إستعرض عبد الرحمان عرعار، رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الأطفال، مختلف الرؤى والتوجهات الخاصة بالشبكة، بالإضافة إلى ثلة من مشاريع الشبكة التي وضعتها نصب أعينها خلال حوار جمعنا به في مقر الشبكة التي تهتم بالدفاع عن الحقوق أولا، من خلال ترقية ثقافة الحقوق في المجتمع الجزائري، أين يصبح الطفل هوالأساس في هذه الترقية والثقافة في خضم جملة المشاكل والإنحرافات التي قد تتربص بالبراءة بين أحضان الشارع وحتى الأوساط الأخرى. قبل الخوص في تفاصيل الحديث، هلا أوجزتم لنا لمحة عن الشبكة؟ - الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الأطفال «ندى» هي شبكة وطنية متواجدة عبر 35 ولاية في انتظار أن تعمم عبر كامل القطر الجزائري، تنضوي تحت لوائها جمعية، ظهرت للوجود سنة 2004 بمبادرة ثلة من الجمعيات ونحن منذ سنة 2005 متواجدون بمقرنا الكائن بديدوش مراد.
وماذا عن دوافع وأهداف الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الأطفال؟ - المحفز أو الدافع الأساسي لتأسيسنا لهذه الشبكة هو ملاحظتنا لافتقار جمعيات مختصة بالأطفال، خصوصا الذين تم التخلي عنهم أو تعرضوا لسوء معاملة أو الأطفال الذين ولدوا خارج إطار الزواج، أو أولئك الذين يعيشون نزاعا في الوسط العائلي، المؤسسات العمومية أو أولئك الذين لم يحظوا بمرافقة، كل ذلك لاحظناه عبر ملاحاظاتنا الميدانية وتأسيس هذه الشبكة كان دافعا لتدعيم روابط العمل بين الجمعيات.
أفصحتم أن «الخط الأخضر» هو أهم مشروع أنجزتموه، هلا حدثتنا عن هذا المشروع؟ - حقيقة، الخط الأخضر منحنا صورة حقيقية عن عمق المشاكل التي يعيشها الطفل الجزائري، فمجرد تشكيل الرقم 30.33 يمكن للمتصل عرض تجربته وانشغالاته إذ يعد هذا الرقم بالنسبة لنا مكسبا للجزائر قبل كل شيء ومكسبا لأطفال الجزائر وهي التجربة التي بإمكاننا تسطيرها وتقديمها لبلدان ومجتمعات أخرى، طبعا هذا بعد التقييم الذي قمنا به على مستوى هذا الرقم الذي طرح علينا جملة من المشاكل التي يعاني منها الأطفال، ولكن في نفس الوقت طرح علينا هذا الأخير جملة من الإحتياجات بالنسبة لنا، وقادنا إلى وضع إستراتيجية للتجاوب مع الحلول من خلال بلورة المشاريع التي نعالج بها بعض وضعيات الأطفال مثل مشروع مهم كمشروع العنف في المدارس، بالإضافة إلى مشاريع أخرى.
وما نوع الحالات التي وقفتم عليها من خلال الخط الأخضر؟ - أغلب الحالات التي طرحها الأطفال على كل المستويات تمثلت في الإنتهاكات الجنسية التي كانت صعبة ثم الحالات التي لها علاقة بالوسط العائلي من طلاق، نفقة، كفالة، الأطفال غير مسجلين في الحالة المدنية، مجهولي النسب، أطفال الزواج المختلط مع الأجانب، وهناك حالات ذات احتياجات خاصة وإجراءات خاصة كالمعاقين مثلا، أو أطفال مرضى تعرضوا لسوء معاملة، كذلك متسربي المدارس الذين يحتاجون إلى تكوين، أطفال معدومي الموارد المالية، وأطفال البدو والرحل الذين يعيشون وضعيات خاصة التقيناهم خلال زياراتنا للولايات الداخلية وهكذا..
