تعتبر مهنة الساعاتي من بين إحدى المهن الفنية القديمة والتي غالبا ما توارثها الجزائريون أبا عن جد أو احترفوها من خلال عملهم كأجراء لدى الساعاتيين، الأمر الذي دفع لظهور محلات الساعاتجية ، كما يسميها معظم الناس. وهي من بين إحدى المهن التي تحتاج إلى الصبر والجد، كما تحتاج إلى الدقة في العمل، إلا ان تطور التكنولوجيات الحديثة قضى على هذه المهنة بشكل شبه كلي وأصبحت من بين المهن التي تحتضر في وقتنا هذا، وأمام هذا الوضع الذي تشهده هذه المهنة و المحلات الخاصة بإصلاح الساعات، تقربت السياسي من بعض الذين زاولوا ولازالوا متمسكين بهذه الحرفة، من أجل الحفاظ عليها وتعزيز مكانتها بالرغم من ضالتها في عصرنا هذا، الذي يتميز بالتكنولوجيا. شباب لا يلون المهنة أهميتها وأمام هذه الظروف التي دفعت بهذه المهنة للإندثار، تقربت السياسي من بعض المواطنين لمعرفة وجهتهم في هذا الأمر، ليقول في هذا الصدد طارق من العاصمة إن مهنة الساعاتي هي من بين احدى المهن في طريق الاندثار وهذا لتطور التكنولوجيات الحديثة التي أصبحت تحوي على تقنيات عصرية سمحت للكثير من شباب اليوم على التخلي على تصليح الساعة، ومن جهة أخرى، لم يعد اليوم الاهتمام بتصليح الساعة كما كان في احد الأوقات الماضية كما ان العديد من شبابنا يقتني الساعة بالضمان من المؤسسة المنتجة وهو الأمر الذي جعل هذه المهنة القديمة تحتضر، في ظل التطورات التكنولوجية الحديثة . وفي ذات السياق، تقول مريم من الدويرة لا أرى اليوم تواجد محلات تصليح الساعات في العاصمة والتي كانت منتشرة في احد الأوقات وبشكل كبير في العديد من الأحياء وهذا بمختلف المناطق ، وفي خضم هذه الآراء التي اجمع عليها العديد من المواطنين، يبدو ان هذه المهنة القديمة هي في طريقها للإنقراض أو تنتظر النسيان في الجزائر. كهول يروون تجربتهم مع عقارب الساعة فبعد ان كانت مهنة الساعاتي من بين أهم المهن الأكثر إقبالا من طرف المواطنين في الأحياء الشعبية ومصلحها وسط العديد من قطع الساعات المتناثرة فوق مائدة التصليح لا يريحه سوى سماع نبض ساعة قد أطال بها الصمت كثيرا، تشهد انعداما شبه كلي على ارض الواقع، وفي هذا الصدد، تقربت السياسي من احد الأشخاص الذين كانوا يمتهنون هذه المهنة في القديم، ليقول في هذا الصدد عمي عمر من الشراڤة والذي كان يملك احد الدكاكين التي يقوم فيها بتصليح الساعات القديمة والذي وجدناه منهمكا في تصليح ساعة يده ما من متعة تعادل متعة إعادة الروح إالى ساعات عفى عليها الزمن، فقد كنت اعمل في هذا المجال منذ ان كان عمري 16 سنة، الا ان هذه المهنة اندثرت بسبب كل التطورات والتكنولوجيات التي تشهدها مختلف القطاعات، فلم يعد جيل اليوم يهتم بقيمة الساعة القديمة وأصبح يهتم بكل ما هو جديد وهو الأمر الذي جعل من هذه المهنة تدفع ثمنها بالزوال . ويضيف المتحدث، 80 عاما، الذي كان يتخذ من احد الدكاكين الصغيرة في وقت مضى مكانا لورشته المتواضعة قائلا فتحت عيني على هذه الدنيا وأنا اعمل في مهنة تصليح الساعات التي أضحت حرفة محببة لديّ، فما عدت اقدر على تركها رغم موجة الأجهزة الحديثة . ويتابع حديثه لديّ علاقة حميمة مع الساعات القديمة ولازلت اعمل حتى اليوم في تصليحها، لان أصحابها يحتفظون بها اعتزازا بماركاتها العالمية ومتانتها . كما هو الحال بالنسبة لعمي رابح، الذي امتهن حرفة الساعاتي طيلة حياته وورّثها لابنه عبد الرزاق للمحافظة عليها، وقد وهب حياته لهذه المهنة التي أصبحت مصدر رزقه منذ السنوات الأولى للاستقلال، ومحله شاهد على المسار الحرفي للرجل، ويرى محدثنا أن المهنة توشك على الانقراض، بسبب الإهمال وانعدام مراكز التكوين، بالإضافة إلى عقلية الشباب الحالي الذي يرى بأن حرفة الساعاتي ليست بالمكانة أو المهنة اللائقة به وليست مربحة وهذا لاهتمامهم بكل ما هو جديد بالموازاة مع التكنولوجيات الحديثة. اندثار للساعاتي بسبب عدم مواكبته للتقنيات الحديثة وعن السر في تصليح الساعات، يضيف رابح قائلا إنّ مهنة تصليح الساعات القديمة تتطلب من صاحبها أن يكون مبدعا ومتمكنا وأن يكون لديه صبر، لأن محركاتها صعبة ومعقدة وتتطلب دقة وحذر شديدين لضبط أجزائها الداخلية، وهذا ما يجب أن يمتاز به الساعاتي . ونوه المتحدث إلى أن هناك العديد من مصلحي الساعات ذوو كفاءة مهنية ولم يجدوا الدعم اللازم للمحافظة على استمرارية هذه الحرفة وحمايتها من الزوال، خاصة مع ظهور التكنولوجيات الحديثة وانتشار الوسائل العصرية التي جعلت وجود الساعات أمرا لا يدخل ضمن الأولويات.