لايزال التاريخ يشهد بأن الطلبة الجزائريين لم يتخلفوا عن نداء الواجب منذ اللحظة الأولى لبداية العمل المسلح وتزايد هذا الدور، بتأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين. الطلبة وبمحض إرادتهم، اختاروا الكفاح بجميع أشكاله من أجل استقلال الجزائر، ولم تجبرهم أي جهة آنذاك على انتهاج طريق النضال بل قرارهم كان نابع من قناعتهم بأن الوطن لن يتحرر من براثيم المستعمر الفرنسي إلا إذا اشتركت كل شرائح المجتمع من عمال وفلاحين وطلبة المعاهد والمدارس في الثورة المسلحة التي كانت تقودها وبتفويض من الشعب الجزائري جبهة التحرير الوطني. الطلبة الجزائريون أيام الثورة التحريرية كان معظمهم يدرس خارج الوطن منهم من كان في تونس الشقيقة و بالتحديد بجامع الزيتونة والبعض الآخر كان منقسما بين جامعات مصر والعراق دون أن ننسى جامعات باريس حيث كانوا يزاولون دراستهم في عقر دار العدو. ورغم بعدهم عن أرض الوطن، كانوا يعملون على تعريف الرأي العام الدولي بالجرائم التي كان يقترفها يوميا الاستعمار الفرنسي في حق الشعب الجزائري الأعزل، ولم يدخروا أي جهد لتحقيق هذه الغاية. لكن الطلبة آنذاك أدركوا جيدا بأن كفاحهم لا يجب أن يكون منقسم ومشتت بل يجب أن يوحد ويهيكل ومن هنا، جاءت فكرة انعقاد المؤتمر التأسيسي للاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في باريس في الفترة الممتدة ما بين 8 و14 جويلية 1955 بحضور شخصيات ثقافية وسياسية وممثلين عن المنظمات الطلابية بما فيها الاتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين. وتناول المؤتمر عدة محاور رئيسية. ولعل أهم نقطة ركز عليها المؤتمرون آنذاك جمع شمل الطلبة الجزائريين وتوحيد مطالبهم وحقوقهم، بالإضافة إلى ضرورة مشاركة الاتحاد في الحياة السياسية للبلاد. وقد تمت تزكية أحمد طالب الإبراهيمي رئيسا للاتحاد وأعلن رسميا عن تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين UGEMA. وبحسب المجاهد بلعيد عبد السلام، الفصل في هذا الصراع إنتهى بالانتخاب حيث إختارت الأغلبية الساحقة تسمية الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين . إضراب الطلبة الجزائريين في 19 ماي 1956 يعد إضراب الطلبة وإلتحاقهم بصفوف جيش التحرير الوطني وبمنظمته السياسية جبهة التحرير الوطني الخطوة الأولى التي تلتها خطوات عديدة تدعيما للنضال الثوري. فالعضو القيادي في إتحاد الطلبة آنذاك المجاهد بغالي جلول يرى بأن قرار الإضراب اكتسى أهمية بالغة وأعطى درسا للإستعمار الفرنسي الذي كان يشكك في نوايا و قدرات الطلاب الجزائريين. فبعد أيام قلائل من إعلان الإضراب عن الدروس والامتحانات، التحق أكثر من 157 طالب بصفوف جيش التحرير الوطني في الولاية الرابعة. وبهذا، تدعمت الثورة الجزائرية بالعديد من الطاقات الفكرية والعلمية من مجندين وصانعي قنابل وأطباء وممرضين. إضافة إلى ميادين أخرى كالإعلام لتنوير الرأي العام العالمي والفرنسي بصفة خاصة بما كانت تقترفه أيادي الاستعمار من جرائم و إنتهاكات في حق الجزائريين. حيث عمل الطلاب على نقل أخبار الثورة وتطوراتها بواسطة المناشير والمقالات الصحفية قصد إسماع صوت الثورة الجزائرية إلى كل بقاع العالم. وبحسب الباحث كليمن مور هنري، الذي كان شاهد عيان على نضال الطلبة الجزائريين بفضل دفاعهم المستميت عن القضية الجزائرية، إستطاعوا أن يكسبوا إحترام ومساعدة كل إتحادات الطلبة الدولية. حيث حاول هنري سرد كل مراحل نضال الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في كتاب يحمل نفس الاسم. تجدر الإشارة إلى أن هنري كان من المدافعين عن حق الشعب الجزائري في نيل إستقلاله وبسط سيادته على أرضه، ففي خمسينيات القرن الماضي، أعلن ذلك أمام ممثلين عن إتحادات الطلبة أتوا من كل حدب وصوب ليشاركوا في ملتقى كان مبرمجا في باريس وبسبب موقفه منحته السلطات الفرنسية مهلة 48 ساعة لمغادرة البلاد. وفي ذات السياق، أكد المسؤول عن الشؤون الخارجية باتحاد الطلبة، جمال حوحو، أن حرص الطلبة الجزائريين على التحسيس بالقضية الجزائرية التي كانت غايتها الأولى نيل سيادتها الوطنية نتج عنه تضامن واسع من كل المنظمات العالمية بمختلف أطيافها. وبشهادة المتتبعين والمؤرخين إلتحاق الطلبة بالثورة ساعد كثيرا في منح بعد سياسي وإعلامي للقضية الجزائرية التي كانت تحتاج إلى رجال من ذوي الكفاءات العلمية.