نفسانية: هوس التباهي هو أزمة ثقة بالنفس إمام: المفاخرة منهيٌّ عنها في الإسلام غزت المجتمع الجزائري عادات دخيلة أخذت مسارا لها في التسابق بين العائلات، حيث اقتصر في وقت ليس ببعيد التباهي والتفاخر على عائلات فقط لتصل في الآونة الأخيرة إلى العائلات الميسورة، حيث انتشرت ثقافة التباهي ما يعرف عندنا ب الزوخ ، وفلسفة التفاخر لتشمل فئة كبيرة من مجتمعنا ما جعل بعضهم يعيش تحت ضغط الديون والظروف المادية صعبة.. بالرغم من ذلك فإن الكثير يكلفون أنفسهم شراء كل ما يجول في خاطرهم بدون حساب، حتى لو كان ذلك سيشكل قائمة جديدة لديون جديدة ومس التفاخر السيارات، الفيلات، الساعات، الكلاب وغيرها، وأصبحت هذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير في أوساط المجتمع الجزائري حتى أنها أصبحت تؤدي في بعض الأحيان إلى نشوب نزاعات وخلافات وتزرع نوعا من العدوانية وغياب العقل والإسراف في الإنفاق والتبذير والرياء، ما جعل التعامل مع الشخص على أساس هذا المظهر، حتى لو كان الجوهر فارغا، فالمهم ماذا يرتدي ومن أي ماركة ونوع جواله، ونوع ساعته ونوع ثوبه، وللأسف فإن هذه المظاهر انتشرت في مجتمعنا بين الرجال والنساء والشباب والفتيات وبين الأسر، الكل يسعى للتفاخر والمباهاة والانجراف نحو التقليد الأعمى فقد أصبح العديد من الأفراد يبحثون عن مختلف الطرق لتحقيق ذلك، المهم هو أن يظهر بأحلى وأجود ما يكون من أجل التفاخر والتباهي. وعلى إثر هذا تقربت السياسي من المواطنين لمعرفة وجهة نظرهم في الموضوع الذي يطرح نفسه في وسطنا الاجتماعي، وهو ما استحسنه البعض واستهجنه البعض الآخر. حيث كانت لنا جولة في أرجاء العاصمة قصد جمع بعض أراء المواطنين ومعرفة وجهة نظرهم في هذه الظاهرة التي أصبحت منتشرة وبكثرة بين أوساط الشباب وفي هذا الصدد يقول مروان 25 سنة من العاصمة حلم أي شاب الظهور بافخر الثياب ، اما كريم 23 سنة فقال أي شاب في مقتبل العمر يحب التباهي وانا احد هؤلاء الشباب ، وأمام اعتراف بعض الشباب عن حبهم للتباهي والتفاخر امام الغير اعرب البعض الاخر عن كرههم لهذه المظاهر لتقول ابتسام لا يوجد شئ افضل من البساطة والتواضع هما من شيم المسلم ولا يوجد افضل من الظهور على حقيقتك لان ذلك التباهي والتفاخر قد يعتبر خداع للنفس بالخصوص ان لم تكن تلك الاشياء المتظاهر بها من املاك المتفاخر . نساء يتباهين بالمجوهرات والملابس .. تعددت أوجه التفاخر والتباهي بين مختلف الفئات ولعل من أبرزها تلك المتعلقة بالسيارات والملابس وغيرها، حيث وصل بالبعض إلى كرائها أو استعارتها، المهم أنهم يتظاهرون بها أمام الغير وهو الأمر الذي تقوم به العديد من النساء حيث يعتبر الذهب هو الجوهر الوحيد الذي يشغل اهتمام المرأة، حيث تسعى غالبية النساء إلى ارتداء أغلى المجوهرات بشكل مبالغ فيه في المناسبات أو حفلات الأعراس، فيبدو وكأنهن محلات متنقلة للمجوهرات، البعض منهن يفعلن ذلك للتباهي بالثراء ولفت الأنظار وحتى وإن كانت ليست أملاكها المهم أنها تتباهى بها في ذلك اليوم البهيج وفي هذا الصدد قالت سعاد هناك العديد من النساء يقمن باستعارة المجوهرات والملابس من أجل الظهور أمام الناس بأحلى المظاهر وتضيف المتحدثة أنا أرى بأن جمال المرأة مرتبط بالبساطة، فإذا