آفاق واعدة للتنمية بولاية جيجل يمكن الجزم بأن عديد المؤهلات التي تزخر بها ولاية جيجل، إضافة إلى الجهود الكبيرة المبذولة من طرف الدولة من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية بهذه الولاية التي أثّرت عليها سلبا وبشكل كبير المأساة الوطنية، بإمكانها أن تجعل من هذه الولاية قطبا سياحيا وتجاريا دوليا من الطراز الأول وأحد المراكز الحساسة في الاقتصاد الوطني? وتتوفر ولاية جيجل على شريط ساحلي استثنائي الذي حبتها به الطبيعة وبجبالها وغاباتها الكثيفة على موارد طبيعية غنية بالإمكانيات الفلاحية والمائية والبيئية التي تحسد عليها? ويبدو أن اقتصادها الذي يغلب عليه الطابع الفلاحي سيشهد تغيرا كبيرا لكونها ستستفيد من موقعها الاستراتيجي على المحور البحري السويس جبل طارق و قربها من الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط مما يجعلها تفرض نفسها في مجال التجارة البحرية? وستصبح ولاية جيجل التي تدعمت بقاعدة بحرية و3 موانئ صيد محطة لا يمكن تجاهلها على الطرق السيارة البحرية بفضل مينائها الجديد الواقع بجن جن والذي سيتوفر بمجرد استكمال جميع منشآته على محطة لنقل البضائع و رصيف للحديد والصلب
ميناء جن جن ومركب بلارة والطريق السيّار شرق غرب
ويعد مركب الحديد والصلب ببلارة الذي خطط لإنجازه منذ 1974 مع المنشآت التي ترافقه مثل ميناء الحديد والصلب وخط السكة الحديدية والمطار والطريق السيّار ومحطة توليد الكهرباء والإمداد بالماء من أهم ما تتضمنه الديناميكية الجديدة التي ستنعكس نتائجها إيجابيا على هذه المنطقة الجبلية حيث ستخرجها من عزلتها الكبيرة وستجد حلا إيجابيا لمعادلة البطالة التشغيل هذا على المدى المتوسط? واستنادا لبروتكول الاتفاق الموقّع عليه في 7 جانفي 2013، فقد أسندت أشغال إنجاز مركب الحديد والصلب ببلارة لمجمع ?سيدار? و?قطر ستيل? الدولية على أساس مبدأ 49 مقابل 51 بالمائة? وقام مكتب الدراسات ?أتكينس? بدراسة جدوى هذا المركب الذي أجل إنجازه ثم بعث من جديد? ووفقا لمسؤولي ?سيدار?، فإن مهلة الإنجاز ستكون 30 شهرا انطلاقا من نهاية عام 2013 وسيدخل حيز الخدمة بدءا من 2017 حيث سيكون الإنتاج في المرحلة الأولى 2 مليون طن من الفولاذ سنويا ثم 4 مليون طن سنويا في 2019 وستستحدث خلال هذه المرحلة 2000 منصب شغل مباشر? وسيتم إنجاز إمدادات للمياه نحو منطقة بلارة انطلاقا من سد بوسيابة بمعدل 20 مليون متر مكعب سنويا? كما سيتم إنجاز محطة ضخمة لتوليد الكهرباء ب1600 ميغاواط بداخل المنطقة حيث ستتم مضاعفة خط السكة الحديدية بين ميناء جن جن ومنطقة بلارة? ومن المقرر أيضا إنجاز خط للسكة الحديدية بين ميناء جن جن والعلمة من طرف الوكالة الوطنية لدراسات متابعة إنجاز الاستثمارات في السكك الحديدية ?أناسريف? حيث أنه بالموازاة مع عصرنة طريق الولوج إلى بلارة ستطلق قريبا أشغال إنجاز طريق مخترق للطريق السيّار بين ميناء جن جن والطريق السيّار شرق غرب? واستنادا لمدير الأشغال العمومية بولاية جيجل، فقد أسندت أشغال هذا الطريق المخترق لمجمع جزائري إيطالي يضم مؤسستي ?سابتا? و?أو تي أر أش بي حداد? من الجانب الجزائري و?ريزاني دو إيتشر? من الجانب الإيطالي? وسيربط هذا الطريق المخترق ب100 كلم والمتكون مرتين من طريقين قابلتين للامتداد إلى مرتين 3 طرق ميناء جن جن بولاية سطيف بأعالي العلمة وسيسّهل هذا الطريق المخترق التبادلات الاقتصادية الوطنية والدولية حيث أن الطريق المزدوج للطريق الوطني رقم 43 بين جيجل والميلية والطريق المزدوج للطريق الوطني رقم 27 على محور جيجل ميلة قسنطينة لهما نفس الأهداف، حسبما علم من الولاية?
ميناء بوظائف متعدّدة
وقد صرح مؤخرا عبد الرزاق سلامي، المدير العام لمؤسسة ميناء جن جن، بأن المهمة الأولى لهذا الاخير ستكون كميناء خاص بحركة الحديد والصلب? وسيستقبل ميناء جن جن المصمم كميناء خاص بحركة الحديد والصلب في إطار المشاريع المندمجة لمركب الحديد والصلب ببلارة البواخر الكبيرة للحديد الخام حيث أنه بعد التخلي عن مشروع بلارة في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية في سنوات الثمانييات والتي شملت مؤسسات إنتاج الفولاذ تدعم الميناء بمنشآت إضافية بحيث يمكن لمحطة نقل البضائع الجاري إنجازها أن تلعب دورها في حركات ;التنقل بين القارات? ومع تزايد الطلب الداخلي على الفولاذ ?البرامج السكنية? والدولي ?صناعات صينية?، عادت فكرة إعادة بعث مشروع مركب الحديد والصلب ببلارة إلى جدول الأعمال? وأسندت مهمة تسيير محطة نقل البضائع لمؤسسة موانئ دبي العالمية ?دي بي وورد? حيث تمكن الميناء من تجديد مهمته الأولى? واستنادا لسلامي، فإنه بمجرد استكمال هذا الميناء ستكون قدرته 2 مليون حاوية ?ما يعادل 20 قدم? أكبر من مجموع الموانئ الوطنية التي تتراوح بين 1,3 و1,5 حاوية? وسيكون هذا الميناء الأكثر أهمية بالوطن بإمكانيات تقدر ب30 مليون طن في المجموع من خلال 7,5 مليون طن للحديد والصلب و15 إلى 20 مليون طن للحاويات ومن 3 إلى 4 طن للحبوب والباقي مخصص للبضائع المتنوعة? و ستعزز حتما الديناميكية الاقتصادية القوية التي أطلقت من خلال تنمية مركب الحديد والصلب ببلارة والميناء التجاري بجن جن كما ستدفع قدما بالقطاعات الاقتصادية الأخرى بالولاية خزان مائي في المستقبل للهضاب العليا وللشرق الجزائري مما سيسمح لولاية جيجل التي تدعمت في السنوات الأخيرة بمنشآت مائية هامة من لعب دور خزان مائي للهضاب العليا وجزء كبير من منطقة شرق ال بلاد? وتتهاطل الأمطار بكميات كبيرة بولاية جيجل مقارنة بباقي مناطق الوطن ?من 800 إلى 1200 وأحيانا 1800 ملم في العام? حيث تمتاز هذه الولاية بشبكة مائية كثيفة ?أكثر من 20 واديا هاما? و74 مليون متر مكعب من المياه الجوفية وعشرات السدود الصغيرة والحواجز المائية مما يجعلها منطقة مؤهلة لسقي الولايات المجاورة لها الواقعة بشرق البلاد والتي لم تمنحها الطبيعة ما منحته لولاية جيجل? ويتم تحويل المياه أساسا عن طريق ضخ الفائض نحو السد الكبير ببني هارون بولاية ميلة? وتعززت هذه الولاية التي اعتبر وزير الموارد المائية أن بإمكانها احتضان إلى غاية 7 سدود انطلاقا من 2004 ب4 منشآت هامة حيث أن آخرها هو سد تابلوط ببلدية جيملة الواقعة بجنوب جيجل بسعة تقدر ب286 مليون متر مكعب والذي لا يزال قيد البناء? وتمون سدود ولاية جيجل الواقعة بإيراقن والعقرم وكيسير وبوسيابة وتابلوط هذه الولاية ب550 مليون متر مكعب من الماء? ومن المزمع إنجاز منشأة مائية أخرى بالعنصر على وادي إرجانة بحلول نهاية العام الجاري? وفيما يتعلق بتطهير المياه، تتوفر الولاية على شبكة ب747 كلم من بينها 176 من الشبكة الأولية و570 من الشبكة الثانوية حيث كان معدل الربط 70 بالمائة في 2010?
