«في الصيف الڤاطو وفي الشتا البوڤاطو».. مقولة متداولة وسط المجتمع الجزائري منذ الأزل والتي تؤكد تواجد ظاهرة الطلاق الناتجة عن عدم توافق الثنائي تارة أو رغبة أحدهما في فك الرابطة الزوجية تارة أخرى، رغم العادات والأعراف الجزائرية التي ترفض رجوع الفتاة بعد زواجها إلى بيت أهلها ما جعل الظاهرة تنحصر سابقا في حالات شاذة نسمع عن إحداها هنا وعن الأخرى هنالك، لكن الغريب في الأمر أن ظاهرة الطلاق أضحت في وقتنا الحالي إحدى أكثر القضايا إنتشارا في المحاكم الجزائرية والتي عجزت بدورها عن إصلاح ذات البين في السنوات الأخيرة، خاصة وأن الكثير من الأزواج يلجؤون إلى العدالة طلبا للطلاق أبغض الحلال عند الله ولم تمض على زواجهم بضع أيام أو شهور تلي ليلة العمر حيث تحصي الجزائر 14 ألف حالة طلاق كل ثلاثة أشهر بمعدل 150 حالة طلاق يوميا. وترجح الكثير من الزوجات والأزواج ناهيك عن أراء الشارع الجزائري أهم أسباب تفاقم الظاهرة إلى تدخل أهل العريس والعروس في حياة الثنائي لتوسيع دائرة النزاع والإستعجال في فك الرابطة الزوجية رغم ما يترتب عن هذه الأخيرة من متاهات تعقد حياتهما وحياة أطفالهما أكثر فأكثر. تقربنا من بعض المتزوجين وحتى متطلقين لرصد أهم المشاكل التي تعترض سبيل إستمرارية الثنائي في عش الزوجية وإن إختلفت الأسماء والأماكن إلى أنها تشابهت في أطوارها، تفاصيلها ونتائجها بما أن مآلها الطلاق غالبا، رفضنا سرد القصص التي رواها لنا متضررون بحكم أن البيوت الجزائرية تشبعت حد التخمة بقصص الطلاق ونتائجها التي قلبت الأوضاع رأسا على عقب ونقضت بأهم وعد تعاهد عليه ثنائي بالتشارك في حلو الحياة ومرها، فاسحين المجال لأخصائيين للحديث عن المشكل، أسبابه ونتائجه بهدف إعادة الإعتبار لمبادئ مؤسسة الزواج. إجتماعية: «الأسرار الزوجية إن خرجت من الاثنين يتم تأويلها وتكبر دائرة النزاع» أكدت الأستاذة زهرة فاسي خبيرة في التنمية البشرية أن التفكير في الزواج منذ البداية لابد أن يكون بقناعة بناء اسرة يتكون منها المجتمع وتضيف قائلة«أقول هذا لان الزواج يعقد عموما بين طرفين احب الواحد الآخر دون قياس ما يترتب عن هذه العلاقة الزوجية الشرعية والرسمية والزواج الذي يحدث لاتفه الاسباب يحصل بعده الطلاق لاتفه الاسباب وعيب الرجل اذا اعجبه شيء في المراة تزوج بها بكاملها وكذلك عيب المراة اذا اعجبها شيء واحد في الرجل تزوجت به بكامله وترى أستاذة علم الإجتماع أن الزواج يجب ان يرتكز على قواعد متينة وظروف متفق عليها منذ البداية اي المخطط الكبير من المقر الزوجي من السكن الى كل الظروف المحيطة والمتعلقة بادق التفاصيل عن عشرة الزوجين لكن ما يحدث هو العكس مؤكدة ان تعرف الشاب على الفتاة يكفي ان يعجب بها ظاهريا ثم يعشقها ثم تحت نار الغرام يحتفظ بها الى جنبه ويكلم اهله عنها ويحصل الزواج لكن بعد الزواج يبدا النقاش في امور ذات اهمية وهنا يحدث الصدام وغالبا ما تنتهي بالطلاق لان فتيات اليوم اقل تحملا من فتيات أمس من البداية». مشيرة إلى وجوب توفر الاحترام المتبادل، الثقة، التفاهم والتوافق على كل