على خلفية المشاريع التي تعد أساس نشاط أي شبكة، ما هي المشاريع التي تعكف شبكة «ندى» على تجسيدها؟ - نحن نعمل على تجسيد عدة مشاريع من بينها مشروع حول الإنتهاكات الجنسية أو العنف الجسدي على الأطفال المستمر إلى سنته الثانية، كذلك مشروع حول حقوق الأطفال والمواطنة الفعالة بالنسبة للشباب للعام الثاني كذلك، ونحن نشتغل مع الأطفال اللاجئين المتواجدين بالجزائر للعام الثالث، بالإضافة إلى موضوع عدالة الأطفال الذين دخلوا في مسلسل الإجراءات القضائية، فطفل سرق أو وجدت بحوزته مخدرات يمثل أمام العدالة، والطفل في هذا الصدد يكون متهما، ضحية وشاهدا، فلنتصورهذا الطفل أمام هذه الوضعية كيف تكون نفسيته في مسلسل كهذا، فمهم جدا أن يتعرف عليه المجتمع الجزائري، ومشروع الخط الأخضر لمدة أربع سنوات ومركز تنشيط الأطفال لمدة سنتين.
أشرفتم مؤخرا على ملتقى حول العنف، هلا فصلتم لنا قليلا في حيثيات هذا الملتقى؟ - الملتقى الذي نظمناه مؤخرا كان لتعزيز الحوار والتشاور مع كل الفاعلين في الميدان، وتمحور هذا الأخير حول العنف وحقوق الأطفال إذ سلطنا الضوء على ظاهرة العنف الجنسي على الأطفال، خاصة وأنه قد سبقت لنا تجربة حول هذا الموضوع لمدة سنة حيث تم بناء قدرات جمعيات في هذا الموضوع لكن للأسف هناك جمعيات تجهل الكثير عن هذا الموضوع وتفتقر للتقنيات والآليات التي تواجه أو تعالج عن طريقها الظاهرة، وتم تقييم الوضع من خلال هذا الملتقى بمشاركة جمعيات من مختلف الولايات الداخلية وحضور السلطات ومنتخبين، بالإضافة إلى الصحافة وأكثر من كل ذلك، هو تواجد العائلات التي استفادت من مشروع مرافتنا فقد كانوا شاهدين على الوضع وعلى عملنا، كما حضر هذا الملتقى أطفال كانوا ضحايا العنف الجنسي وسوء المعاملة ثم تناولنا المقترحات الممكنة.
بطرحك للمقترحات، ما هي التوصيات التي خرج بها هذا الملتقى؟ - في الواقع، تناولنا كل المقترحات التي فتحت لنا النقاش مع شريكنا المتمثل في منظمة دولية حول البرنامج المستقبلي لعام 2012، لأن هذا المشروع هو طموح ويحتاج إلى الاستثمار في المجتمع.
وكيف تلخص لنا ظاهرة الإعتداء الجنسي على الأطفال؟ - الظاهرة أصبحت في استفحال، ونحن نتخوف من أن يصبح العنف في المجتمع الجزائري من وسيلة للتعبير إلى نهج حياة، خاصة لدى الشباب والمراهقين الذين تربوا في أحضان العنف وهذا أخطر على أطفالنا ومجتمعنا، فلابد من تكاثف جهود الكل خاصة في المدارس والمسؤولية كبيرة على الأولياء، أنا ألاحظ أنه في الوسط المدرسي هناك مراهقين يحملون أسلحة بيضاء، المعلم بالعصا، صراع داخل المدرسة في ظل غياب طرح ثالث لحل المشاكل غير الإجراءات القضائية والإدارية، لكن هذا لن يحل الوضع ونفس الشيء بالنسبة للأسرة والضحايا هم الأطفال، فحينما يكبرون يصبحون هم مولدين للعنف، إذ يتوجب علينا إيقاف هذا المسار ومسلسل العنف هذا، أظن أن الجزائر تضم 35 مليون نسمة وليسوا كلهم عنفيين، لابد من تحرك الأغلبية الصامتة للحد من هذه الظاهرة بكل أبعادها، دون فوضى.
