أكثر من 700 عائلة تنتظر الترحيل لايزال سكان العديد من الأحياء السكنية الواقعة على المستوى الإقليمي لبلدية المعالمة غرب العاصمة، والذين لا يتعدى تعدادهم 4 آلاف نسمة، يعيشون عدة مشاكل ونقائص جراء غياب المشاريع التنموية التي من شأنها تحسين وضعهم المعيشي رغم الشكاوي العديدة التي تَقدموا بها إلى مصالح البلدية، هذه الأخيرة التي طالبوها بضرورة أخذ المشاكل بجدية، من خلال دفع عجلة التنمية المتوقفة بهذه المنطقة الفلاحية. خلال تنقل «السياسي» إلى بلدية المعالمة بغية نقل إنشغالات عدد من مواطني ذات البلدية، يصطدم الزائر لها بواقع تنموي مر وقاس يتخبط في مشاكل عدّة، فالمنطقة ما تزال تحمل طابعا فلاحيا، وفي هذا الصدد، أكدت مجموعة من السكان إلتقيناها أن أغلبية أحيائهم لا تزال تعيش حياة بدائية في ظلّ غياب المشاريع المحلية، مشيرين في نفس الوقت، إلى جملة المشاكل التي يعيشونها منذ سنوات طوال، مستغربين أمر عدم تحقيق الجهات المسؤولة أدنى المرافق الضرورية التي تحسّن من مستواهم المعيشي. ومن مجمل ما طرحه محدثونا، أنهم ما زالوا في انتظار الحلول من قبل المجلس البلدية الحالين على غرار تهيئة شبكة الطرقات الرئيسية ومسالك الأحياء السكنية، حيث ما زال بعضها لم يعرف التزفيت مطلقا، بالإضافة إلى الربط بشبكة الإنارة العمومية والغاز الطبيعي الذي مازال حلما يراود السكان، بالإضافة إلى الربط بشبكة المياه الشروب حيث ما تزال العديد من العائلات تعاني طوال أيام السنة من أجل التزود بهذه المادة الحيوية، كون المنطقة تعرف إنقطاعات متتالية لهذه الأخيرة. قاطنو الصفيح يحلمون بسكنات لائقة تحصي بلدية المعالمة حوالي 700 بيت قصديري حسب إحصائيات 2007، تتفرع على 14 منطقة موزعة على البلدية، انتشرت بشكل لافت للإنتباه خلال العشرية السوداء، بعدما اتّخذ العديد من المواطنين الفارين من أيادي البطش إلى العاصمة بحثا عن الأمن والاستقرار، ولعلّ من أكبر ما تطالب به العائلات القاطنة بكل من دوار1-2-3، وأحياء أخرى هدم منازلهم الهشة مع إعادة إسكانها نحو سكنات لائقة في القريب العاجل، خاصة وأنها عانت طيلة سنوات من مختلف أنواع البؤس والشقاء بمأوى يفتقد لأدنى الضروريات الواجب توفرها، فلا راحة بال ولا ظروف مواتية دون ذكر الآفات الإجتماعية المتربصة بالأبناء من كل حدب وصوب. مشكل النقل يفرض عزلة خانقة يتصدر نقص وسائل النقل قائمة المشاكل، التي وقفت عليها «السياسي» نظرا لصعوبة التنقل إلى ذات البلدية بسبب القلة المسجلة والحاصلة على مستوى حافلات النقل العمومي، وهو ما لمسناه خلال حديثنا مع عدد من المواطنين الذي كانوا بصدد انتظار قدوم الحافلات بالمحطة، حيث عبروا عن استيائهم الشديد إزاء النقص الفادح لوسائل النقل بالمنطقة، خاصة الخطوط الرابطة بالعاصمة حيث يظطرون إلى تغيير أكثر من حافلة للوصول إلى وجهاتهم المقصودة، كما تعرف وسائل النقل ضغطا رهيبا طوال