حكم المجلس الدستوري غير قابل للطعن من السلطة أصدر المجلس الدستوري، خلال الأسبوع الماضي، أول قرارين طبق فيهما مبدأ الدفع بعدم الدستورية الذي كان قد دخل حيز التنفيذ شهر مارس المنصرم. وأعلن كمال فنيش، رئيس المجلس الدستوري، أمس، خلال افتتاحه لأشغال الملتقى الدولي حول معالجة آثار قرارات المجلس الدستوري حول الدفع بعدم الدستورية ، عن إصدار المجلس الدستوري في 20 نوفمبر الجاري لأول قرارين طبقت فيهما آلية الدفع بعدم الدستورية، بناء على إحالتين من قبل المحكمة العليا حول مراقبة دستورية المادة 416 من قانون الإجراءات الجزائية التي تتعارض مع المادة 160 من الدستور، والتي تنص صراحة على أن القانون يضمن حق التقاضي على درجتين. وفيما يتعلق بموضوع الملتقى الذي يشهد مشاركة خبراء أجانب، أوضح رئيس المجلس الدستوري أن هذا اللقاء سيسمح بتبادل المعارف والخبرات فيما يتعلق بأحد تحديات تطبيق الدفع بعدم الدستورية والمتمثل في الأثر القانوني المترتب عن إلغاء مادة قانونية أو حكم تشريعي. وقال فنيش بهذا الخصوص، أنه على الرغم من كون الحكم الصادر عن المجلس الدستوري بالإلغاء يعد ملزما وغير قابل للطعن من طرف أي سلطة، إلا أنه تبقى هناك مسألة الأثر الزمني الخاص بتطبيق هذا الحكم، بحيث يقع على المجلس تحديد ما إذا كان الأثر القانوني لهذا الحكم فوريا أو مؤجلا. وبتفصيل أدق، أوضح عضو المجلس الدستوري، الهاشمي براهمي، أن الحكم بعدم الدستورية لا يطرح في حد ذاته إشكالا، لكونه بمنأى عن أي شكل من أشكال الطعن مستقبلا، باستثناء حدوث تغير في الظروف، غير أنه وتفاديا لحصول اختلالات قد تنجم عن تطبيق الحكم المذكور، منح المؤسس التشريعي للمجلس الدستوري السلطة التقديرية لتحديد تاريخ تفعيل الإلغاء ودخول أثره القانوني حيز التطبيق. وتأتي هذه الخطوة، حسب براهمي، لاعتبارات عملية، بحيث يتعين على المجلس الدستوري، مثلما قال: إجراء تقدير شامل للآثار القانونية والمالية والإدارية الناجمة عن القرار المتخذ من طرفه من أجل التعامل بمرونة مع الوضع الجديد . يذكر أن تنظيم هذا الملتقى جاء بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، حيث ثمن ممثله المقيم بالجزائر إدوين كاريي، الجهود التي تبذلها الجزائر في مجال تكريس دولة الحق والقانون من خلال تدعيم الترسانة القانونية ذات الصلة بحماية الحريات الفردية والجماعية وتجسيد الهدف ال16 من أهداف التنمية المستدامة لآفاق 2030 التي كانت قد تبنتها هيئة الأممالمتحدة عام 2015، والمتمثل في التشجيع على إقامة مجتمعات مسالمة لا يهمش فيها أحد مع إتاحة إمكانية وصول الجميع إلى العدالة. ويجدر التذكير في هذا الصدد بأنه أضحى بإمكان المواطنين المتقاضين، ابتداء من مارس المنصرم، الطعن في مطابقة النصوص القانونية مع أحكام الدستور من خلال آلية الدفع بعدم دستورية القوانين التي تم استحداثها ضمن التعديل الدستوري لسنة 2016. وقد وصف هذا الإجراء الجديد من قبل الخبراء القانونيين ب الخطوة الإضافية في مجال تعزيز حقوق الإنسان وتعميق الترابط بين مختلف جهات السلطة القضائية . وجاء استحداث هذه الآلية بمقتضى المادة 188 من التعديل الدستوري التي تنص على أنه يمكن إخطار المجلس الدستوري بالدفع بعدم الدستورية بناء على إحالة من المحكمة العليا أو مجلس الدولة عندما يدعى أحد الأطراف في المحاكمة أمام جهة قضائية أن الحكم التشريعي الذي يتوقف عليه مآل النزاع ينتهك الحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.