تصديقا لقوله تعالى: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه .. فقدت الجزائر أحد رجالاتها الأخيار ممن وعدوا فأوفوا وكرسوا حياتهم على أمن البلاد واستقرارها، انتقل إلى رحمة الله، أمس، نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد ڤايد صالح، عن عمر ناهز ال80 سنة. وولد الفريق أحمد ڤايد صالح في 13 جانفي 1940 بولاية باتنة، التحق وهو شاب بالحركة الوطنية، حيث كان من الرعيل الأول للثورة التحريرية، ليتدرج في سلم القيادة، ليعين قائد كتيبة على التوالي بالفيالق 21 و29 و39 لجيش التحرير الوطني، غداة الاستقلال وبعد إجراء دورة تكوينية كانت بين الجزائر والإتحاد السوفييتي سابقا لمدة سنتين، كذلك من 1969 إلى 1971، حيث تحصل على شهادة خصوصا بأكاديمية فيستريل، كما شارك سنة 1968 في الحملة العسكرية بالشرق الأوسط بمصر. وتقلد المجاهد الفذ بقوام المعركة البرية الوظائف التالية: قائدا لكتيبة مدفعية، قائدا للواء، قائدا للقطاع العملياتي الأوسط ببرج لطفي، قائدا لمدرسة تكوين ضباط الاحتياط البليدة، قائدا للقطاع العملياتي الجنوبي لتندوف، نائبا لقائد الناحية العسكرية الخامسة، قائدا للناحية العسكرية الثالثة، قائدا للناحية العسكرية الثانية. وأبان الرجل الرشيد والغيور على الوطن كفاءته القيادية، لتتم ترقية أسد الجزائر أثناء وبعد الثورة التحريرية إلى رتبة لواء بتاريخ 5 جويلية 1993، وبتاريخ 1994 عين اللواء أحمد ڤايد صالح قائدا للقوات البرية، ثم بتاريخ 3 أوت 2004 تم تعيينه رئيسا لأركان الجيش الوطني الشعبي، ومن ثم تقلد رتبة فريق بتاريخ 5 جويلية 2006، منذ 11 سبتمبر 2013 تم تعيينه نائبا لوزير الدفاع الوطني، رئيسا لأركان الجيش الوطني الشعبي الجزائري. ولعب الفقيد الفريق ڤايد صالح دورا حاسما في مسار الحراك الشعبي وانتخابات 12 ديسمبر الجاري، إذ بتاريخ 26 مارس المنصرم اقترح على المجلس الدستوري الجزائري إعلان عائق الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، الصحي وتطبيق المادة 102 من الدستور الجزائري وساهم في مرافقة العدالة وتشجيعها على فتح ملفات فساد مسؤولين سابقين. كما حاز الفريق أحمد ڤايد صالح عدة أوسمة، وهي منذ انخراطه في صفوف الجيش الوطني الشعبي، نظير كفاءته منها: وسام جيش التحرير الوطني، وسام الجيش الوطني الشعبي الشارة الثانية، وسام الاستحقاق العسكري ووسام الشرف، حيث كان أخر وسام تقلده هو وسام الاستحقاق الذي منحه إياه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، ورتبة صدر، الخميس الفارط، نظير جهوده الجبارة والدور الكبير الذي اضطلع به في هذه المرحلة الحساسة لأجل إثبات سمو الدستور وضمان سلامة المواطنين وأمن البلاد ومؤسساتها الجمهورية. هي سطور قليلة لخّصت شخصية الفريق أحمد ڤايد صالح، الذي لم يحد يوما على مبادئ الثورة التي ترعرع في كنفها وجعلت منه رجلا وطنيا غيورا على بلاده وشعبه، حتما سيبقى اسمه ومواقفه خالدة ومحفورة في ذاكرة الأمة بحروف من ذهب، ومما يحسب لسيادة الفريق أنه بقي يقظا مشددا على المحافظة سلمية الحراك الشعبي وعدم المساس به، حتى جرت الانتخابات التي ألغيت أكثر من مرة وظل موجودا حتى نصب الرئيس الشرعي ليودعنا بشرف وشموخ.. رحل ڤايد صالح رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته، تاركا ورائه إرثا قوامه جيش وطني احترافي بامتياز.