كانت المرأة ترتدي نوعا واحدا من المجوهرات أفضل من أن ترتدي أنواع كثيرة مرة واحدة، وأن مقاييس الجمال ليس بالمظاهر . أحدث التكنولوجيا.. أهم وسائل الرياء والتفاخر ومن جهة أخرى فإن خاصية التباهي هاته قد عانقت الاختراع الجديد بحفاوة عبر لهفة العديد على الهواتف النقالة من طرف كل الفئات بدون أية استثناءات حيث أن المحرك الأساسي في انتشار استعماله يعود إلى الحاجة إلى إبرازه قبل الحاجة إلى استعماله لأسباب وظيفية أواجتماعية، حيث أصبح هوس التغيير المستمر لهذا الجهاز الصغير يستولي على اهتمام بعض الفئات ومنهم من يتظاهر بالحديث عبره بشكل استعراضي بدون وجود أية مكالمة حقيقية، وهذا على غرار تتنافس الفتيات على اقتناء الماركات العالمية خاصة في الساعات والحقائب والأحذية، وقد يلجأ البعض منهن إلى شراء الحقائب والساعات التي تشبه الماركة الأصلية ولكنها بضاعة مقلدة، إذ تقسم وتصر على أنها الماركة الأصلية فحب المظاهر يدفعها للكذب وفي هذا السياق تقول ريمة كانت إحدى زميلاتي في الدراسة من أكثر الفتيات تباه بأغراضها وما تملكه من ملابس وقد دفع بها ذلك الفخر الى الكذب، حيث اشترت ساعة تشبه تلك الساعات الاصلية وعندما سألتها احدى الطلبات عن ثمنها فكذبت عليها ولكن احدى صديقاتها كشفتها بعد شجار وقع بينهما . العضلات المفتولة للشباب.. تفاخر أكثر منه رياضة لقد تحولت ثقافة الشباب في مجتمعاتنا وتبدلت نظم القيم لديهم، وقد طغت القيم المادية على قيم العلم وقيم الاحترام، وأصبحت الرموز المادية هي المعيار المحدد للطبقة الاجتماعية ومركز الفرد الاجتماعي، وبناء على ذلك، أصبح اقتناء الأشياء الثمينة هو هدف الشباب الآن، مما انعكس على طبيعة الحياة الاجتماعية، وبذلك اختلفت مظاهر التباهي لدى الشباب لتصل بهم الى السعي وراء أجساد بعضلات مفتولة لجلب الأنظار وفي هذا الصدد يقول سيدعلي الذي التقينا به متجها الى إحدى قاعات الرياضة والذي أعرب بقوله أنه يريد أن يظهر بجسم يجلب أنظار الفتيات إليه، وأضاف أنه يقوم بتدريبات تتراوح بين ثلاث إلى أربع حصص في الأسبوع، ويختلف سعرها من قاعة إلى أخرى أما يوسف 26 سنة فأكد لنا أن يقبل وبكثرة على الحصص التدريبية لتحضير نفسه للصيف الذي يظهر محاسن جسمه في حين أفصح سمير ، 28 سنة، موظف في شركة، أن هناك بعض الشباب الذين يقبلون على التمارين الرياضية ليس من أجل سلامتهم وانما للحصول على عضلات منتفخة وعلى جسم ضخم من أجل التباهي به بالخصوص أمام الفتيات ، وأما سليم فصرح أنه أقدم على ممارسة الرياضة لأنه يود الحفاظ على صحته وليس للتباهي أمام الأشخاص عكس بعض الشباب الدي يمارس هده الرياضة لجلب الأنظار إليه لا غير. .. وللكلاب حظ في ذلك تحولت ظاهرة تربية الكلاب من وسيلة لاستتباب الأمن في بعض الأماكن إلى موضة تستهوي الشباب وحتى المراهقين الذين يجعلون من هذا الكلب المتوحش مصدرا للتباهي والأخطر من ذلك أن تلك الكلاب الشرسة أصبحت تزرع الرعب والهلع وسط المارة بالشوارع، ويقول في هذا السياق امين إن تجارة الكلاب قد تبدو مهنة غير ذات قيمة، لكن الذي يحترفها ويتحصل منها على أرباح يدرك مردوديتها المادية عن قُرب، مثلها مثل تجارة الكباش، مع وجود فوارق في هدف الزبائن من شراء الكلاب فرغبة الكثير من الشباب التباهي بين الأقران والزملاء ما دفع بهم للحصول على كلاب شرسة وقوية في مجال الحراسة، من قبيل كلاب الروت فايلر ، أو البيت بول أو كلاب بيرجي ألمان ، أي الراعي الألماني.. وهي كلاب غالبا ما تكون مرتفعة السعر. اجتماعيون: النظر إلى الطبقة السفلى يجنّب التفاخر وعن انتشار هذه المظاهر بكثرة في مجتمعاتنا يقول أستاذ علم الإجتماع ب.