انتشرت ظاهرة الخيانة الزوجية في مجتمعنا بشكل ملفت للانتباه، حيث أصبحت عادية عند بعض الرجال، لتنتقل العدوى إلى بعض الزوجات بحثا عن إشباع رغباتهن مع أناس غرباء، لتصبح فيما بعد قصص لقضايا شهدتها المحاكم، بعدما انكشفت الحقيقة ونزلت كالصاعقة على الطرف المخدوع الخيانة الزوجية، التي من المفروض أن تكون غريبة عن مجتمعنا المحافظ الذي يتسم بمكارم الأخلاق وتعاليم دينية صحيحة، فهي واحدة من أخطر الجرائم الأخلاقية التي راح ضحيتها ضعاف النفوس. وفي محاولة منا تسليط الضوء على هذه الظاهرة لمعرفة أسبابها ودوافعها، قمنا بتصفح بعض القضايا والملفات، فأدركنا أن أغلب القصص التي شهدتها قاعات المحاكم الجزائرية، ترجع أسبابها إلى وجود اضطرابات في العلاقة الزوجية، وبالأخص في العلاقة الجنسية، أدت إلى الفراق، وقد تصل في أغلب الأحيان إلى القتل. قصص خيانة تقشعر منها الأبدان وقفنا عند العديد من الأمثلة التي تروي حكايات يقشعر لها البدن وتنفر منها النفوس.. فبعض قصص الخيانة التي مهما اختلفت أسبابها، إلا أن عواقبها كانت جد وخيمة، شتتت أسرا بأكملها، فهناك من الرجال من أرجع سبب الخيانة الزوجية إلى عدم الاكتفاء الجنسي بينه وبين زوجته ووجد في امرأة أخرى غايته، فأصبحت عادة فيه يصعب التخلي عنها. وحتى من النساء وجدن في الخيانة مبررات، جعلن منها سببا في قيامهن بهذه الفاحشة التي حرمها ديننا الحنيف، خصوصا في مجتمع كمجتمعنا الذي يوصم المرأة بالعار دون الرجل. قصتنا الأولى عن السيدة خديجة، مطلقة منذ سنتين، خانها زوجها مع إحدى السيدات بحثا عن نزواته ورغباته، لتتطور العلاقة بينهما ويتزوجها، ما جعلها تعيش في صراع دائم بينها وبين زوجها حتى وصل بهما الأمر إلى أبغض الحلال. وهناك من السيدات من اتجهن إلى الخيانة بحثا عن المال، أوإن صح التعبير عن شخص “يفورني” لسد حاجياتهن، خاصة إذا كان الزوج عاجزا عن توفير طلباتهن.. وهو ما أكده لنا أحد الأزواج الذي كان يعمل حارسا ليليا بإحدى المؤسسات، ودخله بسيط بالكاد يغطي مصروفه اليومي، حيث كان يتشاجر مع زوجته في كل مرة بسبب عدم قدرته على توفير كل متطلباتها، لينتهي به المطاف إلى اكتشاف خيانة زوجته مع رجل آخر، وعندما قام بمواجهتها اعترفت له بذنبها بحجة عجزه المادي. قضية أخرى جرت وقائعها بالعاصمة، تتعلق بأم لثلاثة أبناء، اغتنمت فرصة غياب زوجها لتمارس الرذيلة مع رجل آخر في بيت الزوجية، إلا أن والد زوجها ضبطها متلبسة فرفع على الفور شكوى ضدها، أسفرت بعد المحاكمة عن إدانتها والحكم عليها بشهرين سجنا نافذا. من جهة أخرى، هناك من الزوجات من تعاني نقص الاهتمام أو الاحترام والحنان، فتتجه إلى التقرب من أي شخص يشعرها بأنها امرأة، وهو ما ينطبق على قصة سيدة بولاية تيبازة، قامت بخيانة زوجها الذي يعمل خارج الولاية مع بائع ألبسة كانت تتردد عليه، إلى قبض عليها زوجها مع هذا الأخير وذهب إلى حد قتله. وهناك من تقوم بالخيانة انتقاما لزوجها الذي يخونها كرد للإعتبار، وقد يكون الزواج المبكر عند البعض دافعا للخيانة، حيث تتزوج الفتاة أو الشاب في سن صغير دون أن تكون لديهما ثقافة الزواج، فيقعان في مشاكل فيما بعد. ولا تقتصر بعض الزوجات على خيانة أزواجهن بل يتعمدن إلى إزهاق الأرواح بالتواطؤ مع “العشيق”، حيث تشير إحدى القضايا إلى أن امرأة ساهمت في قتل زوجها بمساعدة عشيقها