ما يتعلق بالامور الحياتية وعدم الخروج عن العهود المتفق عليها قبل الزواج وحفظ اسرار الحياة الزوجية و أن لا تخرج من الغرفة الزوجية فالاسرار الزوجية ان خرجت من الاثنين يتم تاويلها وتكبر دائرة النزاع بالقيل والقال كما أن تدخل اهل الزوج في حالة السكن الجماعي وهنا تتدخل الاخوات لانصاف اخيهم ظالما ام مظلوما، تتدخل امه لمعرفة ادق التفاصيل، وشيوع المشاكل لدى الاهل والاقارب فالتدخل السلبي لاهل الزوجة حماية لابنتهم يخرج المشكل من بين يد الزوجين ويصبح مشكل الجميع حتى وان كانت تافهة، وفي السياق أدرجت خبيرة التنمية البشرية إنعكاسات الظاهرة التي حصرتها في تشرد الاطفال وهروب معظم الاباء وتملصهم من مسؤوليتهم، في حالة عدم الحكم بالسكن اغلب النساء يتشردن حتى في الشوارع، وينتج عنه اضطراب تمدرس الاكفال وعيشهم، الاحتراق النفسي الذي يعاني منه الاطفال بعد القطيعة مع الاعمام والعمات والعشرة، والمسؤولية الكبرى الملقاة على الام خاصة اذا كانت غير عامل، وكحلول لتفادي المشكل يجب البرمجة والتخطيط لزواج ناجح وحياة زوجية ناجحة والتفكير العقلاني بعيدا عن العاطفة لان المراة اذا احبت تتنازل عن امور كثيرة ستشعر بفقدانها بعد الزواج مع مراعاة المستوى الثقافي ووضعية العائلة المادية والإجتماعية والعقائدية قبل الزواج وحسب المتحدثة قد تتزوج امراة فقيرة رجلا غنيا يعجب بها ولكن اهله يحتقرونها ويطلقون عليها افضع الالقاب والعكس صحيح، دون إنكار رغبة الام في تزويج ابنها من اهلها يعود بالانتقام من الزوجة البرانية، قرار الام في ان يصرف المرتب الشهري لزوجة ابنها على مستلزمات البيت الكبير، تدخل كل من في البيت فى طريقة لباس وهندام وماكياج العروسة زوجة الاخ الانتقادات اللامتناهية عن الاكل وشغل البيت مضيفة أن الزواج في بيت الاهل لن ينجح وإن طال الى حين واحسن زواج هو الزواج المستقل في عش بعيد عن الأهل والطفيليين. علاقات التشات والخيانة تهدم عش الزوجية وفي ذات الإتجاه تطرقت الخبيرة إلى علاقات التشات والفيسبوك والتي تبنى على المغالطات من الجهتين وتنتهي بالطلاق لأنها بنيت على أباطيل، إضافة إلى الخيانة الزوجية من الطرفين وهذه بسبب الجري وراء الكماليات والماديات والتفتح الاعلامي حيث اصبح الزنا وكانه حلالا. مشيرة إلى أن 50 بالمئة من حالات الطلاق سببها الخيانه الزوجيه المتعددة الوقائع منها حالات التلبس والهاتف النقال ثابتة بمساجات تثبت العلاقة الحميميه إلى جانب الفيس بوك والدردشة الغرامية من كلا الطرفين والاخطر ان نسبة النساء موازية لنسبة الرجل في الخيانة الزوجية حسب الأستاذة فاسي. نفسانية: «الطرف الآخر يتدخل للوصول إلى أبغض الحلال والعائلة تشجع ذلك» وأكدت الأستاذة سميرة فكراش مديرة البحوث والتطبيقات النفسانية أن الملاحظ في السنوات الأخيرة هو إرتفاع نسبة الطلاق في أغلب الدول العربية منها الجزائر والتي ترجع إلى المشاكل مابين الطرفين الناتجة عن سوء إختيار شريكة الحياة، عدم الإنسجام في العلاقات بين الطرفين الزوج والزوجة، عائلة الزوج والزوجة مايكون سبب تصادمات كثيرة تؤدي إلى الإنفجار في يوم من الأيام إضافة إلى سوء العلاقة بين الزوجة والحماة وأخوات الزوج وعائلة الزوجة وتداخل الأدوار، العلاقة تسوء بتدخل الطرف الثالث الذي يتدخل في العلاقة الحميمية بين الزوجين، الميزانية والسبب عدم إستطاعتنا ضبط العلاقة مع الغير مشيرة إلى أن الزواج هو كل متكامل الزوجة والعائلة التي ستعيش معها، من موروث طباع وتقاليد، علاقات مع المحيط الأسري وحسب الأخصائية النفسانية فإن هذا مايترتب عنه تدخل كبير ليس للم الشمل لمعاتبة الزوجة وخلق مشاكل بين الزوج والزوجة يصل إلى حد الإنفصال ويضاعف المشاحنات أكثر فتكون بؤر المشاكل أكبر، وأرجعت النفسانية تزايد نسبة الطلاق إلى تدخل الطرف الآخر للوصول إلى أبغض الحلال مادامت العائلة تشجع على هذا، وكحلول للقوف في وجه الآفة أشارت فكراش إلى وجوب تغيير نظرتنا إلى الإبن الزوج والإبنة الزوجة والعائلة لتأهيل الزواج وقدسية الحياة الزوجية، مايستوجب دورات تأهيلية تدريبية في الحياة الزوجية لتوضيح الأشياء لماذا نبني الحياة الزوجية، ماهو الزوج، الزوجة، قدسية الحياة الزوجية، الإختيار لابد من وضع النقاط الأساسية للمشروع الحياتي لكن للأسف فالإهتمام الحالي بالماديات وفقط حسب فكراش. محامي: «لابد من تعديل قانون الأسرة بما يتماشى مع الواقع والتطورات» من جهته أكد الأستاذ محمد عيساوي محامي لدى المجلس أن أكثر القضايا المتداولة في أروقة المحاكم تتعلق بالطلاق ومشاكل الأهل في ظل تسجيل أكثر من 60 ألف حالة طلاق وهي في تزايد مستمر حسب ذات المحامي وأرجع الأسباب إلى الوساطة الأسرية التي لعبت دورا هاما في الإصلاح في السابق في حين تأكد اليوم تدخل أهل الزوج في تسيير حياته الأسرية وغياب حوار بناء بين الزوجين ما يؤدي إلى الطلاق فمشاكل الكنة وحماتها تتطور إلى دعاوى قضائية وكذا عدم إنسجام الأزواج بين أهل الزوج في العادات وأكد المحامي أن البيت العائلي الكبير مصدر من مصادر مشاكل فك الرابطة الزوجية مشيرا إلى دور جلسات الصلح التي يلعب فيها القاضي دور الوسيط بين الزوج والزوجة لتفادي الطلاق غير أن جلسات الصلح الحالية أصبحت شكلية فقط حسب الأستاذ عيساوي. وأكد المحامي خلو مواد قانونية تعالج المشكل بالشكل الصحيح وقضايا الرجوع إلى بيت الزوجية تشترط الرجوع ببيت منفرد وعن أسباب هذا النوع من الطلاق فقد عددها المتحدث في غياب حوار بناء بين الزوجين والتدخل في حياته الزوجية مايؤدي إلى فك الرابطة الزوجية والتفكك الأسري الذي ينتج غنه عائلات مركبة ضحاياها الأطفال مشيرا إلى ضعف محاولات إصلاح ذات البين أين أصبح الطلاق شيء عادي شر لابد منه، وفي السياق أكد المحامي أن القانون الأسري مستوحى من المشاريع الإسلامية ولم يتطور مع تطور المجتمع مشيرا إلى وجوب إستحداث قوانين يتوجب حلول تؤدي إلى عدم فك الرابطة الزوجية وتعديل قانون الأسرة بما يتماشى مع الواقع والتعديلات طبقا لما هو مقرر من الناحية الشرعية يجب تفادي مواد قانونية بدون روح في ظل بعض الأمور المستحدثة والتطورات الكثيرة التي عرفها المجتمع الجزائري وقانون الأسرة لم يعدل منذ 