النهار نظرا لتوافد عدد كبير من المواطنين في أوقات الذروة صباحا ومساء. وبحسب تصريحات السكان، فإنهم يقصدون المحطة كل يوم في أوقات مبكرة من الصباح حتى يتمكنوا من الظفر بمكان بالحافلة للإلتحاق بمناصب عملهم في الوقت المحدد لكنّهم لا يتمكنون من ذلك ويرجعون السبب إلى قلة وسائل النقل. كما أكد ذات المعنيين أن المشكل نفسه يتكرر في الفترات المسائية، حيث تشهد محطة الحافلات الفرعية عددا هائلا من الركاب الذي يظلون لساعات في انتظار ركوب الحافلة التي باتت لا تستوعب كل المواطنين بالمنطقة. حي الزعاترية خارج اهتمامات المسؤولين البطالة، الفقر، انعدام الخدمات ومظاهر سلبية أخرى.. هي مشاكل تطبع يوميات قاطني حي الزعاترية، ومع ذلك لم تولِه السلطات البلدية أدنى اهتمام، حيث ظل لسنوات طوال يعاني ويتجرع سكانه مرارة وآلام العيش دون توفر الخدمات الضرورية اللازمة. وقد أعرب قاطنو الحي، عن استيائهم الشديد من سياسية التهميش والإقصاء والتجاهل التي ينتهجها مسؤولو البلدية في حقهم، على جميع الأصعدة لا سيما فيما يخصّ توفر الخدمات الضرورية كغاز المدينة والماء والإنارة العمومية وغيرها من الخدمات الأخرى التي لابدّ من توفّرها. ومازاد الطين بلة ومن حدة تذمر سكان حي الزعاترية لا سيما الشباب منهم، انعدام مناصب الشغل. على صعيد ذي صلة،أعرب السكان عن عميق استيائهم وتخوفهم من استمرار الحالة الكارثية التي باتت تشهدها الطرقات، حيث تتحوّل خلال فصل الشتاء وبمجرد تساقط قطرات المطر الأولى إلى برك من الأوحال المتراكمة، هذه الأخيرة التي لم تكتف فقط بشل حركة المرور، وإنما تحوّلت كذلك إلى مصدر لإنتشار الأمراض والأوبئة بسبب الغبار المتطاير، كل هذه العوامل ضاعفت من معاناة المواطنين، وحوّلت حياتهم إلى كابوس حقيقي، حيث لم يظفر حيّهم بحقه الشرعي من التنمية المحلية. ومن ناحية أخرى، يشتكي السكان من غياب الإنارة العمومية، الأمر الذي جعل الظلام الحالك يخيّم على الحي بمجرد أن يسدل الليل ستائره، وهو ما يصعّب الحركة الليلية على المواطنين الذين أبدوا استياءهم من تدهور الإنارة العمومية، كما طرح هؤلاء المشاكل الكبيرة الناتجة عن غيابها خاصة فيما يتعلق بانتشار السرقة والسطو التي أصبحت تؤرقهم. حي حدادو، كوسيدار وموحوس.. بلا غاز يعاني عدد من سكان الأحياء بالمعالمة على غرار أحياء مداد، بلاطو، كوسيدار، حدادو وموحوس وغيرها من انعدام غاز المدينة، حيث أصبح هاجسا يؤرّق السكان لما يتكبدونه من عناء أثناء تنقلهم لشراء قارورات غاز البوتان التي يعتمدون عليها منذ سنوات في جميع أشغالهم المنزلية، خاصة في فصل الشتاء الذي يكثر فيه الطلب على مادة الغاز، وقد اشتكى السكان في العديد من المرات من غياب هذه المادة التي تعتبر عنصرا أساسيا لكنهم لم يجدوا آذانا صاغية. وفي هذا الإطار، ناشد عدد من محدثينا الهيئات المعنية بتلبية طلبهم وتزويدهم بغاز المدينة في أقرب الآجال. سكان 412 مسكن.. عطشى مشكل آخر ما زال سكان بلدية المعالمة يتجرعونه، وهو التذبذب في التزود بالمياه الشروب في العديد من الأحياء السكنية على غرار حي 412 مسكن، حيث تعرف البلدية على العموم أزمة حادة في التزوّد بالمياه الصالحة للشرب، الأمر الذي يضطر العديد لشرائها وبأثمان باهظة فيما يضطر آخرون لجلبها بعناء من المناطق المجاورة، حيث أن المياه لا تقطر من حنفياتهم إلاّ نادرا، الأمر الذي دفع أيضا أرباب الأسر إلى إقتناء قارورات المياه المعدنية خوفا من تعرضهم لأمراض خطيرة قد تودي بحياتهم وتحديدا الأطفال منهم، وهي مصاريف أرهقتهم، خاصة وأن جلّهم من أصحاب الدخل المتوسط أو الضعيف، ونحن على مقربة من فصل الصيف الذي تزداد فيه الحاجة إلى هذه المادة الضرورية، فيما لا تزال الحاجة لهذه المادة الحيوية تدفع بالكثيرين من أبناء المنطقة إلى جلبها بالدلاء من بعض المناطق المجاورة وحتى من المساجد، بغية التزود بقطرات ماء تروي عطشهم وتسد حاجاتهم من الإستعمالات اليومية. أبناؤهم يعانون بُعد المدارس على صعيد آخر، يشتكي التلاميذ وأولياء الأمور من بُعد المدارس عن الأحياء، حيث يتكبدون عناء التنقل الى الأحياء والمناطق المجاورة، وهو ما يدفع بالكثير منهم إلى الخروج من منازلهم في أوقات مبكرة من الصباح للإلتحاق بمقاعد الدراسة في الوقت المحدد، حيث أبدى أولياء التلاميذ تذمرهم من النقص المسجل في عدد الهياكل التربوية بالمنطقة، خاصة وأن الوضع يؤثر على مستواهم الدراسي، لأنه يتسبب في تأخر معظم التلاميذ عن الإلتحاق بمقاعد الدراسة في الوقت المحدد، نتيجة بعد المكان ونقص حافلات النقل الذي هو مشكل من المشاكل الكثيرة التي يتخبطون فيها. وعلى هذا الأساس، يناشد أولياء الأمور والتلاميذ على حدّ سواء رئيس المجلس الشعبي البلدي، بضرورة التدخل وتسطير المشاريع التنموية، التي من شأنها النهوض بالتنمية في المنطقة والتخلص التام من معاناة ضاقوا بها ذرعا. أزمة بطالة خانقة ونقص للمرافق الشبابية من جهة أخرى، تحدث إلينا ثلة من الشباب الذين إلتقيناهم خلال جولتنا الإستطلاعية ببلدية المعالمة، عن إنعدام فرص العمل وباتوا يعانون من أزمة بطالة خانقة، حيث لا يزال عدد منهم تعصف به أزمة البطالة، ناهيك عن معاناتهم من الفراغ والتهميش، في ظل الغياب التام للمرافق الضرورية الموجّهة أساسا للشباب على غرار قاعة إنترنيت أو قاعة متعددة الرياضات، ليكون مصير العديد من قاطني الأحياء السكنية العودة إلى تسيير الفراغ والإنضمام إلى صفوف الطوابير غير المنتهية من البطالين الذين إتخذوا من مداخل بعض الأحياء السكنية مكانا للتجمع والحديث عن كل شيء يخصّ جوانب الحياة، فالمهمّ بالنسبة لهم هو ملأ الوقت وفعل أي شيء يقتل الفراغ الرهيب الذي يعيشون فيه، فمقولة «راني نقتل في الوقت» تتردد على لسان هؤلاء، بعد أن قضت مظاهر التخلف التي تطبع يومياتهم على آمالهم في الحصول على فرصة عمل.