ر إن ثقافة التباهي مستوطنة في كثير من الأسر وخصوصا المترفة ولدى بعض الشرائح الوسطى فهناك من يحاول التقليد، أو مسايرة متطلبات التفاخر، كاشفا أن بعض المتفاخرين مسلوب الشخصية وتقوده ظنون التباهي إلى التبعية فترهقه فيخسر الكثير.. والانسان بطبعه تتملكه الغيرة او ربما بعض الحسد ويريد دائما ان يكون هو الستار لو نلاحظ مثلا البنات في الاعراس كل واحدة تريد الظهور باحلى الثياب وللتخلي على هذه الظاهرة -يقول الأستاذ- يجب على كل أسرة أن تضع برنامجا خاصا بها يتماشى مع قدراتها المادية وتتخلى عن تلك المقارنة مع الاسر الاكثر دخلا منها حتى تتجنب اي مشاكل تعكر استقرارها، ويرجع اختصاصيون في علمالاجتماع توق الشباب نحو الإسراف في الإنفاق إلى الانتشار العالمي للنزعةالاستهلاكية، الأمر الذي حوّل كل السلع الاستهلاكية إلى ضروريات الإنفاق بغض النظر عن الوضع المالي والمستوى الاجتماعي لكل واحد منهم. نفسانيون: هوس التباهي يعبر عن أزمة ثقة بالنفس وفي هذا الصدد يقول المختص النفسي ر.رشيد أن الكثير من الناس بالخصوص الشباب منهم يلجؤون لاستخدام مختلف الطرق من أجل التباهي فهذا يدل على وجود أزمة ثقة بالنفس وخلل في التركيبة النفسية لان مفاد هذه التصرفات لفت وجلب الانظار إليهم لا شيء غير ذلك، حيث يشعر هؤلاء بأن امتلاكهم لأشياء ليست لهم تزيدهم قوة وثقة وتجعلهم أكثر جاذبية وجمالا، وبالتالي علينا أن نعيد الثقة لهؤلاء أولا ثم ننصحهم بعدم المبالغة في هذه الامور لان الشعور بالنقص هو الامر الذي يدفع بالكثير للتحلي بمظاهر الفخر والتباهي فهذه الظواهر في أي مجتمع لا يبالغ فيها ولا يهتم بها إلا الإنسان الذي لديه إحساس بنقص في نفسه ويريد أن يكمله بأي شكل من الأشكال فيلجأ للمبالغه في الكماليات، مضيفاً أن الحل الوحيد للتخلص من الظاهرة هو مبادرة كل إنسان في أن يصلح من نفسه وأسرته فهؤلاء هم الأساس في المجتمع . إمام: التباهي والفخر منهي عنه في الإسلام أكد الإمام و.م أن التفاخر والتباهي يعود إلى قلة الوازع الديني، والاهتمام بالمظاهر أكثر من المعنى، بعدما غابت في مجتمعنا المشاعر الصادقة، وأضاف الإمام أن التقليد الأعمى لعب دورا كبيرا في التأثير على عاداتنا وتقاليدنا ، وأشار إلى أن التباهي والفخر منهي عنه في الإسلام، فالقرآن الكريم وصف الدنيا بأنها دار لهو وغرور وزينة وتفاخر وتكاثر وهذا لقوله تعالى اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم .... لأن حقيقة الفخر تكون بالعلم والأدب والتقوى والعمل الصالح، وأن المفاخرة والمبالغة تؤدي إلى الكثير من المشاكل التي تتواجد في المجتمع منها الحسد وعدم القناعة، لذا يجب أن نتواضع لنخلق مجتمعا قائماً على المودة والمحبة دون بغضاء أو حسد، وصدق رسول الله عندما قال من تواضع لله رفعه ، و لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبر .