وقف إطلاق النار خطوة في اتجاه التسوية السياسية نجحت الجهود الدبلوماسية الجزائرية في وقف اطلاق النار بليبيا والدفع للتوجه نحو طرح الحلول السياسية، حيث صمتت أصوات الرصاص في غرب ليبيا بداية من ليلة الأحد، فاسحة المجال للآلة الدبلوماسية، وتقود الجزائر محاولة لإيجاد مخرج آمن يحقن دماء الليبيين ويعيد أطراف الصراع إلى طاولة الحوار، بعيدا عن خطابات التدخل الأجنبي، لتتمكن بذلك الجزائر من ايجاد السبيل لغلق الطريق على محاولات تعفين الوضع بالمنطقة. وكان أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات حفتر، قد أعلن وقفا لإطلاق النار في المنطقة الغربية من ليبيا اعتبارا من منتصف ليلة الأحد وسط ترحيب دولي وأممي بالقرار، وتأتي الخطوة بعد أن قادت الجزائر مشاورات واسعة، وكانت قد شهدت إنزالا دبلوماسيا كثيفا الأسبوع الماضي تمثل في زيارة كل من رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، ووزراء خارجية إيطاليا ومصر وتركيا، الذين قاموا بزيارات منفصلة إلى الجزائر، التي تؤكد حرصها على البقاء على مسافة واحدة من طرفي الصراع في ليبيا، وكان آخرها وزير الشؤون الخارجية الكونغولي جون كلود غاكوسو، الذي تترأس بلاده اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول ليبيا، وشكل هذا اللقاء فرصة لتقييم الوضع في ليبيا، وتبادل وجهات النظر حول سبل إنهاء الاقتتال والتدخلات الأجنبية، وإنعاش المسار التفاوضي بين الأطراف الليبية، وكذا دور الإتحاد الإفريقي للدفع بعملية السلام في هذا البلد الشقيق بعيدا عن التدخلات الأجنبية. وكان الوزير الكونغولي محملا برسالة من رئيس جمهورية الكونغو، بصفته رئيسا للجنة العليا للاتحاد الإفريقي حول ليبيا، دونيس ساسو نغيسو، تضمنت دعوة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، لحضور الاجتماع الذي تعتزم اللجنة عقده يوم 25 جانفي الجاري. وفي هذا الصدد، قال غاكوسو أنه أمام خطورة الأوضاع في ليبيا، فان الرئيس نغيسو يدعو رؤساء الدول الأعضاء في هذه اللجنة إلى عقد قمة ببرازافيل من أجل التفكير في السبل والوسائل من أجل اتخاذ موقف إفريقي مشترك للحيلولة دون تدهور الأوضاع في هذا البلد والقيام بكل شيء حتى يعود الليبيون إلى جادة الصواب وسلك طريق الأخوة. ودعت الجزائر إلى العودة السريعة إلى طاولة المفاوضات، مع التأكيد على رفض أي تدخل أجنبي في شؤون البلد الجار. فخلال استقباله رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، جدد الرئيس تبون التأكيد على تمسك الجزائر بالنأي بالمنطقة عن أي تدخلات أجنبية، كما دعت الجزائر المجموعة الدولية وخاصة مجلس الأمن الدولي إلى تحمل مسؤولياتهم و فرض وقف لإطلاق النار . وأعقبت نداء الجزائر لوقف اطلاق النار في ليبيا دعوة كل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، من اسطنبول، الى وقف الاقتتال الذي دخل حيز التنفيذ منتصف ليلة 12 جانفي الجاري بليبيا. وفي خضم تسريع جهودها الدبلوماسية، استقبلت الجزائر خلال الأسبوع الماضي وزراء خارجية كل من تركياوإيطاليا ومصر. كما تلقى عبد المجيد تبون مكالمة هاتفية من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، استعرض خلالها الطرفان الوضع في ليبيا وكذا آفاق السلام في ليبيا وضرورة ايجاد حل سياسي للأزمة في هذا البلد الإفريقي، وقد وجهت ميركل رسميا دعوة للجزائر لحضور الندوة الدولية حول ليبيا المزمع تنظيمها في برلين، والتي قدمتها منظمة الاممالمتحدة كحل أخير. كما طالبت الجزائر الأطراف الخارجية إلى العمل على وقف تغذية الأزمة والكف عن تزويد الأطراف المتقاتلة الليبية بالدعم العسكري الذي يخرق الحظر على الأسلحة الذي أقرته الأممالمتحدة. وبعد هذه الدعوة، رحب غسان سلامة الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا بالدعوات الأخيرة لوقف إطلاق النار في ليبيا من قبل عدد من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، مطالبا جميع البلدان ب البقاء خارج النزاع. وقبل ساعات من إعلان وقف إطلاق النار بطرابلس، استقبل وزير الخارجية، صبري بوقادوم، وفد ممثل لحفتر، برئاسة الجمهورية. وقف إطلاق النار خطوة في اتجاه التسوية السياسية ويرى المحلل السياسي الليبي، محمد الروياتي، أن الحراك السياسي المحموم الذي شهدته العديد من الدول، وعلى رأسها الجزائر، قد ألقى بظلاله على تغير المشهد السياسي وتوجهاته. ولفت الروياتي إلى هناك تفاهمات تكون قد جرت في الكواليس، مضيفا أن تحالفات الجزائر وتونس وتركيا ألقت بظلالها على العمليات العسكرية في ليبيا وضغطت باتجاه وقفها. واعتبر الروياتي أن الرحلات المكوكية والاجتماعات لوزراء خارجية تركيا ومصر وإيطاليا في الجزائر لا شك أنها تحصلت إلى إشارات ورسائل مفادها أن مشروع دخول قوات حفتر إلى طرابلس خط أحمر. ويعتقد الروياتي أن وقف إطلاق النار هو خطوة في اتجاه التسوية السياسية ولجم مساعي الإطراف الساعية إلى عسكرة، مشيدا بدور الجزائر التي عملت في الخفاء بطريقة ضابطة للإيقاع، حسب تعبيره، من أجل إنتاج هذه الهدنة. ومنذ قرار تركيا نشر قوات في ليبيا، كثفت الدبلوماسية الجزائرية المبادرات السياسية لتهدئة الأزمة في ليبيا التي تشترك معها في حدود طولها نحو ألف كيلومتر. وترفض الجزائر أي تدخل أجنبي وتناشد كل مكونات والأحزاب السياسية الليبية إلى العودة إلى عملية الحوار الوطني الشامل.