تحولّت معظم المقابر المتواجدة على أرض الوطن إلى مأوى للذين لم يجدوا بديلا سوى المدافن، لتتحول هذه الأخيرة شيئا فشيئا إلى مأوى للخارجين على القانون فيرتكب هناك ما قد يخطر أو لا يخطر على البال، بعد أن انتهكت حرمة هذا المكان المقدس، وفي هذا الحوار الذي جمع "السياسي" مع محمود عرباجي رئيس الجمعية المهتمة بالحفاظ على المقابر التي تأسست سنة 2000 وهي جمعية ولائية ذات طابع خيري أردنا إزاحة الستار للتعرف على الحقائق والتصرفات التي باتت تُرتكب من قبل بعض الشباب والشابات إلى جانب بعض النسوة اللائي فضّلنها عن غيرها لاختيارها كمكان مؤمن لممارسة السحر والشعوذة، حيث أكد لنا عرباجي أن حرمة المقابر قد زالت في ظل غياب الرقابة واللاإلتفات لحرمة الميت والمقابر مبرزا ضرورة التعاون للحفاظ على نظافة وحرمة المقابر. ما هي أهم الأسباب التي دفعتك لتأسيس جمعية تحافظ على المقابر؟ هذه الجمعية تهدف للحفاظ على المقابر المتواجدة بولاية الجزائر وتسعى الجمعية كذلك لغرس حب التطوع والتنظيف في أوساط مجتمعنا للحفاظ على المسالك المتواجدة داخل المقابر إضافة إلى التحسيس بضرورة تكثيف الحراسة على المقابر.
فيما يتمثل دور الجمعية؟
تسعى الجمعية لتنظيم حملات التنظيف داخل المقابر، كما ساهمنا في العديد من المرات وبالتنسيق مع بلدية باب الواد، وواد قريش في تنظيف مقبرة القطار، مقبرة بوزريعة، مقبرة العالية، مقبرة الحراش فكل هذه المقابر قمنا بتنظيفها من الأوساخ والنباتات التي تغطي معظم القبور.
هل من أوقات معينة تختارها الجمعية للقيام بحملة التنظيف؟
ليس لنا وقت محدد بل نختار في كل مرة يوما خاصا لزيارة مقبرة ما تقع في العاصمة لننظفها، إذ نبرمج موعدا خاصا لكل أعضاء الجمعية وكل المتطوعين في الصباح الباكر وبمشاركة الكشافة الإسلامية وتقوم مؤسسة تسيير المقابر لولاية الجزائر بتوفير كل الوسائل والأدوات اللازمة لهذه العملية وكذا الشاحنات لنقل النفايات والأوساخ والجمعية لها مكتبها الخاص هو متواجد بالعاصمة أيضا يهتم بتحديد مواعيد الاجتماع يوم كل سبت من كل أسبوع لتنظيم برامجنا مع مؤسسة تسيير المقابر، حيث توجد 146 مقبرة على مستوى ولاية الجزائر العاصمة و33 منها هي مقابر مسيحية وواحدة يهودية كما وفرت جمعيتنا في كل بلدية ممثلا لها وهو الذي يقوم بطرح كل الانشغالات الموجودة بمقبرة تلك البلدية.
على ذكرك للانشغالات، ما هي أبرز النقائص التي تعرفها المقابر؟ إن تحدثنا عن النقائص فهي لا تعد ولا تحصى فهناك العديد من المقابر التي تنعدم فيها الإنارة وحتى الجدران الواقية، ناهيك عن انتشار النفايات وزجاجات الخمر الملقاة بين القبور والتي تسبّبت في عرقلة تشييع الجنائز، حيث يجد المشيعون صعوبة في المشي بسبب النفايات من جهة وضيق الممرات من جهة أخرى، وجذوع الأشجار الملقاة بين القبور هي الأخرى تعد من بين المشاكل إضافة إلى كثرة الأعشاب الطفيلية التي تعوق المشي، في الوقت الذي تعتبر فيه المقابر مكان له قدسيته ويجب احترامه واحترام حرمة الموتى وعدم الإساءة لهذا المكان الذي يرقد فيه الجسد لينتقل إلى الراحة الأبدية، إذ تحولت الكثير من أماكن دفن الموتى في الجزائر إلى أوكار لممارسة الرذيلة وتناول الخمور وسماع أغاني الراي في أوقات متأخرة دون مراعاة حرمة الموتى كما أنها أصبحت المكان المفضل للمراهقين للتحرش بالفتيات ومعاكستهم وتحولت هذه المقابر إلى أوكار للفساد والدعارة ومخبأ للصوص في الليل، ومأوى للسكارى ومدمني المخدرات وممارسة الفواحش حتى بين القبور.
تحدّثت عن التصرفات اللامسؤولة والمرتكبة من قبل المواطنين، في اعتقادك هل ينعدم الأمن في هذه الأماكن؟
يوجد الحراس في هذه الأماكن لكن ليسوا بالعدد الكافي إذ يكون في غالب الأحيان تواجد حارس أو حارسين أمام باب المقبرة وهذا غير كاف في ظل تفاقم الظواهر الخطيرة التي تحدث داخل المقابر، ونحن كجمعية يتمثل دورنا في تقديم طلبات وكانت هذه الطلبات متكررة للبلديات من أجل وضع حلا سريعا وزيادة عدد الحراس وكذلك توفير الأمن للحد من هذه التصرفات غير اللائقة بالمقابر، خصوصا إن تحدثنا عن قصر" البريجة" المتواجد داخل مقبرة العالية والذي رمم من قبل المدير العام لشركة كوسيدار، الذي أصبح القبلة الأولى لتوجه الشباب المنحرفين فنقص المراقبة والإهمال حوّل هذه المقابر إلى أماكن لا يمكن زيارتها.
هل من مشاريع مستقبلية تريدون تحقيقها؟
نأمل في إعادة المقابر لما كانت عليه سابقا ونسعى لتغيير قبور الأشخاص الذين تم دفنهم في الطرقات، خصوصا مقبرة القطار وذلك في فترة العشرية السوداء وكذلك فيضانات باب الواد سنة 2001، كما سأتوجه بتقارير مفصّلة تسلّم للأمن فيها كل التفاصيل الواقعة بالمقابر.
ما الذي يريد قوله رئيس جمعية الحفاظ على المقابر؟
من الواجب علينا أن نبادر إلى إصلاح وتغيير هذا الفساد الذي يطعن أمتنا ويشوه سمعتها وسمعة مجتمعنا الإسلامي وأتوجه بالقول لكل من هو قادرا على إصلاح هذا الفساد والمنكر، مباشرة هذا العمل الصالح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتنظيف مقابرنا من الأوساخ والأشواك والفساد والمفسدين وأهل العار والدعارة بكل عزم وإرادة.