أسفرت نتائج الانتخابات الإسرائيلية عن صعود الأحزاب اليمينة في إسرائيل وتراجع لحزب العمل الإسرائيلي الذي يعتبر من الأحزاب المؤسسة '' للدولة العبرية ''، ورغم حصول حزب الوسط كاديما الذي كان يتوقع أن يحل ثانيا بعد حزب الليكود على اكبر عدد من المقاعد، لكن مجمل الأحزاب اليمينية حصدت أكثر من نصف مقاعد الكنيست الإسرائيلي ، ورغم ان الرئيس الإسرائيلي سيكلف زعيم أقوى الأحزاب في الكنيست بتشكيل الحكومة المقبلة، تسيبي ليفني، لكن تبقى حظوظها في تشكيل ائتلاف حكومي اقل بكثير من فرص زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو. والمتابع للحياة السياسية الإسرائيلية يعرف أن النظام الانتخابي صمم من أجل الحيلولة دون تعرض الحكومات المختلفة لأية ضغوطات بشأن إعادة الحقوق الفلسطينية والعربية المغتصبة ، فمعروف أن هذا النظام يقوم على أساس تمثيل الأحزاب الصغيرة وهى بالأساس دينية متطرفة بالبرلمان ولذا ما أن تتعرض أية حكومة لضغوط خارجية بشأن الصراع العربي الإسرائيلي إلا وتنسحب تلك الأحزاب وتسقط الحكومة وتهرب إسرائيل من أية التزامات، يشار إلى أن النتائج النهائية أوضحت فوز حزب كاديما ب 28 مقعدا مقابل 27 مقعدا لحزب ليكود في الكنيست المؤلف من 120 مقعدا. والحزب اليميني المتطرف إسرائيل بيتنا على 15 مقعدا، أما حزب العمل فقد حصل على 13 مقعدا والحزب الديني المتشدد شاس على 11 مقعدا، وقد مني حزب العمل بزعامة إيهود باراك بخسارة كبرى، فتراجع تمثيله إلى 13 مقعدا في الكنيست وهو أدنى تمثيل في تاريخ الحزب المؤسس لدولة إسرائيل، و يجب أن يتخذ الرئيس شيمون بيريز قرارا بخصوص تكليف أي من ليفني أو نتنياهو بمحاولة تشكيل حكومة ائتلافية، وسيكون أمام من يكلف بتشكيل الحكومة مهلة 42 يوما لتشكيلها. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن بيريز لن يجد خيارا أمامه سوى توجيه الدعوة لنتنياهو، إذا ساندت كل الأحزاب اليمينية الزعيم اليميني. المشهد الإسرائيلي بعد الكشف عن النتائج.. ''العمل'' يدفع لحكومة وحدة أو يمينية تقلصت سيناريوهات تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى سيناريوهين اثنين بعد أن أعلن حزب العمل اليساري بزعامة إيهود باراك عزمه البقاء في المعارضة، ويرى معلقون في الصحف الإسرائيلية أن السيناريو الأول يقوم على تشكيل حكومة يمينية بزعامة زعيم الليكود بنيامين نتنياهو صاحب27 مقعدا تضم إلى جانب حزبه كلا من ''إسرائيل بيتنا'' (15 مقعدا)، و''شاس'' الأرثوذكسي الذي يمثل اليهود الشرقيين (11 مقعدا)، و''يهدوت هتوراة''، الذي يمثل اليهود الأرثوذكس الغربيين، وحزبي ''البيت اليهودي'' و''الاتحاد الوطني'' اللذين يمثلان أقصى اليمين المتطرف. وبرغم أن نتنياهو لا يفضل تشكيل مثل هذه الحكومة باعتبار أنها قد تدفع للصدام بينه وبين الإدارة الأمريكيةالجديدة، إلا أن ضغوطا تمارس عليه من قبل الكثير من قادة حزبه تحثه على تشكيل هذه الحكومة على اعتبار أن هذا تعبير عن ''احترام إرادة الناخب'' الذي صوت لليمين، بحسب المعلقين. أما السيناريو الثاني المتوقع، فيقول أمنون أبراموفيتش كبير المعلقين بالقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إنه متأكد من أن الحكومة القادمة ستضم كلا من الليكود وإسرائيل بيتنا وكاديما (28 مقعدا) بزعامة تسيبي