أكد عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية، أمس الأول، بأرزيو بولاية وهران في خطاب تاريخي برزت من خلاله معالم التفاف الطبقة العاملة حول الإصلاحات التي باشر بها رئيس الجمهورية، الذي لم يتوان في وصف المرحلة بالصعبة، وأن الانتخابات التشريعية القادمة تكتسي أهمية بالغة وخطوة مميزة في استكمال مسار الإصلاحات السياسية، مشددا على ضرورة غلق الطريق أمام محبي زرع الفوضى، وأمام أي محاولات للتدخل الأجنبي. وأوضح الرئيس بوتفليقة في خطاب ألقاه بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات، وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين أن الاقتراع المقبل سيشهد مشاركة واسعة للأحزاب بما فيها الجديدة المعتمدة مما سيفرز برلمانا ديمقراطيا تعدديا. وفي هذا السياق عبر رئيس الدولة عن أمله في أن يكون البرلمان القادم حقا أوسع تمثيلا وأكثر تنوعا، وأحسن تأهيلا لمواصلة مهمته التشريعية في تكييف وتطوير المنظومة القانونية للبلاد خاصة مهمة تعديل النص القانوني الأسمى أي الدستور وذلك بما يتلاءم مع تحولات المجتمع وتقدم الإصلاحات السياسية ومتطلبات التنمية المتسارعة. لا نجاح للتشريعيات من دون إقبال على الاقتراع وأكد الرئيس بوتفليقة أن نجاح الانتخابات يبقى مرهونا أولا وأخيرا بمدى إقبال الناخبات والناخبين على الاقتراع، مبرزا أن هذا الإقبال ينبغي أن يكون انشغالا للجميع فالإدارة مسؤولة عن توفير الإمكانات اللازمة والظروف الملائمة، وأضاف رئيس الجمهورية أن المسؤولية الكبرى تعود إلى الأحزاب في قدرتها على تجنيد شرائح واسعة من الشعب، وعلى تعبئة الناخبين وكسب أصواتهم فضلا عن الحركة الجمعوية التي يجب أن تضطلع بدورها الحيوي في تأطير المواطنين وتوعيتهم، وكذا الإعلام بكل أنواعه ووسائله المؤثرة، الذي يعول عليه كثيرا في أداء واجبه المهني والوطني في تبليغ المواطنين وتحسيسهم بأهمية هذا الاقتراع وجدواه. وتابع رئيس الدولة أن نجاح الانتخابات المقبلة بما هي اختيار مواطنة وديمقراطية ستكون من جهة فرصة لتمتين علاقة المواطن بالمؤسسات الدستورية وتعزيز ثقة الناخبين في المنتخِبين، وتثمين مصداقية المجالس المنتخبة مما يمكنها من الإسهام أكثر في عملية البناء والتجدد الوطني، كما ستكون من جهة أخرى قوة دافعة لمسار الإصلاحات السياسية الجارية، ودليل وعي وطني وتقدم ديمقراطي ورسالة الجزائر إلى العالم أجمع. رئيس الجمهورية يتوعد بمعاقبة معرقلي نزاهة العملية الانتخابية وكشف رئيس الجمهورية عن توجيه تعليمات إلى كل الجهات المعنية من إدارة وقضاء ولجان مراقبة مستقلة، مؤكدا على ضرورة احترام القانون وتطبيقه الصارم، مشددا على أن يتحمل الجميع مسئولياتهم كاملة، وأنه سيحاسب كل من يتورط في مخالفة القانون أو يقصر في أداء واجبه المهني أو يعرقل نزاهة العملية الانتخابية. وجدد الرئيس بوتفليقة تأكيده على ضرورة حياد الإدارة التام وانضباط أعوان الدولة في أداء مهامهم، وعلى التزامهم الكامل بتطبيق القانون، وتنفيذ ما يصدره القضاء من أحكام، مشيرا إلى أن الإشراف القضائي على الانتخابات سيكون