قاموس المصطلحات الجزائري يتعزز بمفردات دخيلة يجهل الكثير من شباب اليوم معاني العديد من الكلمات التي تشكل تواصلهم اليومي مع الأصدقاء، أفراد العائلة وحتى المتداولة في المؤسسات التربوية وهو الأمر ذاته بخصوص الألبسة المسايرة للموضة والتي يمجدها جيل اليوم الهاوي لأحدث الصيحات من الماركات العالمية، حتى لو تنافى ذلك مع قيم الجزائري بما أن أغلب تلك الألبسة تحتوي على رسومات ورسائل تستهدف العقيدة الإسلامية تسب الإله وتشجع على الرذائل، حيث أن بعض الكلمات مقتبسة من اللغة العبرية ولا تمت بصلة إلى الهوية العربية تجدها متداولة بشكل ملفت وسط شباب اليوم، وبرزت في الفترة الأخيرة ألفاظا على غرار أنوش، كعبة، شريكي.. وغيرها من المصطلحات المتداولة بقوة في أحاديث الشباب إناثا وذكورا وأضحت لغة التواصل الوحيدة بين هؤلاء على الرغم من جهل الكثيرين لمصدرها أو حتى معانيها الحقيقية. ومن الالفاظ المتداولة كثيرا بين الناس نجد مثلا الكلمة الانجليزية bye التي يؤكد الكثيرون أن معناها الأصلي هو دمت في رعاية البابا وهي كلمة دخيلة على الثقافة الإسلامية وجب تجنبها، في حين يرى البعض الآخر أن معنى الكلمة هو عبارة تعني رافَقَك الله وهو مجرد دعاء يستخدم إلى يومنا هذا للوداع (God be with you)، وبسبب تسارع الزمن تم إبدال كلمة (God) وهي بمعنى الله بكلمة أخرى (good) وهي بمعنى الخير أو الجيد ، وتم اختصار العبارة في كلمة (good bye) ثم اختصرت في كلمة (Bye) فالكلمة ليس لها صبغة كنسية أو عقيدة دينية بذاتها، على عكس ما يعتقد الكثير من الناس بحسب ماذهب إليه بعض العارفون بهذا الشأن، ومع ذلك فيؤكد الخبراء على أن قاموس المصطلحات الجزائري مملوء بكلمات غامضة ومجهولة المصدر يستعملها الناس للتواصل بينهم. إنتقلنا إلى الشارع الجزائري لنستفسر عن معاني بعض الكلمات المتداولة في لغة التواصل الشبابية إلى جانب معاني بعض العبارات والصور التي تحتويها ألبسة كان يرتيها شباب وشابات من مختلف الأعمار، الغريب في الأمر أن العديد منهم كان يجهل الكثير من الرسومات والعبارات المدونة، وعلى النقيض تجد شباب وشابات على علم بمعاني العبارات المدونة في ألبستهم وتجدهم غير مبالين بخطورتها ويبرر هؤلاء الإقبال عليها بالموضة. من جهتهم برر أصحاب المحلات إقبال الشباب على هذا النوع من الألبسة بمسايرة الموضة وفي هذا الصدد يؤكد بائع ألبسة رجالية بالقبة ضواحي العاصمة أن أغلب الشباب يقتنون ألبسة تضم رموزا منافية للدين الإسلامي فمثلا شعار نادي برشلونة الإسباني الذي يحتوي على الصليب تجده مطلوب بقوة ونفس الأمر بالنسبة للرموز الأخرى وهو ماأكده العديد من الباعة ويضيف بائع ألبسة نسائية أن بعض الفتيات ينبهرن بضم ألبسة لأعلام ورموز أجنبية دخيلة عن ثقافتنا، وتعارض قليلات هذا النوع من الألبسة بسبب هذه الرموز رغم إعجابهن بها، وبدوره يكشف أحد باعة الملابس الشبانية قائلا أبيع هذه الألبسة لأنها هي المتداولة في السوق، لكن أعارض بشدة في حال ارتداها إبني ، ويجمع الباعة على أن السوق هو المتحكم الرئيسي في نوعية الألبسة وهي خاضعة لقانون العرض والطلب. إمام: رموز الكفر والإلحاد وجب مقاطعتها ولمعرفة رأي الدين في الموضوع إتصلت السياسي بالأستاذ يوسف بن حليمة إمام مسجد، حيث وصف تلفظ وارتداء شباب اليوم لرموز دخيلة بالمصيبة التي حلت على المجتمع الجزائري، بما أن أغلب هذه العبارات تدعوا إلى الفاحشة، داعيا الشباب إلى غربلتها ومقاطعة كل العبارات والألبسة التي تمجد رموز الكفر والإلحاد، وإستشهد ذات الإمام بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ سبعين خريفاً ، وفي ذات الإطار يستشهد إمام آخر بقول الله تعالى في محكم تنزيله: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام:153، وقوله تعالى: (وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى) الأحزاب:33. قدور شاهد مهتم بمقارنة الأديان واللغة العبرية ل السياسي : ترويج أفكار غريبة هدفه تضليل الناس وإبعادهم عن دينهم يرى قدور شاهد مهتم بمقارنة الأديان واللغة العبرية أن تداول الشباب لمصطلحات غريبة إلى جانب إرتدائهم لألبسة تحوي عبارات وصور مسيئة ظاهرة ليست بالجديدة ولا تخص المجتمع الجزائري فحسب بما أنها مست كل المجتمعات مرجعا ذلك إلى الغزو الثقافي، العولمة والتفتح على ثقافات أخرى أين ساعدت وسائل الإعلام المختلفة على تفشيها بشكل كبير، وعن الغاية من ترويج هذا النوع من العبارات والصور يؤكد شاهد أنها تكمن في تضليل الناس والسعي قدر المستطاع لإبعادهم عن دينهم الحنيف. هناك مصطلحات يتداولها الكثيرون ويجهلون معناها الحقيقي، ما تفسيركم للظاهرة؟ في حقيقة الأمر هذه الظاهرة ليست بالجديدة، ولا تعني فقط المجتمع الجزائري فحسب، وإنما هي قديمة جدا ومست كل المجتمعات غير المحافظة، وأعتقد أن من بين أهم أسباب تفشي هذه الظاهرة الغزو الثقافي والتفتح على الثقافات الأخرى من خلال وسائل الإعلام المختلفة والشغف بالأغاني والأفلام الأجنبية التي تمرر من خلالها رسائل تخدم ثقافات على حساب أخرى، ونجد في مجتمعنا الجزائري بعض المصطلحات التي يتداولها الناس بينهم دون أن يعرفوا معناها الحقيقي، وقد انتعشت هذه الظاهرة حقا في الآونة الأخيرة لأسباب كثيرة وأظن أن ذلك من نتاج العولمة. هلا أوردت لنا أمثلة ومعانيها حتى تتوضح الصورة أكثر؟ قبل ذلك أشير إلى أن الجزائر عرفت بحكم موقعها الإستراتيجي على غرار كل دول شمال إفريقيا مرور الكثير من الحضارات والأجناس، وأكيد أن كل هؤلاء تركوا شيئا من ثقافتهم ولغتهم وحتى من معتقداتهم الدينية، والأكيد أيضا أن قاموس المصطلحات الجزائري قد تدعم ببعض عبارات وكلمات هؤلاء، فنجد كما من الكلمات الإسبانية والفرنسية تطغى على اللسان الجزائري، ولكن القليل منا يعلم أن اللغة العبرية وهي لغة اليهود قد تسللت بعض مفرداتها خلسة إلى القاموس الجزائري، وسأذكر بعض الأمثلة عن ذلك، فكلمة اتهللا مثلا وهي تحمل معنى اعتني هذه الكلمة غريبة عن اللغة العربية وقريبة جدا من اللغة العبرية، وهي تقترب من معنى أنت الله ، ونفس الأمر بالنسبة لكلمة ماكلاه التي تحمل معنى لا داعي في القاموس الجزائري، فهي قريبة جدا في اللغة العبرية إلى عبارة ما كان إله أي لا وجود لله. وتستعمل عبارة يا الزح أو يا دين الزح للدلالة على التعجب أو القسم أحيانا، ولكن الزح حسب بعض الروايات هو كوكب زحل الذي كان يعبده بعض الوثنيون قديما والذين كانوا يقدسون الكواكب ويعتقدون أنها آلهتهم التي تمنحهم الخير وتبعد عنهم الشر، كما نلاحظ أن كلمة أنوش قد تفشت مؤخرا بين الشباب خصوصا في الجزائر العاصمة، وهي كلمة تستعمل للانتقاص من رجولة الشخص الموصوف بها، ويقصد بها أيضا فئة المخنثين، ولكن الكلمة في أصلها العبري تعطينا النقيض تماما للمعنى الجزائري، وهي تعني في اللغة العبرية الرجل وأنوش إسم لأحد الأنبياء الذين وردت أسماؤهم في كتب اليهود المقدسة وحتى في كتب المسحيين، فقد ورد في سفر التكوين 4/26 وفي سفر أخبار الأيام الأول 1/1 كما ورد ذكره في إنجيل لوقا 3/38 وأنوش هذا هو إبن شيث بن آدم عليه السلام، وتستعمل في العاصمة كلمة كعبة للدلالة على الشخص الغبي المتخلف، في حين تستعمل في بعض ولايات الشرق الجزائري للدلالة على الحبة كوحدة عد، ولكن أصل الكلمة هو الكعبة المشرفة، وهي قبلة المسلمين في كل مكان، كما نجد أن الخامسة وهي اليد التي يتعوذ بها بعض الجزائريين من الحسد والعين والتطير، هذه اليد نفسها ينسبها اليهود إليهم كتعويذة تحميهم من الشرور، ويرى بعض المؤرخين أن تلك اليد لها أصل في العديد من الثقافات والمعتقدات القديمة. الكثير من الشباب والشابات يرتدون ألبسة مدونة بكلمات ورسوم يجهل معناها، ماذا تقولون عن هذه الظاهرة؟ هذا صحيح فلقد رأينا الكثير من الشباب ذكورا وإناثا يرتدون ثيابا تحمل عبرات ورموزا بعيدة كل البعد عن ديننا الحنيف، ولعل سبب ذلك يعود إلى تأثر الشباب بالموضة أو ما يصطلح عليه ب اللوك واتخاذهم المشاهير من فنانين ورياضيين قدوة لهم، فأصبحوا يقلدونهم في كل شيء، في اللباس وشكل الحلاقة والإبداع في رسم اللحية ووضع الأقراط في الأذان والأنوف ورسم الوشم على الجسد وإسقاط السراويل وحتى في طريقة الكلام والمشي وغيرها، ولكن الأمر الذي يجهله الكثير من هؤلاء الشباب، أن اتخاذ المشاهير أزياء معينة تحمل عبارات تسوق لمعتقدات وأفكار غريبة عن الإسلام بل هي محرمة أصلا في الإسلام، كالزنا والشذوذ والانحلال الأخلاقي، أو عبارات تمجد آلهة غير الله سبحانه وتعالى، وسأضرب بعض الأمثلة على ذلك، فمثلا موضة إسقاط السراويل أصلها عمل أهل سدوم وهم قوم نبي الله لوط عليه السلام، فكانوا يميزون أنفسهم بإسقاط السراويل كوسيلة دعائية لنشر الشذوذ الجنسي بينهم، ثم عادت هذه العادة من جديد في زمننا هذا بين المساجين في الولاياتالمتحدةالأمريكية لنفس الهدف، وانتشرت في العالم من خلال مغنيي الراب ، وهناك بعض علامات الأزياء العالمية التي يرتديها الشباب عندنا دون أن يعلموا مغزاها كعلامة CAP وهي أوائل حروف كلمات (Gay And Proud) ومعناها أنا مثلي الجنس وفخور بذلك ، كما تحمل معظم شعارات الألبسة الرياضية العالمية دلالات عقائدية كالصليب أو نجمة داوود أو رموز الماسونية والبوذية وغيرها، كشعار نادي برشلونة الإسباني الذي يحتوي على الصليب ومع ذلك نرى الكثير من شباب المسلمين يرتدون قمصان هذا النادي، وأيضا قميص نادي جيوفنتيس الإيطالي وهي كلمة بمعنى إله الشباب، المصيبة أن يرتدي الإنسان ثيابا لا يعلم الرسائل التي دونت عليها، وإذا كان يعلم فتلك مصيبة أعظم. باعتبار أنكم مهتمون بعلم مقارنة الأديان واللغة العبرية، في نظركم ما هو الهدف من ترويج هذه المصطلحات والألبسة؟ إن أول كلمة نزلت من القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هي كلمة إقرأ ، وللأسف الشديد إننا اليوم أمة لا تقرأ، والنبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إلى المدينة وجد فيها اليهود بكثرة وكانوا من أهل الكتاب فآمن برسالته القليل منهم، ولكن الأكثرية كانوا يكيدون له المكائد، فقد روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أَنَّ رَهْطًا مِنَ الْيَهُودِ دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ أَبَا الْقَاسِمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَيْكُمْ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ! إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا قَالُوا؟ قَالُوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ: قَدْ قُلْتُ عَلَيْكُمْ ويتضح من هذا الحديث كيف حرّف اليهود كلمة السلام بالسام والتي تعني الموت، وكانوا دائما يسعون إلى تضليل المسلمين بالتلاعب بالكلمات، كما كانوا يتعمدون مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي القاسم حتى يتجنبوا ذكر اسم محمد، وسبب ذلك أن كلمة محمد وردت في كتبهم المقدسة التي تعني الشيء النفيس الغالي الثمين المشتهى، ولأجل ذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت رضي الله عنه بتعلم لغة اليهود حتى يأمنوا مكرهم، ويتضح من خلال ما قيل أن الهدف الرئيسي من ترويج المصطلحات والألبسة الدخيلة على المجتمعات الإسلامية هو تضليل الناس والسعي قدر المستطاع لإبعادهم عن دينهم الحنيف. ما هي انعكاسات هذه الظاهرة على المجتمع الجزائري؟ أكيد أن الانعكاسات ستكون وخيمة جدا على المجتمع الجزائري وسيدفع ثمن ذلك الأجيال القادمة التي ستكون خالية من الهوية الإسلامية إلا من رحم الله، فمعظم الشباب يظنون أن تقليدهم لمشاهير الغرب سيجعلهم في قمة التقدم والتحضر والمدنية والأناقة والرقي، ولكن العكس هو الصحيح، لأن ذلك يدل على الانحطاط والتخلف والضعف والتبعية للغير، كان أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله، ويرى مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون أن المغلوب مولع أبدا بالاقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده، وكان الشيخ ابن باديس والشيخ العربي التبسي والمفكر مالك بن نبي وغيرهم يسعون دائما إلى بناء الإنسان الجزائري بهويته الدينية الإسلامية.