نظمت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل «ندى» الخميس الفارط ملتقى حول العنف وحقوق الطفل في الجزائر بحضور ممثلين من الشبكة, ومشاركين من الحركة الجمعوية الناشطة في المجال, إضافة إلى الأولياء والأطفال, أين تم تقديم حصيلة السنة الفارطة فيما يتعلق بنشاطات الشبكة وحالات العنف ضد الأطفال التي تم تسجيلها, لتتم الإشارة عن مشروع تعاون بين الشبكة والعدالة لمتابعة الأطفال الموقوفين وعائلاتهم. تمحورت نشاطات شبكة ندى عموما خلال السنة الفارطة في عمليات تحسيسية لمختلف شرائح المجتمع, هذا وكانت قد سطرت بالتنسيق مع شبكة «وسيلة» لمكافحة العنف ضد المرأة حملات توعوية خصت التحرش الجنسي بالطفل, أين تم إشراك وسائل الإعلام إلى جانب قضايا العنف التي تدخلت فيها, حيث استقبلت الشبكة خلال السنة الفارطة 13563 نداء عبر الخط الأخضر 3033 والذي تم تعميمه بإشراف نوارة جعفر الوزيرة المنتدبة المكلفة بقضايا الأسرة ليشمل 15 ولاية وقد بلغت قضايا التعذيب 707 حالة, 103 قضية تحرش جنسي ضد الأطفال سواء من الغرباء, المقربين أو حتى الأولياء, أما ما تبقى فهي حالات عنف مختلفة سلطت على الأطفال. 11 ألف طفل سنويا أمام العدالة الأطفال والجرائم التي يرتكبونها كانت نقطة نقاش جد حساسة, حيث تقول الإحصائيات أن 11 ألف طفل أقل من 18 سنة يقدمون سنويا أمام العدالة بعدة تهم أهمها السرقة, الضرب والاعتداء, حيازة المخدرات والأسلحة البيضاء, إضافة إلى الاعتداء على الأصول وحتى القتل, إن هذا العدد اعتبره رئيس شبكة ندى أكبر دليل على العنف الذي يعيش فيه الطفل.هذا وكانت شبكة ندى قد عملت في أبرز نشاطاتها خلال السنة الفارطة على تنظيم 12 دورة تكوينية لفائدة 257 ناشط في حقوق الطفل, 149 من الجمعيات و380 من الأولياء. تدخلات المشاركين تمحورت عموما حول مجموعة من الاقتراحات للحد من ظاهرة العنف ضد الطفل وترسيخ مبدأ الدفاع عن حقوقه, خاصة وأن الظاهرة انتشرت على المستوى الوطني, وقد كان بلخادم رئيس جمعية البسمة من فرندة ولاية تيارت أول المتدخلين, أين طالب بفتح المجال للقيام بالعمليات التحسيسة في المدارس حول مختلف المواضيع التي تخص الطفل من شتى الجوانب, مؤكدا أنهم يلقون صعوبات جمة وأولها ما تعلق بالترخيصات التي يجب الحصول عليها قبل القيام بأي حملة, لذا طالب بتقديم التسهيلات الضرورية من طرف الوزارة ومديريات التربية والتعليم. لجنة وطنية للجمعيات المحافظة على حقوق الطفل, هو الاقتراح الذي قدمه غرطاس سليم, رئيس جمعية «تويزة» الوطنية, أين طالب بفتح المجال لمختلف الجمعيات الأخرى للانخراط ضمن الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل من أجل تفعيل النشاطات المسطرة بصورة أكبر, أما محمد أخصائي نفسي تابع لجمعية كافل اليتيم, فقد اقترح على الشبكة ضرورة العمل على تفعيل مصطلح «الوساطة العائلية» على اعتبار أن له دورا ايجابيا في حال وجد الأذان الصاغية, هذا ويلاحظ أن ظاهرة العنف الجنسي ضد الطفل تحظى باهتمام كبير من طرف الشبكة, وعن الأمثلة التي تدخلت فيها والإجراءات المتخذة خصوصا ما تعلق بجانب المتابعات القانونية لتوفير الحماية للطفل وهو ما تعجز عنه باقي الجمعيات, حيث أكد عبد الرحمان عرعار, رئيس الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن الجمعيات من الناحية القانونية لا تملك الحق في طلب المتابعة القانونية في حال رصد أي حالة عنف ضد طفل, ليضيف أن شبكة ندى قد وجدت فتحة مع العدالة, أين تأسست كطرف مدني للتدخل في عدة قضايا كان أهمها الأطفال المستغلين في عملية التسول, يقول المتحدث: «كنا نتساءل إن كان الطفل المستغل في عملية التسول هو فعلا ابن من تحمله, ولا يتجاوز سن بعضهم سنة واحدة, صحيح أنه ليس بإمكان أي أحد محاسبة أولئك المتسولين, ولكن هناك حالات تدخلت فيها شبكة ندى وقدمت شكاوى لوكيل الجمهورية المختص إقليميا وقف خلالها ممثلون من شبكة ندى كشاهد في مواجهة المرأة المتسولة, ليتبين أن الطفل ليس ابنها وإنما هو طفل مستغل في عملية التسول مقابل مبلغ مالي لوالده». تعمل شبكة ندى على توكيل محامين معتمدين لدى الشبكة للدفاع عن حقوق الطفل أمام هيئة المحاكم ضد أي معتد مهما كانت صفته, كما يتم التنسيق مع مصالح الأمن والدرك الوطني من خلال تزويدهم بالمعطيات المتوفرة لدى الشبكة, أما بخصوص الانتهاكات الجنسية ضد