ليفني، وتابع قائلا: ''ما زال نتنياهو يذكر جيدا الجحيم الذي ذاقه من ممارسات أحزاب وحركات اليمين المتطرف بشقيه العلماني والديني عندما شكل حكومته الأولى في عام ,1996 حيث حولوه إلى أضحوكة بكل ما تعني هذه الكلمة''.. وانضم رفيف دروكير المعلق السياسي الإسرائيلي بالقناة العاشرة إلى توقعات أبراموفيتش قائلا: ''على الرغم من ادعاء ليفني أنها المؤهلة لتشكيل الحكومة الجديدة كونها تتزعم الحزب الأكبر في الكنيست، فإنها باتت تدرك أنه لا سبيل أمامها إلا الموافقة على تشكيل حكومة بزعامة نتنياهو، على أن يحصل حزبها على حقيببتين كبيرتين، وهما الدفاع لشاؤول موفاز والخارجية لها''. ومع إعلان حزب العمل بقاءه في المعارضة، بات ''أفيجدور ليبرمان'' زعيم حزب ''إسرائيل بيتنا''، الذي احتل المرتبة الثالثة في نتائج الانتخابات من سيحدد شكل الحكومة الائتلافية المقبلة. وبهذه المرتبة صار ''إسرائيل بيتنا'' الأكثر تحكما في الحزبين الكبيرين (كاديما والليكود) اللذين تدور بينهما المنافسة لتشكيل حكومة جديدة؛ إذ إن انضمام حزب ليبرمان لأي منهما يعني توفير أغلبية مريحة لتشكيل حكومة.، كما أن توصية ليبرمان التي يقدمها للرئيس الإسرائيلي لترشيح شخصية لرئاسة الوزراء ستكون هي ''طبة الميزان'' التي ترجح كفة أحد الحزبين. في هذا السياق استهل نتنياهو هو الآخر مشاورته الحزبية بلقاء عاجل في مكتبه بالقدسالغربية مع ليبرمان، تضمن عرضا بتولي ليبرمان حقيبة المالية في حكومة يرأسها نتنياهو، بحسب صحيفة ''هاآرتس'' الإسرائيلية، وعلى ضوء النتائج السابقة ، فإن إسرائيل تكون أمام عدة خيارات إما تشكيل حكومة من اليسار بزعامة ليفني أي تضم كاديما والعمل وميريتس والأحزاب العربية أو تشكيل حكومة من اليمين برئاسة نتنياهو وتضم كلا من الليكود وإسرائيل بيتنا وحزب شاس ، وفي كلتا الحالتين فإن أي من الحكومتين لن تسطيع أن تصل للنسبة المطلوبة وهى 61 مقعدا ، أي أنه يستحيل تشكيل حكومة من اليسار دون استقطاب أحزاب من اليمين والعكس . الأحزاب الكبرى أسيرة للأصغر شهدت الساحة الحزبية الإسرائيلية تراجعا في قوة الحزبين الكبيرين العمل والليكود؛ فحصل الليكود مثلا في الانتخابات الماضية على 12 مقعدا وأصبح الحزب الرابع في الساحة، ثم حصل حزب العمل في الانتخابات الراهنة على 13 مقعدا، احتل بها أيضا المرتبة الرابعة على الساحة السياسية الإسرائيلية، وهو الأمر الذي أدى إلى تقدم أحزاب أخرى صغيرة، حتى أن حزب المتقاعدين الذي خاض الانتخابات الماضية لأول مرة حصل على 7 مقاعد، ومن ثم بدأت الساحة تعاني من تشتت المقاعد بين العديد من الأحزاب، الأمر الذي جعل الأحزاب الكبيرة أسيرة دائما عند تشكيل الحكومة للأحزاب الصغيرة.، وفي الواقع فإن الانتخابات الراهنة لا تشذ عن القانون العام الذي بات يحكم الانتخابات الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، سواء لكونها انتخابات مبكرة، أو سواء في جانب توقع قصر عمر الحكومة المقبلة، و أيضا بسبب بعض المفاجآت التي تحملها نتائج هذه الانتخابات. الدم الفلسطيني وقود المعارك الانتخابية لقد جاء استعداد الأحزاب الإسرائيلية لهذه الانتخابات المبكرة على وقع مذبحة غزة الأخيرة، حيث أصبح من بديهيات الحملات الانتخابية الإسرائيلية ارتباطها بعدوان على أي من أطراف التماس مع إسرائيل