اختبارا حقيقيا لمصداقية القضاء، وفرصة لتعزيز دوره الحيوي في تكريس الديمقراطية وترقية الحقوق السياسية في المجتمع. وفي هذا السياق أضاف رئيس الجمهورية أن ذلك يتم بضمان شفافية الاقتراع ونزاهة التنافس الحر بين مختلف القوى السياسية، بما يساعد على إنجاح الاستحقاقات السياسية المقبلة والمضي قدما بمسار الإصلاحات إلى المبتغى المنشود، هذا ودعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الشباب الجزائري إلى المشاركة في الانتخابات المقررة يوم 10 ماي القادم، وعدم تفويت الفرصة لتأكيد انخراطهم القوي في الحياة السياسية. لا لترك المجال مفتوحا ونعم للحضور بقوة وجاء في خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات، وإنشاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين أن شباب الجزائر هو الرهان الأكبر في مستقبل البلاد منه، على الخصوص من يشارك أول مرة في الانتخابات. وعن هؤلاء، قال الرئيس بوتفليقة أنهم ذخيرة الأمة صناع الأمل ومشاعل الغد الزاهر قادرون على رفع التحدي، وتوجه رئيس الدولة إليهم بنصحهم أن لا يفوتوا الفرصة لتأكيد انخراطهم القوي في الحياة السياسية، مضيفا أنهم بذلك يجسدون قناعاتهم وطموحاتهم ويساهمون في ترقية مبادئ الجمهورية وقيمها وبلوغ مجتمع الحداثة المنشود الذي يصبون إليه. ومن جهة أخرى أشاد الرئيس بوتفليقة بالجالية الوطنية بالخارج وبالتزامها الدائم في أداء واجبها الوطني، داعيا إياها إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات المقبلة.
لماذا العودة للوراء؟
وبحديثه عن المناسبة، أكد رئيس الدولة في بداية خطابه ارتباط تاريخ تأميم المحروقات عن وعي، وقصد بتاريخ إنشاء الاتحاد النقابي الوطني للتأكيد على أن الوعي النقابي كان قرين الوعي الثوري المؤمن بأن استرجاع الاستقلال يجب أن يكون شاملا كاملا غير منقوص، والتأكيد أيضا على أن ثروات البلاد تزداد قيمة بتثمين العمل ومكانة العمال الذين هم عليها الأعين الأمينة الساهرة. وأضاف بوتفليقة أن الجزائر تعيش بعد نصف قرن من استرجاع استقلالها الوطني، مرحلة عامرة بالإنجازات والإصلاحات مثقلة بالتحديات تتطلب من الجميع مزيدا من التلاحم والتعبئة والعطاء، وأشار الرئيس إلى تحمل الشعب الجزائري الكثير من المعاناة والتضحيات من أجل الحرية والسلم والاستقرار، وبذل جهودا معتبرة متواصلة لتحقيق تنمية شاملة لكافة مناطق البلاد قوامها العدل والتوازن والتكافل، وغايتها حياة كريمة لكل المواطنات والمواطنين. وشدد رئيس الدولة على أن بلادنا كانت سباقة في خوض تجربة ديمقراطية تعددية في ظروف داخلية معقدة، تزامنت مع متغيرات وتأثيرات خارجية صعبة أفرزتها عولمة زاحفة كاسحة، حيث كانت مرحلة مؤلمة باهظة الثمن «خرج منها الشعب الجزائري منتصرا متحدا دون عون أو نصير، خرج منها أشد صلابة ومناعة مستخلصا الدروس والعبر أعمق تضامنا وتسامحا في كنف الوئام المدني والمصالحة الوطنية، نابذا التطرف والعنف رافضا أبدا الفتنة والمغامرات الفتاكة أكثر تشبثا بهويته الأمازيغية العربية الإسلامية، وأقوى تمسكا بالحداثة والديمقراطية».