الأطفال, فأكد عبد الرحمان عرعار وجود حالات تم الاعتداء عليها جنسيا من طرف عدة أشخاص وبعضهم من الأولياء أنفسهم, وهنا تكمن صعوبة الأمر, إذ لا يسهل بتاتا حماية الطفل من والديه, ليؤكد المتحدث أن الملفات مودعة لدى مصلحة الشبكة, ولكن يرفض تقديم أي تفاصيل عنها تجنبا لأي ضغط إجرائي أو إعلامي على الضحايا. هذا ويجدر الذكر أن شبكة ندى تنشط بالتنسيق مع قاضي الأحداث وقاضي شؤون الأسرة, حيث تتم متابعة مختلف الحالات مع السلطات المسؤولة سواء كانت صحية,تربوية أو قانونية, كما هناك تقارير دورية ترفعها الشبكة للوزارة المكلفة بقضايا الأسرة والتي تملك كامل الصلاحية على الدفاع عن قضايا الطفولة في مجلس الحكومة, وقد سبق لها التدخل في قضايا على المستوى المحلي والوطني. اتفاقية مع العدالة لمتابعة الأطفال الموقوفين أشار رئيس الشبكة إلى مشروع جديد يتمثل في اتفاق مع العدالة يدخل حيز التنفيذ خلال السنة الجارية من أجل متابعة الأطفال الموقوفين والممتثلين أمام المحاكم وعائلاتهم أيضا دون أن يقدم تفصيل أكثر بشأنه, يقول في هذا السياق: «يجب أن نحد من الثقافة السائدة لدى العائلات التي تموت رعبا بمجرد أن يصلها استدعاء من الشرطة يخص أحد أولادها, فتجدهم يرفضون التوجه لمركز الشرطة ويتجنبون الوقوف أمام المحكمة, ولكن نحن بدورنا سنحاول من وراء هذه الاتفاقية تقديم الدعم للطفل وعائلته على حد سواء», أما فيما يخص مشروع «الوساطة العائلية» فقال أن وزارة التضامن تدرس هذا المشروع وإمكانية استحداثه. عدم التبليغ يعاقب عليه القانون ونطالب بمحاكم خاصة التبليغ عن حالات العنف التي يتعرض لها الأطفال أمر مستوجب وليس دافعا تقليديا أخلاقيا على أنه فعل خير فحسب, وإنما هو إلزام قانوني, لذا فالتصريح والتبليغ يجب أين يكون بآليات أخرى أكثر مرونة, لأن عامة الناس يبلغون, ولكن يرفضون الشهادة أمام المحكمة,و عليه طالب السيد عرعار بضرورة إخراج قضايا الأطفال من المحاكم العادية ومعالجتها في محاكم خاصة, وهكذا يمكن دعم صلاحيات قاضي الأحداث. قانون حماية حقوق الطفل لم ير النور سبق لشبكة ندى وأن شاركت في مناقشة مشروع قانون خاص بحماية حقوق الطفل سنة 2005, وعن هذا الأخير يقول عبد الرحمان عرعار أنه لم ير النور إلى يومنا, وعن أسباب ذلك, فأكد أنه يجهلها, مضيفا أن هذا القانون من صلاحياته تعيين رؤساء الأفواج, حيث توجد مصالح خاصة بالشؤون الاجتماعية وحقوق الطفل على مستوى البلديات, ولكن القانون في حال دخوله حيز التنفيذ سيقوم بتعيين مدافعين عن حقوق الطفل على مستوى تلك المصالح, أين يتولى المعني مهمة الحماية القضائية والاجتماعية, ويكون المكلف بالتدخل وإعداد تقرير عن كل حالة عنف ضد طفل. السلام ترصد آراء بعض المشاركين في رصدنا لآراء بعض المشاركين, أكد لنا رئيس جمعية «الرسالة الثقافية» من فرندة ولاية تيارت أن الأرقام المقدمة حول العنف الذي يتعرض له الأطفال جد مرعبة «وما خفي أعظم» على اعتبار أن ليست كل الحالات مبلغ عنها, وقد اعتبر المتحدث أن توعية الطفل تكون أفضل لما يتلقى رسائل من طفل مثله وعليه تسعى الجمعية إلى تقديم مجموعة من المسرحيات من كتابة, تمثيل وإخراج فرقة مسرح الأطفال التابعة للجمعية, مؤكدا أن ذلك من شأنه تسهيل التعبير لدى الطفل ولا يلتزم الصمت عن كل ما قد يتعرض له. سليمان سعيود, محامي متقاعد, اعتبر الملتقى نوعا من الجرأة في معالجة موضوع يعتبر من الطابوهات, ولكنه أشار إلى ضرورة حضور ممثلين من وزارة الشؤون الدينية بالنظر إلى دورهم في التذكير وتقوية الوازع الديني في النفوس. قد تكون الملتقيات حلا ناجعا, إلا أن ظاهرة العنف الجنسي تبقى مسكوت عنها وهذا ما يظهره الواقع من خلال الروبورتاجات الميدانية حول الموضوع, ولكن النقطة التي وقف عليها بعض المشاركين هي غياب دور بعض الحركات الجمعوية في التوعية والتحسيس للحد من تلك الأرقام, فلورا برغوث, رئيسة جمعية البركة لمساندة الأشخاص المعوقين في ردها عن دور الحركة الجمعوية للحد من الظاهرة, أكدت لنا أن نشاط الجمعيات يبقى مرهون بالدعم المقدم من طرف الأولياء ودرجة اهتمامهم والثقة التي يجب أن تكون متبادلة بينهم وبين الجمعيات الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الطفل, مشيرة أن الظاهرة لا بد أن تعالج على المستوى الوطني, والملتقيات الموسمية, ويجب أن تكون يومية لإيجاد الحلول.