تشير معطيات الوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة إلى أن الطلاق يعرف تصاعدا ملفتا، حيث ترتفع الظاهرة ب 7 بالمائة سنويا، خاصة في وسط الشباب، مسفرة عن تفاقم عدد الأسر أحادية الأبوين، والتي بلغت نسبتها 11 بالمائة، علما أن معظمها توجد تحت رعاية المرأة.. وهذا الاتساع المخيف بات يتطلب قراءة جدية في الظاهرة نظرا لتأثيراتها الخطيرة، لاسيما على الأطفال الذين يقعون في حالة الضياع والتوتر النفسي بحسب المختصين في علم النفس. وبحسب السيدة حسيبة حواسين مسؤولة مكتب بالوزارة المنتدبة المكلفة بالأسرة وقضايا المرأة، خلال لقاء بمنتدى المجاهد، فإن الطلاق الذي ارتفع من 29731 حالة سنة 2004 إلى 41549 سنة 2009 يؤثر بصفة خاصة على المرأة والأطفال، ليخلف بناء على ذلك انعكاسات على المجتمع تتجلى على مستوى عدة أصعدة. وتضيف أن مسؤولية احتواء الظاهرة ملقاة على عاتق كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع، ملفتة إلى أن الوزارة المعنية تقوم بنشاطات تحسيسية وسط الشباب لتأهيلهم للزواج والحد من ظاهرة الانفصال بين الزوجين، والتي أضحى المجتمع العربي يحتل المرتبة الثانية فيها بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. البحث عن آليات تحصن الأسرة ضد التصدع وتقول من جانبها السيدة فريدة بلحسن، وهي إطار بوزارة الأسرة، إن الطلاق مرادف لإشكالية كبيرة تبعا لما تدل عليه الأرقام المسجلة بالنظر إلى الآثار التي يتركها على الأسرة.. وعلى هذا الأساس فإن الوقاية من هذه الآفة لا يجب أن تركز على إبراز آثار ''ما بعد الطلاق''، إنما ينبغي تسليط الضوء على ''ما قبل الطلاق'' لإيجاد آليات تحول دون تصدع الأسرة. وبرأي السيدة بلحسن فإنه قد حان الوقت لإجراء بحوث عن طرق حماية الخلية الأسرية من شبح الانهيار والتفكير في تحضير الأرضية للمقبلين على الزواج ليعيشوا في جو مستقر، من منطلق أن جوهر الإشكالية حاليا يتمحور حول كيفية وقاية المجتمع من تفاقم ظاهرة الطلاق؟ وتكشف في هذا الصدد السيدة وحيدة بورغدة، مكلفة بالدراسات بوزارة الأسرة، أن تصاعد أرقام الطلاق على ضوء النقاشات التي تمت مع بعض المختصين من قضاة ومحامين يجد تفسيره في أن المرأة بموجب قانون الأسرة المعدل في 2005 أصبحت أكثر ممارسة لحقها في طلب الطلاق، حيث أن القانون الجديد لم يعد يشترط موافقة الزوج على طلب الخلع، باعتبار أنه ليس من السهل في المقابل أن تطلب المرأة التطليق نظرا لصعوبة إثبات الأسباب المبيحة لطلبه على غرار الخيانة الزوجية والشقاق المستمر. وبحسب المصدر، فإنه بعد مرور ست سنوات على تعديل قانون الأسرة حان الوقت لتقييمه والبحث عن الفجوات الموجودة فيه لاقتراح أحكام جديدة سعيا نحو الحفاظ على التماسك الأسري. الدعوة إلى تبني تجربة التأهيل للزواج وعن ظاهرة الطلاق تشير السيدة جادى الشائعة جعفري، رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، إلى أن تفاقم الطلاق في مجتمع يقول دستوره السماوي إن أبغض الحلال عند الله الطلاق أمر مؤسف