سواء في فلسطينالمحتلة أو الجنوب اللبناني، أو حتى تنفيذ عمليات اغتيال لقيادات المقاومة الفلسطينية كأضعف الإيمان، وذلك لشراء ولاء الناخب الإسرائيلي الذي لا ينتشي إلا برؤية الدم العربي مُهْراقًا على عتبات الديمقراطية الإسرائيلية المزعومة، فيصوت لأكثر قادته المجرمين شراسة في قتل المدنيين العزل، كما يصوت أيضًا لأكثر اللاعبين السياسيين عدوانية وكراهية للفلسطينيين خاصة والعرب بشكل عام، لذلك لم يكن مستغربًا أن تتجه نتائج استطلاعات الرأي العام الإسرائيلي لصالح أحزاب اليمين واليمين المتطرف، حيث تقدم زعيم حزب الليكود اليميني بنيامين نتنياهو على كل من زعيمة كاديما تسيبي ليفني التي تمثل يمين الوسط وزعيم حزب العمل إيهود باراك الذي يمثل اليسار، وعليه حصل الائتلاف الذي يقوده حزب الليكود على أزيد من 65 مقعدًا من جملة مقاعد الكنيست البالغ عددها 120مقعدًا. نظام انتخابي معقد هدفه منع تقديم أية تنازلات في الصراع العربي الإسرائيلي إذا لم يتمكن يكلف بيريز ، في تشكيل ائتلاف ، فإنه يدعو إلى إجراء انتخابات جديدة. وهكذا يتضح أن عملية تشكيل ائتلاف ستكون صعبة جدا وعلى الحزب الفائز التفاهم مع العديد من الأحزاب التي تطالب بحقائب وزارية في الحكومة الجديدة، كل طبقا لأجندته ، وكان هذا سببا لعدم استقرار معظم الحكومات الإسرائيلية حيث لم تتمكن سوى ستة برلمانات من إكمال مدتها القانونية وهي أربع سنوات ، وخلال السنوات ال13 الماضية وحدها، تمت الدعوة إلى إجراء انتخابات ست مرات بعد سحب أحزاب صغيرة تأييدها للحكومة. ويبدو أن هذا النظام الانتخابي كان مرسوما بدقة من قبل مؤسسي إسرائيل لمنعها من تقديم أية تنازلات في الصراع العربي الإسرائيلي ، فما أن تتعرض أية حكومة لضغوط دولية إلا وتنسحب أحزاب صغيرة وتسقط الحكومة لرفع الحرج عن إسرائيل وهذا هو تحديدا الفخ الذي وضعه الكيان الصهيوني في وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أكد أكثر من مرة حرصه على الإسراع بتنفيذ حل الدولتين . ففوز ليفني وليس نتنياهو كان رسالة لأمريكا أكثر منها للداخل أن إسرائيل لن تأتي بحكومة يمينية متطرفة لا تتناسب مع سياسات أوباما الذي يبدو أكثر اعتدالا من سلفه جورج بوش ، وفي نفس الوقت فإن إسرائيل ضمنت في حقيقة الأمر أنها لن تقدم تنازلات تذكر في أية مفاوضات مستقبلية بشأن الصراع العربي الإسرائيلي ، لأنه حتى لو تشكلت حكومة برئاسة ليفني فإنها ستضم اليمين المتطرف أو نتنياهو وهو معروف عنه أنه يرفض إقامة دولة فلسطينية ويرفض حل الدولتين ويزعم ليل نهار أنه لا يوجد ما أسماه شريك فلسطيني كما يعارض إخلاء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربيةالمحتلة وأي تقاسم لمدينة القدس . ويبدو أن الدول العربية التي توصف بالاعتدال وكانت تعول على أوباما وحزب كاديما الذي يتبنى حل الدولتين بدأت تشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء تحقيق السلام ، فأية مفاوضات في ظل حكومة تضم نتنياهو أو اليمين المتطرف لن تحقق أية نتائج تذكر ، وهكذا فإن القضية الفلسطينية كتب عليها أن تدور في حلقة مفرغة ما بين انتهاء انتخابات وبداية انتخابات أخرى سواء كان ذلك في إسرائيل أو أمريكا. بنيامين نتنياهو ..ومرتكزات فوز اليمين يستند اليمين الإسرائيلي وعلى رأسه بنيامين نتنياهو زعيم الليكود على ثلاثة من المرتكزات الرئيسية التي قد تؤدي به إلى سدة الحكم في إسرائيل على رأس ائتلاف من الأحزاب المتحالفة معه، وخاصة حزب إسرائيل بيتنا بزعامة اليميني المتطرف أفيجدور ليبرمان، أولها: تنامي تهديدات حماس وهجماتها الصاروخية على المدن الإسرائيلية منذ الانسحاب الإسرائيلي من غزة عام ,2005 والتي تصاعدت بشكل حاد منذ النصر الانتخابي الذي حققته حماس في عام ,2006 ولم يستطع الجيش الإسرائيلي القضاء على بنيتها العسكرية بشكل حاسم بعد ثلاثة أسابيع من الحرب المدمرة على قطاع غزة، الأمر الذي يدفع الرأي العام الإسرائيلي باتجاه المطالبة بمزيد من التشدد مع الفلسطينيين، ومن ثم يصبح نتنياهو هو الخيار الأمثل للإسرائيليين لقيادة البلاد في المرحلة القادمة. وثانيها: الحاجة إلى إعادة ترميم استراتيجية الردع التي كانت تتميز بها إسرائيل في صراعها مع العرب طوال العقود الماضية، والتي تضررت كثيرًا بعد حربي لبنان 2006 وغزة ,2009 حيث لم تتمكن الآلة العسكرية المتطورة لإسرائيل من حسم المعركة بشكل مرضي مع حزب الله وحركة حماس، لذا فإن اختيار نتنياهو يكون الخيار الأمثل للناخبين في ظل ما هو معروف عنه من تشدد فيما يتعلق بالتعاطي مع قضايا الصراع من العرب والفلسطينيين. وثالثها: الركود العالمي الذي يقترب كثيرًا من إسرائيل جراء الأزمة الطاحنة التي يعانيها الاقتصاد العالمي منذ شهور، وهي النقطة التي أثارها وحذر منها محافظ البنك المركزي الإسرائيلي ستانلي فيشر حيث يقدم نتنياهو نفسه كخبير في الشؤون الاقتصادية باعتباره شغل منصب وزير المالية خلال الفترة من 2003 إلى ,2005 بالتالي فهو أفضل من يستطيع يقود البلاد في تلك المرحلة الصعبة من تاريخ الرأسمالية العالمية. ليفني.. الوجة الجديد ومرتكزات الفوز وإذا ترتكز زعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني في استراتيجيتها التي مكنتها من كسب ثقة الناخبين على ثلاثة أمور، فهي أولا: تتمتع - لدى الإسرائيليين - بالنزاهة والشفافية، ومن ثم فقد حظيت بدعم حزبها كاديما لقيادته بعد سلسلة الهزات التي أصابت الحزب جراء اتهام زعيمه السابق إيهود أولمرت بالفساد ما دفعه إلى الاستقالة من زعامة الحزب ومن ثم الحكومة في وقت بالغ الدقة والصعوبة على مستقبل الحزب وطموحه السياسي. وثانيًا: أنها تعتبر نتنياهو أوراقًا محروقة لدى الناخبين باعتبارهما قد سبق لهما الفوز برئاسة الوزراء من قبل دون أن يقدما شيئًا لأمن إسرائيل، ومن ثم فلم لا يجرب الناخبون وجهًا جديدًا لقيادة البلاد في هذه المرحلة الدقيقة. وثالثًا: قدرتها على اتخاذ ما تراه مناسبًا من قرارات لأمن إسرائيل في الوقت المناسب، دون الحاجة إلى شعارات نتنياهو المتشددة وتصريحات باراك المترددة، وهذا ما اتضح جليًا أثناء قيادة دبلوماسية بلادها في حرب غزة ، الأمر الذي يؤكد قدرتها على اتخاذ القرار في الأوقات الصعبة. ليفني أم نتنياهو ..