استهجن عبد الكريم الهاجيري، نائب رئيس الوفد الكويتي، الذي شارك مؤخرا في فعاليات مهرجان مسرح الجزائر الدولي بولاية بجاية في طبعته الثالثة، في لقاء جمعه بجريدة "المشوار السياسي" ما يجري على الساحة العربية من أحداث التي قال بشأنها إن أصحابها يسعون إلى تخريب بلدهم، لأنها -كما قال- أحداث ساهمت في إشعالها أطراف أجنبية، وعن مشاركتهم في مهرجان مسرح الجزائر الدولي، وأحداث الفاتح نوفمبر التاريخي وقضايا أخرى، ناقشنا الهاجيري في هذا اللقاء الذي أجريناه معه. شاركت دولة الكويت خلال مهرجان مسرح الجزائر الدولي في طبعته الثالثة، هلا قدّمت لنا بطاقة فنية للفرقة صاحبة العمل؟ لقد كان لنا الشرف أن شاركنا في هذه الفعالية الفنية والثقافية الدولية بفرقة تسمى »الخليج العربي«، وهي إحدى الفرق الأربعة التي يطلق عليها الفرق الأهلية التي تعمل تحت إشراف الحكومة، وهي فرقة عريقة تأسّست في فترة الستينيات وبالضبط سنة 1964 وهي تسعى منذ إنشائها إلى ترقية أبي الفنون على مستوى دولة الكويت، من خلال الأعمال التي تقوم وقامت بها الفرقة، وللفرقة العديد من المشاركات المحلية والدولية. تناول العرض المسرحي الكويتي موضوعا حول التراث، هل ذلك يعني الدعوة إلى توظيف هذا الإرث التاريخي؟ العرض من إنتاج المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والذي يشرف على كل الأعمال الفنية، وهو يقوم مقام وزارة الثقافة، تضمن فنونا شعبية منها الموسيقى، ويروي حكاية شخص يلجأ إلى الشعوذة للوصول إلى البرلمان، في قالب مشوق شدّ انتباه الجمهور، حيث تفاعل مع مضامين اللوحات التي تتكون منها المسرحية، وباعتبار المسرح أداة من أدوات التواصل ويربط جسور بين أبناء الجنس البشري، هو نوع من أنواع التعبير عما يجري على مستوى الواقع الإنساني، فقد ارتبطت مفاهيم الكثير من المسرحيين العرب، الذين يدعون إلى إلزامية العودة إلى التراث العربي والإسلامي الأصيل، ومحاولة إيجاد الإجابة لمجموعة من التساؤلات التي يطرحها الراهن العربي اليوم، ومن شأنه الكشف عن جذور الأصالة العربية وربطها بطبيعة الحال بما نعيشه اليوم، عن طريق الانفتاح على الآخر بوعي قومي ضمن مفاهيم عصرية. احتفلت الجزائر الشهر المنصرم بذكرى الفاتح نوفمبر لاندلاع ثورة التحرير المجيدة، ماذا يقول عبد الكريم بهذه المناسبة؟ من ذا الذي لم يسمع عن الثورة التحريرية الجزائرية التي انطلقت ذات الفاتح من شهر نوفمبر والتي استكملت مسار زعماء الثورات الشعبية التي قادها أحرار الجزائر منذ أن دخلت فرنسا إلى الجزائر، الثورة الجزائرية التي قرأنا عنها ونحن صغار في المدرسة بدولة الكويت تعد من أشهر الثورات في التاريخ البشرية، التي راح ضحيتها أزيد من مليون شهيد خلال سبع سنوات من الكفاح من أجل استرجاع السيادة الوطنية كاملة بين مخالب الاستعمار الذي عاش في أرضها زهاء قرون ونيف من الزمن، إننا ننظر إلى الثورة الجزائرية بإعجاب وتقدير وثناء على الوطنيين الأحرار، ثورة انطلقت من وجدان الشعب وحملها بكل أمانة إلى أن أصبحت الجزائر حرة مستقلة، أتمنى للجزائر مزيدا من التقدم والإزدهار، وأن يرفع من شأنها بين الأمم، هذه أول زيارة لي للجزائر، وقد تأكدت من صدق ما أشيع عن كرم ضيافة أهلها وطيب أرضها التي ارتوت بدماء الشهداء الزكية، وعمق أصالتها، وهذه الزيارة فرصة لأطلع عن كثب وأتعرف بصورة مباشرة على المعنى الحقيقي للجزائر. هل للأزمة العربية الراهنة تأثير على الركح الكويتي؟ لقد كتبت نصا مسرحيا بعنوان »أتته رياح التغيير« تناولت خلاله حركة التغيير التي طرأت على بعض الدول في الوطن العربي، يتحدث حول الغليان الشعبي، وقد ترجمها الدكتور نادر القنة في ورقة قدّمها خلال الملتقى العلمي الذي برمج في إطار فعاليات مهرجان مسرح الجزائر الدولي، المداخلة بعنوان »الثورات الشعبية العربية بين أدلجة الممكن وتفكيك المستحيل«، وما يجري في الشارع العربي يثير أكثر من سؤال وينذر بمستقبل مشحون بالضغائن، ونتيجتها لم نرها بعد، فالمستقبل كفيل بإماطة اللثام عن قضايا عديدة. هذا يعني أنك ضد ما يحدث من غليان على الساحة العربية التي طبعت العام الحالي؟ أنا لست ضد التغيير الذي يفضي إلى الأحسن، بل ضد القفز نحو المجهول للإصلاح، يجب أن أنوه هنا أن إصلاح العطب يكون بإمكانياتنا المحلية ولا نرضى بالآليات المستوردة، فكرة التغيير لا تكون بإسنادها إلى الغير، مثلما يحدث الآن في الأراضي العربية، التغيير في اعتقادي ليس السعي من أجل الإطاحة بأجهزة الدولة، بل البحث عن تغيير الذهنيات العربية، والاعتماد على أنفسنا لنأكل رغيفا صنعته أناملنا من قمح غرسناه في أرضنا، بدل الاستنجاد بأعداء الأمة العربية والإسلامية، لحد الآن لم تعرف هوية هذه الأحداث ولم يفصل فيها بعد هل هي ثورات أم انتفاضة، واصطلح الاسم في قاموس الساسة والمحللين والأكاديمين على اسم" »غليان شعبي«، وأظن أن المسألة تتأزم يوما بعد يوم ولحد الساعة لم نر ثمار تلك الأحداث في سلة صالحة للاستهلاك، كما يجب أن نناقش قضايانا الوطنية دون تدخل أيادٍ أجنبية التي تسكب الزيت على النار لنحرق بها العقول العربية، أو الإستعانة بها وإقحامها في شؤوننا الداخلية.