2005. جعفري: «الجيل الحالي لم يفقه انتماءه بعد» من جهتها أكدت شايعة جعفري رئيسة المرصد الجزائري للمرأة أن هناك العديد من الأسباب التي ساهمت في تفاقم مشكل الطلاق خاصة وأن نسبة الطلاق هي في تزايد حيث سجلت نسبة 7 بالمئة زيادة سنوية فالنسبة حتى في أوساط الشيوخ والعجائز في حين سجلت نسبة 11 بالمئة من أسر أحادية الأبوين، وعددت في الخيانة الزوجية كسبب رئيس ثم تدخل أهل العريس في حياة الثنائي مشيرة إلى أن فترة 2013 هي فترة مفصلية أخلطت الأمور على الجيل الحالي الذي عجز عن تفسير هوية تواجده هل هي تنتمي إلى فترة ال60 نيات والسبعينيات أم هم منتمون إلى جيل العصرنة وإستدلت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة بوضعية زمان أين تعيش العروس في بيت العائلة الكبيرة رفقة والدة الزوج ووالده أما الآن فالملاحظ أن الأمور قد تغيرت وأصبحت الأسرة نووية لكن بعض الحمواة لازلن يتدخلن في شؤون الثنائي وفي تحليلها للظاهرة فقد أفادت المتحدثة أن فتاة العصر السابق كانت قليلة المستوى والخبرة في حين أن فتاة 2013 تعد فتاة متعلمة على علم بتسيير الأمور أحسن من الحماة تحسن التربية وتحسن التعامل مع الزوج لتأتي الحماة وتعيش تجربتها وهنا تتسع المشاكل والصدامات حتى في أبسط الأمور خاصة وأن فتاة 2013 تؤمن بالواقع وليس بالتجربة، وناشدت جعفري البنات على إحترام أهل الزوج بما أن الفتاة هي الوافد الجديد على الأسرة وعليها التأقلم مع الموجودين وليس من حقها التغيير 108 درجة فور وصولها وعليها تقبل الزوج بعاداته وتقاليده وكل فتاة تدخل بيت الزوج من أجل التغيير حتما ستصطدم بجدار، في حين وجهت نصيحة للحمواة مفادها «لقد ولدتم لزمان غير زمانكم». إمام: «المتدخلون في شؤون الزوجين يلعبون دور الشيطان» أكد الإمام نصر الدين إمام مسجد الإنتشار الملفت لظاهرة الطلاق التي يعود سببها الرئيسي لقضية الإختيار مشيرا إلى أن حسن إختيار الرجل والمرأة أثناء الخطبة ضروري وشدد إلى عدم النظر إلى المرأة الزائلة بل يتوجب النظر إلى دين المرأة والإبتعاد المقارنة، وفي ذات الإطار أفاد الإمام إلا أنه من الأسباب المباشرة للطلاق تدخل أهل العريس وأهل العروس في شؤون الثنائي في أمور الزواج وحتى الشؤون البسيطة وعن الظاهرة فقد وصفها ذات الإمام بالسلبية معبرا بقول الرسول«لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» وأكد الإمام أنه يتوجب على الأسرة عدم التدخل في شؤون الثنائي ووصف الإمام الوضع بالقانون التعسفي الذي لايجوز ويستوجب عدم حشر الأخرين في شؤون الزوجين وإستدل ذات الإمام بالظواهر الكثيرة التي تحدث في المجتمع الجزائري أين تهدد الأم إبنتها بالطلاق وعائلة الزوج يهددون إبنهم بتطليقه وإعتبر الإمام أن الرضا رضا شخصي يبتعد عن الإكراه والتهديد، وناشد بالصبر والمعاشرة الحسنة في قوله تعالى: {وعاشرهن بالمعروف} إضافة إلى قول الله تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}، وقول الرسول: {خيركم خيركم لأهله} وأكد الإمام على أن المتدخلين في شؤون الزوجين يلعبون دور الشيطان.