اتخذ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أمس، أولى الخطوات من أجل ضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية الى روسيا، ما سيشكل أبرز إعادة رسم لحدود أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وأبلغ بوتين رسميا الثلاثاء البرلمان والحكومة الروسيين بطلب القرم الانضمام الى روسيا وطلب من السلطات العامة الروسية (الحكومة والبرلمان) الموافقة على اتفاق لضم القرم. واعتبر بوتين انه من المناسب المصادقة على هذا الاتفاق كما اعلن الكرملين، في اول خطوة تشريعية مطلوبة نحو ضم شبه الجزيرة. وسيلقي الرئيس الروسي كلمة أمام مجلسي البرلمان الروسي بعدما وقّع مساء الاثنين الماضي مرسوما يعترف باستقلال شبه الجزيرة، متحديا بذلك الدول الغربية التي لم تعترف بنتائج الاستفتاء الذي نظمته القرم الاحد وقضى بالانضمام الى روسيا. وبموجب احكام القانون الدولي، فإن الاعتراف بالقرم كدولة مستقلة هو مرحلة ضرورية لدمجها في روسيا على ان يكون هذا الانضمام موضع اتفاق بين دولتين مستقلتين. وندّدت دول العالم بسيطرة قوات موالية للروس على القرم، بعدما اقال البرلمان الاوكراني الرئيس المؤيد لموسكو، فيكتور يانوكوفتيش. وفرض الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة الاثنين عقوبات على مسؤولين روس وآخرين اوكرانيين موالين لهم ردا على قرار شبه جزيرة القرم غير المسبوق بالانضمام الى روسيا. والعقوبات الاوروبية والامريكية التي اعلنت في شكل شبه متزامن في بروكسلوواشنطن تشمل عددا محدودا من المسؤولين الروس والاوكرانيين من دون أن تطاول بوتين مباشرة، رغم ان عقوبات واشنطن لم تستثن مقربين منه. لكن مثل هذه العقوبات لن تردع بوتين الذي يتوقع ان يبرر ضم القرم بحكم الامر الواقع، استنادا الى نتائج الاستفتاء الذي نظّم الاحد في شبه الجزيرة ووافق خلاله 97 % من السكان على الانفصال عن اوكرانيا والانضمام الى روسيا. وقال سيرغي ناريشكين، رئيس الدوما (مجلس النواب)، ان الرئيس سيحدّد موقفه بالنسبة لطلب القرم ان تصبح جزءا من روسيا بما يتوافق مع نتيجة الاستفتاء. ومع التأييد الكبير الذي نالته هذه الخطوة حتى في روسيا، يتوقع ان ينظم عشرات آلاف الاشخاص مسيرة في وسط موسكو تحت شعار نحن معا بعد خطاب بوتين. ويبدو ان روسيا ستبرر ضم القرم كرد عادل على طلب قدمته دولة مستقلة، رغم انه غير معترف بها الا من قبل موسكو. وخطوات بوتين الثلاثاء تمهد الطريق امام البرلمان للمصادقة على ضم القرم بعد موافقة المحكمة الدستورية الروسية. وقال ناريشكين إن البرلمان سيتحمل مسؤوليته سريعا . ويبدو ان العقوبات التي اعلنها الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة والتي تعتبر الاكبر ضد موسكو منذ انتهاء الحرب الباردة، غير كافية للتأثير على روسيا. لكن السؤال الابرز يبقى ما اذا كانت روسيا ستتوقف عند هذه الخطوة الجريئة بضم القرم او ما اذا كانت ستواصل هذا التحرك في المناطق الناطقة بالروسية في جنوب وشرق اوكرانيا. وهدّد الرئيس الامريكي، باراك أوباما، الاثنين روسيا بعقوبات إضافية، في حال واصلت التدخل في اوكرانيا. وقال مسؤول أمريكي بارز، إن العقوبات الامريكية تستهدف أشخاصا مقربين جدا من الرئيس بوتين. وذكر مسؤول بارز آخر هذه أكبر عقوبات تفرض على روسيا منذ نهاية الحرب الباردة . وبين المسؤولين المعرضين لتجميد ارصدة في الولاياتالمتحدة، ديمتري روغوزين نائب رئيس الوزراء الروسي، ورئيسة مجلس الاتحاد (مجلس الشيوخ الروسي) فالنتينا ماتفينكو، واثنان من المستشارين المقربين من الرئيس فلاديمير بوتين هما فلاديسلاف سوركوف وسيرغي غلازييف ونائبان في مجلس النواب (الدوما). وفرض الاتحاد الاوروبي عقوبات الاثنين على رئيس وزراء القرم سيرغي اكسيونوف ونائب الاميرال الكسندر فيتكو قائد اسطول البحر الاسود الروسي بسبب دورهما في تقويض سيادة اوكرانيا. والاثنان هما ضمن قائمة تضم 21 اسما نشرت بعد ان وافق وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي على فرض مجموعة من الاجراءات من بينها حظر السفر وتجميد الارصدة عقب استفتاء القرم. وفي ردود الفعل، دعا وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إلى الحوار، مشدّدا على ان القرم تبقى بالنسبة لبريطانيا وحلفائها جزءا من اوكرانيا. كما اعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون عن خيبة امل وقلق كبيرين، آملا بالتوصل الى حل سياسي يشمل احترام سيادة اوكرانيا ووحدة اراضيها. وفي هذا الوقت، اعلن دبلوماسيون في بروكسل ان الاتحاد الاوروبي والقادة الاوكرانيين سيوقعون الجمعة الشق السياسي من الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي الذي ادى رفض توقيعه من قبل يانوكوفيتش في جانفي الى موجة الاحتجاجات في البلاد وصولا الى إقالته. وبدأت حكومة القرم اتخاذ اجراءات حاسمة تهدف الى قطع اي صلة لها بشكل دائم مع كييف. وبدأت السيطرة على مؤسسات اوكرانية فيما تعتزم تغيير التوقيت لاعتماد توقيت موسكو.