لازالت الازمة السياسية تلقي بضلالها على المشهد السوداني من خلال تسجيل مواقف وتصريحات للتحالف من أجل الحرية والتغيير (المعارضة), من جهة, و المجلس العسكري الانتقالي، من جهة أخرى، بخصوص مسار الحوار لحل الازمة في البلاد. وإن كان الحوار قد قطع أشواطا وصفت ب الحاسمة منذ فتح قنوات الاتصال, الا ان المواقف تباينت بشأن نظرة الطرفين لتركيبة المجلس السيادي الذي يتولى تسيير المرحلة الانتقالية. فبعد تعليق الحوار في وقت سابق, و عدم استئنافه الفوري, خاض السودانيون اضرابا ليومين تلبية لنداء قوى المعارضة, تبعه تمسك كلا الطرفين بموقفهما, مما عقد الاتصالات الرسمية بينهما. فبينما تقول قوى إعلان الحرية والتغيير ان الإضراب الذي دعت إليه واستمر الثلاثاء والأربعاء نجح بنسبة 90 %، ومثل تفويضا واضحا لها من قبل المجتمع، يقول المجلس العسكري الانتقالي إن هذه القوى لا تمثل الشعب السوداني كله، وحذر من انفجار الوضع في البلاد. وعقدت قوى الحرية والتغيير مؤتمرا صحفيا مساء أمس الأربعاء في ختام الإضراب، وقال قادتها إن الالتزام الشعبي الواسع بالإضراب مثل تفويضا واضحا من المجتمع السوداني لهذه القوى التي تقود الاحتجاجات في البلاد وتضع نفسها كبديل لنظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير.وهددت قوى التغيير بالاتجاه إلى خيار العصيان المدني إذا لم يستجب المجلس العسكري لمطالبها بنقل السلطة للمدنيين وتشكيل مجلس سيادي لإدارة المرحلة الانتقالية تكون أغلبيته مدنية وكذلك رئاسته، وقالت أن الحديث عن إجراء انتخابات مبكرة يعتبر إجهاضا لمسيرة التفاوض بين قوى التغيير والمجلس العسكري. وقال القيادي في قوى التغيير صديق فاروق أنه من غير المقبول أن يصعد المجلس العسكري فوق أكتاف الثورة السودانية ، وأضاف أن المجلس إذا لم يستجب لمطالب الشعب السوداني، فإنهم سيتجهون إلى العصيان المدني، مع التأكيد على سلمية الثورة. أن العصيان المدني هو خطوتنا التالية، إذا لم يحدث اختراق سنذهب إليه يقول صديق فاروق. من ناحيته قال القيادي محمد حسن المهدي سننظم اليوم الخميس مواكب مليونية إلى ميدان الاعتصام كجزء من تصعيدنا الثوري . وأكدت قوى التغيير أنه لم يحدث أي تواصل بينها وبين المجلس العسكري منذ توقف مفاوضاتهما قبل أسبوع مشددة على استمرار الاحتجاجات. وقالت إنها بدأت الاستعداد لأداء صلاة عيد حاشدة في مقر الاعتصام أمام قيادة الجيش بوسط الخرطوم وفي معظم الولايات. وبخصوص اضراب اليومين الماضيين الذي دعت اليه قولى التغيير فقد كان وفق قادة الاحتجاجات في السودان ناجحا . وبينت تقارير محلية ان الإضراب نهار أمس الاربعاء تخللته تظاهرات عديدة رفع خلالها المتظاهرون لافتات من بين شعاراتها: إضراب، إضراب و مدنية . في تلك الأثناء، قال عضو المجلس العسكري الفريق صلاح عبد الخالق سعد ان المجلس سيلجأ لخيارات بديلة في حال فشلت المفاوضات مع قوى الحرية والتغيير، وأكد أن المجلس لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة. وشدد سعد على أن قوى الحرية والتغيير مهما علا صوتها، لا تمثل الشعب السوداني كله على حد قوله، مضيفا أن تمثيل الشعب السوداني يكون عن طريق صندوق الانتخابات، ومن يحصل على الأغلبية نسلمه السلطة كاملة . وأشار إلى أن المجلس العسكري سلم 76 % من السلطة التشريعية و100 % من السلطة التنفيذية لقوى الحرية والتغيير، وقال إنهم الآن يطلبون 100 % من السلطة السيادية أيضا. وشدد على أن قوى الحرية والتغيير لن تحصل على هذا المطلب إلا إذا انتصرت في حرب ، مستبعدا الحصول على ذلك عبر السبل المدنية. كما حذر عضو المجلس العسكري من انفلات الوضع الأمني في السودان وانزلاقه إلى مستنقع الفوضى، وقال إن في السودان أكثر من ثمانية جيوش تحمل السلاح، وأشار إلى أن البلاد قابلة للانفجار في أية لحظة إذا تعامل السياسيون بعدم جدية وبمراهقة.