تعرف منطقة القبائل الكبرى على غرار ولايات الوطن جملة من المشاكل الاجتماعية الناتجة عن قلة الإمكانات وهشاشة الأجهزة الإدارية المسئولة، حيث يعيش السكان معاناة كبيرة لسوء المعيشة جراء نقص الإمكانيات والمرافق الضرورية، وغياب فرص العمل بسبب بعدها عن مقر الولاية، وما زاد الوضع سوءا هو الانتشار واسع لظاهرة الإدمان على الخمر والمسكّرات، حيث أن هناك إقبالا كثيفا نحو الحانات والمخامر التي أصبحت عبارة عن محلات تجارية عادية، والمثير للانتباه هو تواجد العنصر الشبابي بقوة ضمن لائحة الزبائن كما هو الحال بضواحي جرجرة كدائرة عين الحمام، التي تشهد اكتساح واسع للمادة السامة التي خرّبت أكثر من نظام بيت، واتخذت جيوب ناقصي الحيلة كثمن لها. مخَامر وسط المدينة شوّهت سمعة المنطقة تعتبر منطقة عين الحمام من أهم المرافق السياحية بمنطقة القبائل، لمحاذاتها لجبل جرجرة الذي أكسبها طابعا ريفيا، إضافة إلى تمسّكها بالعادات والتقاليد وحفاظها على أصالتها في زمن مهوُوس بالمعاصرة، لكن هذا لا يغنيها عن كونها قاعدة اقتصادية لعدد من المخامر والحانات التي باتت ملاذًا للعديد من السكان، مشوّهة بذلك سمعة المنطقة ووضعها لأخلاقيّات السكان عل المحكّ، حيث بلغ عدد الأماكن الخاصة ببيع واحتساء الخمر ما يقارب 15 حانة تعمل وفق معايير قانونية وتحضى بترخيص من الدولة، والمثير للاهتمام هو تمركز هذه المحلات في وسط المدينة وعدم انقطاعها عن العمل ليل نهار، إذ تعرف مثل هذه الأماكن حركيّة دائمة ونشاط كثيف خصوصًا ليلا وكذا في المناسبات، هذا بعد اكتشافنا بتواجد مخزنين كبيرين الأول بدائرة ثاشكيرث والثاني ب أيت المنصور، واللّذان يهتمان بالتّرويج للمسكّرات والحرص على توزيعها بعناية فائقة على المخامر المعتمدة، وهو ما ولد التخوف الكبير للعائلات المنطقة من انتهاج أبنائهم هذا الطريق الذي قد يعمل على إهمالهم لدراستهم ومستقبلهم معتبرينه بمثابة الانتحار التدريجي، ناهيك عن الأمراض التي تفتك بهم على غرار سرطان الدم، وأمراض القلب، والمفاصل. تلاميذ المدارس يغتنمون فرص الاستراحة لاحتساء جرعات من الخمر وبعد جولة في شوارع المدينة لاستطلاع مواقف السكان حول هذه المخامر تبين من الوهلة الأولى وبالإجماع معارضتهم لها، رغم أنها تعمل بطرق قانونية وعدم قبولهم بها ضمن رقعتهم الجغرافية على أساس أنهم مسلمون والإسلام حرَّم الخمر ولعن كل ما له علاقة بها، هذا قبل أن يضيف أحد السكان أنهم في غنى عن المشاكل التي تتسبب فيها هذه المادة السامة التي تغذي عقول ناقصي الحيلة بالأوهام والسموم، وفي نفس السياق فإن السكان قد بلّغوا انشغالاتهم في هذا الصدد للسلطات المحلية في أكثر من مناسبة، ومن جملة تلك الانشغالات إلحاح هؤلاء السكان على غلق هذه المحلات والامتناع عن دعمها والبحث في خباياها في أقرب الآجال، لأنه لأمر مُشين أن تعرف هذه الأماكن إقبال واسع للعنصر الشبابي تحت سن الرشد، فحسب تصريح لأحد تلاميذ ثانوية «أوديع وعلي» فإن التلاميذ قد اتخذوا فرص الاستراحة لاحتساء جرع من الخمر، بغرض الترفيه عن النفس مما أدى بهم إلى فقدان سيطرتهم على أنفسهم، الأمر الذي يخلق في أكثر من مرة حالة من الهلع و الخوف في صفوف التلاميذ، استنادا إلى غياب المراقبة على جميع الأصعدة، لتكون أول استجابة فعلية حول الموضوع ما قام به حميد أيت سعيد رئيس بلدية ايفرحونن، منذ توليه المنصب سنة 2008، حيث قام بغلق الحانة الوحيدة التي كانت المتواجدة بهذه المنطقة حانة خنسوس، كونها كانت موضع مشاكل للسكان كما أنها