هل من تقييم لتجربة المؤتمر الأخير المتعلق بهذا الخصوص؟ - نصف هذه التجربة إيجابية بالنظر إلى العدد المهم للمشاركين، تفاعل الصحافة إيجابي جدا معنا، فقد ساهمت كثيرا في توصيل الرسالة بالإضافة إلى تواجد شركائنا الدوليين الذين كانوا مطمئنين، كما ذكرت شركاؤنا من خلال هذا الملتقى لاحظوا مصداقية الشبكة، إلى جانب مستوى التعبئة بالنسبة للفاعلين في المجتمع وهذا مؤشر مطمئن وهو ما يجعلنا نستمر في مسيرتنا ويزيدنا ثقلا في المسؤولية، فبقدر ما تمنح أمل إلى الآخرين سيعود علينا ذلك بالمسؤولية، ونظن أنه ليس لنا الحق في التوقف في لحظة من اللحظات وأنا جد متفائل بهذه النتيجة والآتي في المستقبل سيكون بمثابة تحدٍ بالنسبة لنا، وفي نفس الوقت نحن ننقذ أطفالا، عائلات وهذا أسمى ما نتمناه.
* حضر الملتقى فاعلون في الميدان، عائلات، أطفال، كيف وجدتم تفاعل هؤلاء فيما بينهم خاصة وأن ظاهرة العنف الجسدي تعد من بين الطابوهات التي وأدتها الأعراف الاجتماعية؟ - طبعا عندما نجمع كل هذه الحالات نخاف أولا على الشخص المتضرر، ولكن في نفس الوقت سنبني به روابط وتضامن فيما بينهم وهو ما ساعدنا على حل الكثير من المشاكل، خاصة إذا أدركت العائلات أنها ليست لوحدها، إذا سنبني جبهة اجتماعية من أناس مفجوعين ولكن في نفس الوقت أناس من المحترفين يشكلون جمعيات، عائلات، أطفال فيما بينهم، هذا التسلسل سينقص من الإنتهاكات في المجتمع ومن يريد الإستمرار في هذا الأمل سيجد جبهة في مجتمع حي وواعٍ.
العراقيل قد تعتبر قدرا حتميا ملازما لأي عمل مؤسس مبني على خطى محدّدة، فهل من صعوبات تعترض سبيلكم؟ - أهم الصعوبات تتجسد في عدم تمكننا من الرد على كل المشاكل وكل الإحتياجات التي تصلنا عبر الرقم الأخضر فهذا أمر صعب للغاية، على الرغم من تعاون شركائنا من مؤسسات ووزراء لكن هذا لا يكفي لأن الكثير من المشاكل تتطلب مختصين وهي مرتبطة بالإمكانيات، فعلى سبيل المثال الأب الذي يطرد ابنته لتجد نفسها في الشارع كيف يمكن حمايتها والقيام بإرجاعها إلى البيت، فحسب نظري هي أهم مشكلة دفعت إلى تأسيس الشبكة، أما ثاني مشكلة فتتمثل في قضية العقلية السائدة في المجتمع الجزائري حول المواضيع المطروحة على غرار الإنتهاكات الجنسية، إذ يصعب فتح هذا الملف والتكلم عليه وكسر الحواجز النفسية والاجتماعية وحتى الحواجز السياسية، إضافة إلى مشكلة ضعف وهشاشة بعض الجمعيات وتعاملها مع بعض القضايا، إلى جانب نقص الممارسة التي تضيّع الكثير من الوقت، إلى جانب نقص الكفاءات التي تشتغل في هذا المجال خاصة المجال الإنساني الاجتماعي، فمتخرجو الجامعة يحتاجون إلى ممارسة ليلجوا عالم الإحترافية.
وفيما يتعلق بالإعانات ما مصادرها؟ - فيما يخص تعبئة الموارد هي مبنية على المشروع، حيث نغتنم فرصة القطاعات الوزارية التي تعلن عن تمويل المشاريع، مثلا أعلنت وزارة البريد والاتصال عن تمويل مشروع الرقم الأخضر ونفس الشيء بالنسبة للمنظمات الدولية.
في الأخير نترك لك الحرية في ختم هذا اللقاء.. - نتمنى أن نكون في مستوى ثقة القراء والمستمعين وكل العائلات والأطفال، ونتمنى أن نرتقي أكثر بوضعية حقوق الطفل الجزائري بتحسينات أكثر سواء على المستوى السياسي أو الإجرائي فهذا مهم جدا، ويبقى الكثير والكثير أمام التحديات المستقبلية لكي نمنح الأمل ونحصل على مجتمع منظم، راقٍ ومتحضر، لكن دون فئة الأطفال لا نستطيع أن نصل، فكلما حافظنا على أطفالنا ودعمنا حقوقهم، فهذا يعني أننا في طريق الصواب.