شبكة الطرقات ستستفيد من طريق مخترق
وإذا شهدت شبكة الطرقات التي لطالما اعتبرت العمود الفقري لأي مؤسسة تنمية تقدما ملحوظا، فستستفيد من طريق مخترق للطريق السيّار بين ميناء جن جن وولاية سطيف حيث أن هذا المقطع بطول 100 كلم من الطرقات المزدوجة والذي من المزمع أن يمر عبر 3 ولايات هي جيجل وميلة وسطيف سيشكل أساسا لفك العزلة التي لطالما عرقلت التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي بالولاية? وتسعى هذه المنطقة الشمالية ذات التضاريس الجبلية والتي ظلت لمدة طويلة حبيسة ضعف شبكة طرقاتها أو وضعيتها الفيزيائية إلى تجاوز جميع العراقيل وهذا من أجل مواكبة التنمية الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية لفائدة سكان المنطقة حيث تتوزع شريحة كبيرة من السكان في مناطق ريفية وجبلية والتي غالبا ما يكون الوصول إليها صعبا بسبب التضاريس والطابع الطوبوغرافي للمكان? وسيشكل هذا المحور من الطريق السيار جرعة أوكسجين بالنسبة لميناء جيجل الذي أخذت أنشطته تتوسع منذ السنوات الأخيرة? وضمن العملية الميدانية أخذت ولاية جيجل زمام الأمور من خلال إطلاق برنامج طموح لإعادة تأهيل وعصرنة وترقية شبكة طرقاتها داخل وخارج الولاية مثل الطريق الوطني رقم 43 الذي وسعت طريقه المعبدة وتم إنجاز ازدواجية هذا الطريق و هذا من أجل التحكم في حركة المرور التي تزداد يوما عن يوم والناجمة عن تنمية بعش الأنشطة الاقتصادية لاسيما على مستوى ميناء جن جن? ويجدر القول بأن جميع الآمال بولاية جيجل معلقة على الطريق المخترق للطريق السيّار شرق غرب المزمع إنجازه مستقبلا على أكثر من 100 كلم و هو المحور المدعو للعب دور في غاية الأهمية في الإدماج الاقتصادي والمكاني بالمنطقة و يسمح بالربط المباشر لإنشاءات هذا الميناء بالطريق السيّار على مستوى ولاية سطيف ?الطريق الوطني رقم 5? وهذا استنادا للمسؤولين المكلفين بقطاع الأشغال العمومية? ومن بين المشاريع التي تكتسي أهمية كبيرة هو بالتأكيد المسار المزدوج لخط السكة الحديدية السريع المزمع إنجازه بالموازاة مع الطريق المخترق للطريق السيّار مما سيضع حدا للعزلة القديمة التي عاشتها هذه المدينة? ومن خلال هذا المسار المزدوج من السكة الحديدية، فلن تكون جيجل سوى على مرمى حجر من عاصمة الهضاب العليا بحيث يستغرق التنقل إلى سطيف نصف ساعة على خط السكة الحديدية، حسبما اعتبره مسؤولو الولاية? ومن بين المؤهلات الأخرى وليست الأخيرة تلك المتعلقة بالموارد المائية التي صارت مبعث فخر هذه المنطقة الواقعة بشمال شرق البلاد والتي تعد من بين أكثر المناطق التي تشهد تساقط كميات معتبرة من الأمطار بالجزائر?
جيجل?? الولاية التي تشهد تساقط كميات معتبرة من الأمطار بالوطن
ويتراوح المعدل السنوي لتساقط الأمطار المسجل بالولاية بين 800 و1200 ملم سنويا ويبلغ استثنائيا 1800 ملم من خلال موسم الأمطار الذي يدوم حوالي 6 أشهر? وستكون ولاية جيجل التي تعد خزانا حقيقيا للمياه والتي تتوفر على عديد السدود العاملة لضمان التموين بمياه الشرب وسقي الأراضي الفلاحية انطلاقا من جوان 2014 في الموعد من أجل تحويل مياه سد تابلوط ?الجاري إنجازه? نحو المنشأة المائية الجاري إنجازها بذراع الديس الجاري بناؤها بولاية سطيف? وحدد هذا التاريخ من طرف وزير الموارد المائية حسين نسيب خلال زيارته للمنطقة في منتصف شهر أفريل المنصرم? وسيضمن هذا التحويل التموين سنويا بمعدل 189 مليون متر مكعب من حاجز تابلوط نحو حاجز ذراع الديس غير بعيد عن العلمة بولاية سطيف سيسمح بتموين منطقة زراعة الحبوب بالعلمة بمعدل 42,5 مليون متر مكعب ?23 بالمائة? موجهة للتموين بمياه الشرب و148 مليون متر مكعب ?77 بالمائة? من أجل سقي 30 ألف هكتار من الأراضي الفلاحية? وتنبئ المنشآت المائية المنجزة أو الجاري إطلاقها مثل المنشأة المائية لإرجانة ?86 مليون متر مكعب? والمدرجة في إطار البرنامج الخماسي 2010-2014 بغد أفضل لهذه المنطقة، حسبما علم من الولاية? وفي إطار الديناميكية التنموية التي أطلقت في السنوات الأخيرة، تم الالتزام بجهود من أجل تعزيز تنمية المنطقة لكن يبقى هناك الكثير للقيام به من أجل ضمان تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان? ويتعلق الأمر هنا بالاحتياجات في مجال السكن حيث يبدو جليا الطلب الكبير على المرافق الصحية والرياضية والتربوية والترفيهية والربط بالكهرباء والإمداد بمياه الشرب وطلبات الشغل??? وهي عمليات تتعلق بفك العزلة بأتم معنى الكلمة? وبالرغم من النقائص الملاحظة هنا وهناك وبالنظر للموقع الجغرافي والاستراتيجي للمنطقة ومؤهلاتها الطبيعية التي لا يمكن تجاهلها من أجل ترقية هذه الولاية، يتعين بذل جهود من أجل تثمين أفضل للموارد المحلية وإعادة تفعيل المنشآت الهيكلية المتواجدة على وجه الخصوص ميناء جن جن ونقطة الاتصال للطريق السيّار جيجل الهضاب العليا ومطار فرحات عباس وتثمين بعض المناطق من أجل تنمية القطاع السياحي الذي يعد قاعدة النشاط الاقتصادي بالولاية?