أحلاهما مر للقضية الفلسطينية ليس جديدا أن تثار مع كل انتخابات للكنيست الإسرائيلي أسئلة كبرى دائما ما تتعلق بالقيادة الإسرائيلية، وكيفية مواجهة التحديات المختلفة التي تواجهها الدولة العبرية منذ قيامها على أرض فلسطين منذ ستين عاما، ومصير التسوية السلمية مع الفلسطينيين منذ مؤتمر مدريد للسلام في عام ,1991 وانعكاسات تغير الائتلافات الحكومية الإسرائيلية على عرب الداخل. وليس جديدا بالمثل ملاحظة تحول المجتمع الإسرائيلي عن اليسار وميله بشدة إلى اليمين، وخاصة منذ صعود أريل شارون للسلطة في عام 2001 وحتى أواخر عام ,2005 ليكون آخر الشخصيات الكارزمية ''العنصرية'' لدى الإسرائيليين. لكن الجديد في هذه الانتخابات أنها تأتي أولا بعد حرب دموية ضد قطاع غزة صعد على أنقاضها اليمين أكثر فأكثر ليمثل الرقم الأساسي في أي ائتلاف سوف يتشكل بعد نتيجة هذه الانتخابات. وثانيا: لأن هذه الانتخابات أكثر من سابقاتها شهدت أزمة قيادة حقيقية في إسرائيل إلى حد أن الناخب يتقلب سريعا بين هذا وذاك دون أسباب واضحة، كما أنها شهدت مزيدا من تشرذم الصوت العربي ومزيدا من تعمق الخلاف داخل الحركة الإسلامية بين عرب .48 وثالثا: لأن هذه الانتخابات تأتي بعد تولي الديمقراطي ''باراك أوباما'' رئاسة الولاياتالمتحدة، وهو الذي يؤمن بأن أمن إسرائيل لن يتحقق إلا من خلال التوصل لاتفاقات سلام مع العرب، وبالتالي نظل بانتظار من هو رئيس الوزراء الجديد. ورابعا: لأن ثمة تحديا جوهريا يمس كيان الدولة العبرية، من وجهة نظر كل من ينافسون على منصب رئاسة الوزراء، وهو الخطر النووي الإيراني، والذي سيعالج غالبا من خلال الائتلاف الجديد الذي سيتشكل بعد هذه الانتخابات. وليس آخرا، فإن السياق الإقليمي الذي برز جليا خلال العدوان الأخير على غزة إنما يضيف أهمية استثنائية لهذه الانتخابات الإسرائيلية، والتي سوف تلقي بظلالها على مختلف القضايا الإقليمية في المنطقة، سواء ما يتعلق منها بشكل العلاقة بين حماس وإسرائيل، أو استمرار التفاوض مع السلطة الفلسطينية من عدمه، أو ما يرتبط بكيفية التعاطي مع الملفين الإيراني والسوري، وحتى مع تركيا التي توترت علاقاتها مع إسرائيل مؤخرا بسبب مواقف تركيا من العدوان على غزة. وهنا يتساءل البعض ما تأثير فوز هذا الطرف أو ذاك في الانتخابات الإسرائيلية وأيهم أفضل للعرب والفلسطينيين؟ وذلك باعتبار أن العرب قد فقدوا القدرة على لعب أي دور فاعل على الصعيد العالمي حتى فيما يتعلق بقضاياهم المحورية وأمنهم القومي.. للإجابة على هذا التساؤل لا بد من التذكير بأن الحرص على معرفة هوية الحزب الفائز في الانتخابات أو السياسي الذي سيشكل الحكومة الجديدة في إسرائيل قد يكون مفيدًا للإسرائيليين أنفسهم، بناء على معطيات واقعهم ومشاكلهم الداخلية من قبيل موقف هذا المرشح أو ذاك من قضايا مثل الضمان الصحي والبيئة ودور النقابات وتوزيع الثروة ومعضلة الأمن والقضايا الاقتصادية. لكن هذا لا يهم ولا يعني الفلسطينيين أو العرب لأن كل الأحزاب التي تعاقبت على الحكم في إسرائيل من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار كان همها خدمة الفكر الاستعماري العنصري الاستيطاني وحماية أمن كيانهم الغاصب، فلا فارق إذن بين نتنياهو اليميني وباراك اليساري وليفنى الوسط، فكلهم فيما يتعلق بالعرب والفلسطينيين مجرمون وإرهابيون وقتلة أطفال، وكلهم يعتنقون مبادئ الصهيونية التي تؤكد على أن من يعتقد بأن التفاهم مع الفلسطينيين شرط من شروط المشروع الصهيوني، عليه أن يتخلى عن الصهيونية، فالاستعمار الصهيوني إلا يتحقق إلا رغمًا عن إرادتهم، وهذا الاستعمار لن يستمر ولن يتطور إلا بالقوة، ومن خلال جدار حديدي لا يستطيع الفلسطينيون اختراقه.