لتعيش رفقته بسلام..! ولمعرفة رأي علماء النفس ارتأينا الحديث مع الأخصائية النفسية، جليلة زهيد، حول موضوع الخيانة الزوجية، فأرجعتها إلى عدة عوامل ودوافع كانت سبيلا لكلا الجنسين للقيام بهذا الفعل المخل بالحياء، مصنفة إياها ضمن خانة العلاقات غير الشرعية. فغياب التفاهم بين الزوجين يولد مشاكل بينهما، بالإضافة إلى عامل الشهوة الجنسية بالنسبة بعض الرجال الذين لا يكتفون بامرأة واحدة، وبالتالي يلجؤون للبحث عن ملاذههم في الخفاء، أو هناك من يعانون الشذوذ الجنسي وبالتالي فهم يبحثون عن إشباع نزواتهم مع أي طرف، وهناك مع يلجأ لمقارنة زوجته بنساء أخريات في الجمال أو الأنوثة أوحتى في المستوى الثقافي. أما بالنسبة للزوجات اللواتي تخن أزواجهن - حسب ذات المتحدثة - فهذا راجع إلى عدة أسباب، من بينها نقص الوازع الديني، نقص الحنان والحماية والاهتمام، أو العجز المادي لدى الزوج، وهو الأمر الذي يجعلهن يبحثن عن بديل في رجل آخر. .. وللأنترنت والفضائيات دورها أيضا لايزال موضوع الخيانة يتربص بالأسر الجزائرية، خصوصا في زمن العولمة والتكنولوجيا التي ساهمت بشكل أو بآخر في تسهيل الخيانة الزوجية، حيث تساعد بعض الهوائيات والقنوات الفضائية بعض الأزواج على القيام بالفواحش. ومن بين القضايا شيوعا في المحاكم هو أن يكون للمرأة أو للرجل عشيقا وعشيقة، وهو حال سيدة في العقد الثالث من عمرها، تعرفت على رجل عبر الأنترنت، وصارت تضرب معه مواعيد وتلتقي به خارجا في أماكن مشبوهة، بحكم أن زوجها يعمل بعيدا، ووجدت الحرية للقيام بما يحلو لها، إلى أن انتهى الأمر بهما إلى ارتكاب الرذيلة، بعدها اكتشف زوجه الخيانة ورفع قضية طلاق ضدها. كما أن زواج بعض النساء من رجال دون رغبتهن.. يعد أحد الأسباب التي تؤدي للخيانة الزوجية وينتهي الأمر بهن إلى طلب الخلع، وهناك قضايا من هذا النوع لزوجات اشتكين من أزواجهن بسبب الضعف الجنسي، بعد مرور أشهر من الزواج، لم تحدث أثناءها أي معاشرة، وحتى لا يلجأن إلى الخيانة فضلن التطليق.. قضايا عديدة بقيت وتبقى طي الكتمان كثير من قضايا الخيانة الزوجية المخلة بالشرف يتم التحفظ عليها، وتبقى من خصوصيات القاضي الذي لا يمكن من خلالها إصدار الحكم، وتمر في سرية تامة، كون بعض العائلات لا تريد التشهير بقضاياها، لهذا فأغلبهم لا يتقدمون بشكوى خوفا من الفضيحة وشرف اسم العائلة. ولم تكن السيدة سميرة، من العاصمة، تتوقع خيانة زوجها بعد عشرين سنة من الزواج، أنجبا خلالها ستة أبناء، حيث بدأت تلاحظ بعض التغيير في سلوك زوجها كاعتنائه أكثر بشكله، لتكتشف بعدها أنه يقوم بخيانتها مع امرأة أخرى، أين ضبطته متلبسا وهو يتحدث معها عبر هاتفه النقال، وعند مواجهته اعترف بفعله قائلا “أنها لم تعد تناسبه نظرا لكبر سنها”. قصة أخرى روتها لنا إحدى السيدات لم يمض على زواجها إلا شهران، بدأت تلاحظ حركات غريبة من زوجها الذي يدخل المنزل ثملا ويوسعها ضربا مبرحا كل ليلة، والأسوأ من كل هذا هو استفزازه لها واعترافه أنه قد تعرف على نساء أحلى منها، ثم يخلد إلى النوم وكأن شيئا لم يحدث، فلم تعد تطيق هذه الأخيرة الحياة معه، وبعد صبر طويل عادت أدراجها إلى منزل والديها حاملة وصمة “مطلقة” دون ذنب.. عاملات يوقعن بزملائهن في العمل في هذا السياق، روى لنا شخص يعمل بإحدى الشركات، أن سيدة متزوجة تعمل معه تتودد إليه مرارا، علما