لماذا لم يقلها صراحة بأنها فرصة لإسرائيل بأن تشن، من جديد، حربا على غزة وقد بدأتها بالغارات الجوية للتحضير لمواصلتها برا؟ هل حضّر الفلسطينيون أنفسهم لمواجهة الجيش الإسرائيلي وإسقاط الأسطورة التي سيعمل من أجلها نتانياهو والمتطرفون الإسرائيليون بممارسة العمل الإرهابي بما سمي ب العقوبة الجماعية باستعمال وسائل غير متكافئة ومتوازنة وهي الحرب على المدنيين الفلسطينيين، الذين لم يكن لديهم إلا الحجر للدفاع عن أنفسهم. وكل ما تقوم به إسرائيل في غزة ما هو إلا إجرام ضد أطفال عزل مدنيين، ويعتبر كل هذا العدوان مفبرك يريد به نتانياهو كسر المقاومة الفلسطينية التي لا يتحمّل تصاعد قدراتها، ويخشى أن تكون المقاومة أقوى مما كانت عليه لمحاربة الاستعمار الإسرائيلي، وقد كانت كل العمليات الإسرائيلية العسكرية على غزة من خلال عدة مبررات خاصة أنها تزامنت مع المصالحة بين فتح وحماس التي تقلق كثيرا الحكومة الصهيونية، التي يتحكم فيها العديد من المتطرفين الذين يوجّهون قرارات نتانياهو لتغطية المشاكل الداخلية خاصة بعد التهديد الذي قدّمه وزير الخارجية الإسرائيلي بانسحابه من التشكيلة الحكومية مما سيخلّف أزمة ما هي إلا لعبة سياسية للضغط على الرأي العام الإسرائيلي. وهذا العدوان ضغط آخر على مبادرة جون كيري لبعث المفاوضات الإسرائيلية -الفلسطينية لتؤجل من جديد، ليربح الوقت لمواصلة تهويد القدس والضفة الغربية، حتى تتمكّن إسرائيل من مواصلة إقامة المستوطنات التي يتفاقم عددها مثل الفطريات، وفي ظل كل هذه العملية الصهيونية الخبيثة والعدوان، نلاحظ صمت المجموعة الدولية والمنظمات غير الحكومية التي هي في صمت رهيب، ونتمنى أن لا تكون أوروبا مع الموقف المخذل الفرنسي حينما يقول أنه متضامن مع إسرائيل في مساعيها العدوانية ضد الفلسطينيين بالحرب ضد غزة، وأنها دفاع عن النفس ضد الإرهاب ويعرف هولاند أنها حرب غير متكافية بين الشعبين، وأن ما يسميه إرهابا ما هو إلا مقاومة ضد الاستعمار الإسرائيلي لتحرير فلسطين، وأن هذه الحرب ما هي إلا ضغط على الفلسطينيين والمجتمع الدولي لفرض دولة يهودية وهذا من شأن داخلي في تسمية دولة إسرائيل، ويعرف أن تسمية الدولة اليهودية يريد بها بعث نكبة جديدة تمس الفلسطينيين الذين لديهم الجنسية الإسرائيلية، ليكون لهم الإختيار بين الجنسية اليهودية بدون أن يكونوا يهودا والقانون الأخير للجنسية الإسرائيلية يحضّر لذلك وكل الحرب التي يقوم بها نتانياهو مفروضة عليه لكي يحتفظ بالتشكيلة الحالية للحكومة، وأن يبقى على رأسها نتانياهو الذي يجد نفسه مهدّدا بشخصية ليبرمان الذي يلقى من الإسرائيليين المتطرفين تأييدا كبيرا. والفضيحة الأخرى التي تمارسها أمريكا، التي تقود مفاوضات السلام، أنها تعرض وساطتها بين الطرفين عوض أن تصرح تجاه الطرفين لإيقاف الحرب وتهدئة الوضع في المنطقة، وكل ما تقوم به إسرائيل تحت غطاء مقاومة الإرهاب ولم تقل بأنها تستعمل الإرهاب الدولي في المنطقة وتخاف من السلم مع جيرانها، لأنه يخلّف نوعا من الفشل الداخلي بسبب استقالة الإسرائيليين من الخدمة العسكرية، وإسرائيل تظن أنها لا يمكن أن تعيش في المنطقة إلا بالتجنيد المستمر الذي تعب منه الشبان الإسرائيليون والتصعيد الحالي للعنف بالحرب على غزة وعدة عمليات للمواطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين بعمليات القتل والحرق، تعطي نظرة لما وصل إليه الوضع في المنطقة، وهذا ما يحضّر لانتفاضة فلسطينية تدفع بإسرائيل لمضاعفة حربها على غزة، تكون حرب إبادة لأنها تريد الوصول للقضاء على الفلسطينيين وهذه الإنتفاضة السلمية يريدها الفلسطينيون قوة رفض لما يمارس ضدهم، يخافها الجميع بما فيهم نتانياهو وأمريكا وأوروبا والمجموعة الدولية مسؤولة عن تصعيد العنف في المنطقة. كل هذه التطورات تفرض على العرب أن يكون لديهم موقفا ثوريا داعما لفلسطين وحتى حكومة نتانياهو تخشى أن يسير الوضع للعنف الداخلي الذي يهدّد حكومته والإسرائيليون ومسؤولوهم يخشون أن تنفلت من أيدهم الأمور، لأن المتطرفون يستغلون الوضع لفائدتهم وهذا ما يظهر حقيقة لبرلمان صرح بانفصاله عن التشكيلة الحكومية لأنه يريد الاستفادة من الوضع الحالي، وهذا الخطر لا يستثني حتى السلطة الفلسطينية المتهمة بالتواطؤ ويهدّد حكومة الوفاق وهذا ما تريده الحكومة الإسرائيلية لكسر ما جاءت به المصالحة الوطنية، لأنها تريد أمامها سلطة فلسطينية ضعيفة للفوز بالمفاوضات. إذا استمرت هذه الحرب ضد غزة، فعلى المقاومة الفلسطينية، بكل قواها وفصائلها، أن تكسّر مرة أخرى أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يُهزم، حتى تعرف إسرائيل أن ما عليها إلا التفاوض مع الفلسطينيين والعرب عموما، من أجل السلم في المنطقة وإرهاب الدولة لا مكان له من الآن فصاعدا.