كثيرا، مقترحة في هذا الإطار تبني تجربة ''التأهيل للزواج'' الاندونيسية بوصفها تجربة ناجحة قلصت الطلاق بنسبة 20 بالمائة. ونبهت رئيسة المرصد الجزائري للمرأة إلى أن التحضير للزفاف في المجتمع الجزائري لا يجب أن يقتصر على تحضير جهاز العروس، إنما ينبغي أن يتم التركيز على تعريف معنى الزواج، وإبراز خصوصيات كل جنس حتى لا يلجأ المقبلون على الزواج إلى مواقع أنترنت تبث أفكارا خاطئة عن الحياة الزوجية. قانون الأسرة لا يحمي الأسرة وتسلط السيدة نادية آيت زايت، وهي محامية، الضوء لدى تطرقها إلى واقع الطلاق في المجتمع الجزائري، على فجوات قانون الأسرة المعدل، والذي ترى أنه لا يحمي الأسرة من منطلق أن المشرع الجزائري لم يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي والتطورات الحاصلة في المجتمع الجزائري. وتوضح المتحدثة أن قانون الأسرة المعدل لم يحل الكثير من المشاكل على غرار مشكل السكن بالنسبة للمرأة بعد الطلاق، فرغم أنه اشترط، إما بقاء الزوجة في بيت الزوجية وإما دفع الزوج لنفقة الكراء في حال عدم توفر المسكن، إلا أن الواقع المعيش يكشف أن المرأة تطرد من بيت الزوجية قبل مباشرة إجراءات الطلاق، في الوقت الذي لا تكفي فيه نفقة الكراء المحددة في القانون لتسديد مبلغ الإيجار. ومن ناحية أخرى لم ينظر القانون المعدل في مسألة صعوبة أداء مهمة الحضانة بالنسبة لبعض المطلقات اللواتي لا يعملن، فضلا عن كونه يسلب حق الحضانة من المرأة المطلقة في حالة تزوجها ثانية، ما يجعل الأطفال في كل الأحوال الضحايا الأوائل. تبرز المحامية. وعن التأثيرات الخطيرة لظاهرة الطلاق تذكر السيدة آيت مهدي هجيرة، أن أسباب الطلاق غالبا اجتماعية، أو اقتصادية وكذا نفسية يترجمها عدم التوافق النفسي بين الزوجين. وتكون للطلاق آثار وخيمة على كلا الجنسين والأطفال والعلاقات الأسرية عامة، باعتبار أن استقرار المجتمع مرهون باستقرار الأسرة. التربية الأحادية تؤثر على شخصية الأطفال ومن الآثار النفسية للتفكك الأسري تعرض الزوجين المنفصلين للاكتئاب والاضطرابات النفسية، زيادة على الدخول في صراعات تنعكس سلبا على الأطفال. وتستكمل الأخصائية النفسانية حديثها لتضيف أن انعكاسات عدم الإشباع العاطفي وانعدام التوازن النفسي لدى الطفل الذي يتلقى تربية أحادية تظهر بصفة خاصة في مرحلة المراهقة من خلال التسرب المدرسي، والانحراف وتعاطي المخدرات وولوج عالم الشغل مبكرا لإعالة الطرف الحاضن، والمتمثل غالبا في الأم. الخطورة الكبيرة للظاهرة تستدعي - تبعا للمختصة النفسانية - إجراء دراسات معمقة حولها والإسراع في تنصيب مراكز التوجيه الأسري، انطلاقا من فكرة أن الاستثمار في الأسرة أساس استقرار المجتمع. واتفق المشاركون عموما على أهمية البحث عن الأسباب التي تؤدي إلى الاندفاع في إنهاء الشراكة الزوجية وسط أزواج اليوم، مع مراعاة التركيز على الجانب الوقائي لوقف زحف هذه الآفة التي يتعدى تأثيرها الفرد ليشمل المجتمع ككل، إضافة إلى تدريب الشباب لإيجاد مهارات تخول له بناء حياة زوجية مستقرة.