أنها متزوجة ولديها أطفال، ما جعله يتذمر ويتحكم في نفسه خوفا من ارتكاب فعل مخل بالحياء. مثال آخر لزوجة طلقها زوجها ورماها إلى الشارع رفقة أربعة أبناء صغار، بعد أن اكتشفت أنه يخونها مع زميلة له في العمل، دخلت حياته وقلبتها رأسا على عقب، وعندما واجهته ثار عليها وشتمها بأنها لم تعد تناسبه وتلزمه امرأة مثقفة. قصص كثيرة لخيانات زوجية بطلاتها نساء انقادت وراء الشيطان، كقصة سائق اتهمته إحداهن أنه والد ابنها بعد أن أقلها هذا الأخير إلى مصلحة الولادة، ما أوقعه في مشكلة حقيقية مع زوجته التي اتهمته بالخيانة وغادرته إلى بيت أهلها. ولدرء التهم عنه خضع إلى فحوصات الحمض النووي، حينها اكتشف أنه عقيم ورغم هذا لديه أربعة أولاد من زوجته، وبهذا عادت أصابع الاتهام إلى الزوجة التي ثبتت خيانتها له أمام الملأ، فما كان منه إلا أن طلقها وانتهى بها المطاف إلى الشارع، وهو بدوره إلى مصحة للأمراض العقلية..! أئمة:”غياب الوازع الديني وراء استفحال الظاهرة” اعتبر الإمام علي جمال الدين، أستاذ علوم الشريعة بجامعة الجزائر، الخيانة الزوجية أنها لم تعد من الطابوهات كما كانت عليه في الماضي، لأنها أخذت أبعادا جد خطيرة، مرجعا أسبابها لغياب الوازع الديني عند كلا الزوجين، فالزوجة لا تستشعر قيمة كرامتها وعفتها وخوفها من الله سبحانه وتعالى، بسعيها وراء لذتها وشهوتها دون مراعاة قيمة الحياة الزوجية للزوج أولأبنائها، فتقع في المحظور الذي حرمه الله. ومثل ما يقال على المرأة يقال على الرجل الذي يكون في مستوى مسؤولية الأبوة، ويكون زوجا صالحا أخذ امرأة بميثاق غليظ، كما ذكر المولى عز وجل، فإنه من الواجب عليه أن يراعي مشاعر وأحاسيس وكرامة المرأة التي صارت زوجة له وأما لأولاده. فالخيانة الزوجية - حسب ذات المتحدث - لا تقتصر على المجتمع الجزائري فقط، بل هي قديمة قدم البشرية، ولكن في المجتمع الجزائري في العشريتين الأخيرتين تضاعفت بدرجة ملفتة للانتباه، لذا فديننا الحنيف وضع مجموعة من الأسئجة حتى لا تقع هذه الجريمة، فهو يحرص على أن تكون المرأة في لباس محتشم ولا تتكلم بعبارات فيها نوع من الغزل لغير زوجها. وقياسا على ذلك، فعلاقة المرأة المتزوجة أوالرجل مع من لا تقرب له، فهذه الأبواب إذا شرعت من غير ضوابط شرعية، فإنها تؤدي لا محالة إلى كارثة، فيصير الرجل يخون زوجته مع امرأة غريبة والعكس صحيح، ويمارس الزنا، الذي تسلط على فاعله أشد العقوبات، استنادا للآية القرآنية: “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ”. المشرع الجزائري يدين الزوجين الخائنين بنفس العقوبة أكد المحامي عمر خبابة، في تصريح ل”الفجر”، أن الخيانة الزوجية تدخل ضمن الجرائم الأخلاقية، تحت عنوان “الجنايات والجنح ضد الأسرة والآداب العامة”، ويطلق عليها جريمة الخيانة الزوجية. والمشرع الجزائري حدد بعض الأدلة على سبيل الحصر للفصل في الحكم، كأن يكون هناك محضر قضائي يحرره أحد رجال الضبط القضائي، إقرار وارد في رسائل أو وثائق صادرة من أحد المتهمين، والإقرار القضائي أمام وكيل الجمهورية. وأفاد المحامي خبابة أن هذا القانون يعاقب على جريمة الزنا بالحبس من سنة إلى سنتين نافذة، والعقوبة تطبق على الزوج أو الزوج بالمثل، باستثناء أن شريكة الزوج تعاقب سواء علمت أنه متزوج أو لا، أما شريك الزوج فيعاقب إذا علم أنها متزوجة فقط.