوائم لشخصيات وزكوها لتمثيل الحراك الشعبي، ومن بين الشخصيات المقترحة الإعلامي والأستاذ الجامعي فضيل بومالة، والمحامية والناشطة السياسية زبيدة عسول، ورئيس الوزراء السابق أحمد بن بيتور، والمجاهد لخضر بورقعة، والوزير الاسبق عبد العزيز رحابي، ورئيس جمعية العلماء المسلمين الشيخ قسوم. ومن أبرز الشخصيات التي اختارها بعض المشاركين في الحراك الشعبي المحامي والنائب السابق بالبرلمان مصطفى بوشاشي الذي تداول البعض منهم صورته على صفحاتهم الخاصة في الفايس بوك ، وفوضوه ناطقا رسميا باسم الحراك، بينما اعتذر المحامي على تفويضه. بالمقابل، لم تتقبل العديد من أطياف المجتمع الجزائري المشارك في المسيرات، فكرة تعيين ممثلين للحراك، باعتبار أن الأمر سيفسده، وسينشر التفرقة بين الصفوف التي تعرف وحدة كبيرة حاليا، حسبهم، ودخل العديد من الخبراء على هذا الخط على غرار منسق المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي، عبد الحفيظ ميلاط، الذي أكد بأن أكبر خطة لتكسير الحراك هي تعيين ممثلين عنه، محذرا من تكرار سيناريو السترات الصفراء بفرنسا، التي ورغم استمرار حراكها، إلا أنها عرفت انقساما بعد تعيين مجموعة منهم ولقائهم بالرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون، الأمر الذي قلل من قوة احتجاجهم. وفي نفس السياق، تقريبا، يقترح محللون آخرون ان يتم ترشيح وسيط توافقي، قد تعينه السلطة بالتشاور مع المعارضة والحركة الشعبية، وفتح حوار واسع عبر كامل التراب الوطني.