لم تكن خاضعة للرقابة القانونية. فالزائر لبلدية عين الحمام يدرك وللوهلة الأولى مدى كثرة المخامر ومستوى رُقيّها سواء على الصعيد الخارجي الذي أكسبها مظهراً جمالياً، أو على مستوى الضيافة والخدمات المقدّمة داخلياً، وللأسف الشديد فإن هذا الرخاء قد ساهم فيه العديد من مدمني هذه المادة، في حين أن عائلاتهم أحوج إلى تلك النقود للعيش من تقديمها مقابل المادة السامة لكن لا حياة لمن تنادي، فالتجارة في الخمر باتت ورقة رابحة ونعمة للتّجار، في حين أنها نقمة على السكان. فرص عمل جديدة أمل وطوق نجاة للشباب وفي سياق آخر فان شباب هذه القرى يعانون من ويلات البطالة التي تنخر أجسادهم وغياب فرص العمل، ما فتح المجال أمام هذه الفئة من المجتمع إلى قصد المخامر المتواجدة بقوة لعل زجاجة الخمر تنسيهم غبنهم وتلهيهم عن واقعهم، وما يزيد هؤلاء حسرة وبؤساً كون معظم من خرّجي الجامعات وحاملي الشهادات التي نال منها الغبار بسبب غياب مؤسسات تدعمهم وتكفل طموحاتهم، فحتى أعوان البلدية لم تكن بحوزتهم تفسيرات حول المعضلة لافتقادها لمؤسسة خاصة تعمل على توفير مناصب العمل للشباب لأن المنطقة تحتوي على مديرية وطنية للتوظيف كهيكل تنظيمي فحسب محدود المهام، ما جعله هيكل من دون روح، الأمر الذي شجّع غالبية الشباب إلى اتخاذ الحراقة كسبيل لإثبات الذات وسط انعدام الفرص في وطننا، وإن وجدت فهي تسيّر وفق معيار الاحتكار لا غير. فكيف لبلدية بمثل الطاقة البشرية التي تملكها عين الحمام أن تكون مشاريعها الخاصة بالمصلحة العامة رهن إشارة المسئولين ومرتبطة بحسابات متداخلة تبقى فيها انشغالات المواطن على هامش الانجازات، الأمر الذي لازال يؤرق هؤلاء و يضاعف من معاناتهم و يجعلهم يستنجدون بالسلطات الولائية وحتى المؤسسات الخاصة لتسوية الأوضاع بطريقة أو بأخرى. غياب التهيئة هاجس يؤرق السكان طالب سكان دائرة عين الحمام السلطات المحلية من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لإصلاح البنية التحتية للطرقات، التي تشهد حالة من التدهور والإهتراء اللذان يعمقان من معاناة المواطنين، جراء الاضطرابات الجوية الأخيرة التي شهدتها المنطقة، هذا بعد أن ملّ السكان من الوعود الكاذبة سيما أن المنطقة قد استفادت من غلاف مالي قدّر ب112مليار سنتيم منذ ثلاث سنوات، هذا الأخير الذي سخر لدفع عجلة التنمية بالمنطقة نحو الأمام إلا أنه غير كافي لتهيئة عدد من الأحياء المتضررة مؤخرا، على غرار وسط المدينة، منطقة عقّار، تاوريرث آث مانقلات، وَارْجة، على جميع المستويات نتيجة محدودية ميزانية البلدية أمام كثرة الأشغال، فالمعاناة باتت يوميات السكان وسط ضيق الطرقات وانعدام الأرصفة التي غالبا ما تودي بحياة الكثيرين وتجعل مصيرهم على المحك خصوصا في هذا الفصل، والقطرة التي أفاضت الكأس هي الشكاوي والنداءات المستعجلة للسكان والتي أصبحت تُقابل بأجوبة مفادها أن السلطات تُتابع الوضع، لكنها تنتظر اعتدال الطقس لتجف التربة وتزاول مهامها دون أي عائق، مع العلم أن أشغال الترميم على مستوى الطريق الرابط بين عين الحمام دائرة ايفرحونن جنوباً المسمى وَارْجة الذي يشهد حالة متقدّمة من التدهور والانجراف الشبه كلّي، بدأت تعرف نشاطا محسوسا منذ أسبوع تقريباً. وعلى هذا الأساس طالب سكان بلدية عين الحمام السلطات المعنية بضرورة غلق المخامر المنتشرة بكثرة بالمنطقة، التي تعمل على ضياع مستقبل شبابها مع إدراج مشاريع التنمية لانتشال المواطنين من دائرة التهميش والمعاناة التي لازالوا يتكبدونها منذ سنوات طوال