عرفت مراكز وجمعيات محو الأمية في السنوات الأخيرة إقبالا كبيرا من قبل العديد من المواطنين الباحثين عن العلم، حيث وجد الكثير منهم في هذه الفضاءات التي افتتحت خصيصا من أجلهم منفذا لهم للهروب من شبح الجهل. فزيادة على مدارس محو الأمية التي أنشأتها الدولة لتقليص عدد الأميين في المجتمع والتي تحتوي على معلمين أكفاء، أسّست بموازاتها العديد من الجمعيات الخيرية خصيصا من أجل تعليم الكبار او حتى الشباب ممن لم تسمح لهم الظروف للتعلم، أين عرفت إقبال العديد من المتطوعين وذلك بافتتاح أقسام خاصة بمحو الأمية وتعليم كيفية قراءة وكتابة اللغة العربية، وقد تمكّنت هذه المدارس والجمعيات وحتى المساجد بفضل المجهودات المبذولة من تحقيق أحلام الكثيرين الذين كانت أمنية حياتهم تعلم القراءة والكتابة، فهناك نماذج لا حصر لها ممن كانوا لا يستطيعون حتى كتابة أسمائهم، لكن بفضل حب العلم والإرادة تمكّنوا من تحقيق نتائج مبهرة مكّنت أغلبيتهم من الحصول على شهادة التعليم الابتدائي ومنهم من أراد ان يكمل مشواره الدراسي، فالكثير من المقبلين على مركز محو الأمية وخاصة كبار السن تتمثل أول مطالبهم وأبرز أمنياتهم في التمكّن من قراءة المصحف الشريف، وتعتبر النساء من أكثر الفئات إقبالا على أقسام محو الأموية مقارنة بالرجال الذين يعزف أغلبيتهم على الالتحاق بها. تعلم الكبار خطوة للقضاء على الأمية وللتعرف أكثر على دور هذه المدارس والجمعيات في القضاء على الجهل وطريقة عملها، حدثتنا سميرة، مدرسة في مجال محو الأمية بدار الشباب ببلدية باش جراح عن تجربتها في هذا الميدان، حيث تقول ان هدفهم وحلمهم هو القضاء على الأمية وبصفة نهائية عبر كامل ربوع الوطن، اما عن علاقتها بطلابها، فتضيف المتحدثة ان علاقتها بهم مبنية على أساس الاحترام، وتقول سميرة بما ان أغلبية المتمدرسين هم من كبار السن، فهي تعاملهم معاملة خاصة بسبب عدم الاستيعاب السريع لأغلبيتهم، لتضيف محدثتنا ان العدد الأكبر من طلاب محو الأمية السبب وراء إقبالهم على هذه الأقسام هو تعلم قراءة القرآن الكريم وكذا المطالعة والتمكّن من قراءة اللافتات. وعن اهم العراقيل التي تصادفها في التعامل مع طلاب محو الأمية، تقول سميرة ان الخجل وبطئ الاستيعاب هي من أكثر الصعاب التي تواجهها أثناء تدريسها، لتضيف ان أغلبية من تدرسهم هم من كبار السن الذين منعتهم الظروف القاسية من التعلم، مع وجود بعض الحالات الخاصة لبعض الشابات اللواتي لم يسعفهن الحظ للتعلم. مسعودة ودليلة.. نماذج كسرت قيود الجهل بإرادتهن في التعلم ومن بين النماذج التي استطاعت بفضل إرادتها الكبيرة كسر قيود الجهل، حدثتنا مسعودة البالغة من العمر 65 سنة عن قصتها مع الجهل وكيف استطاعت التخلص منه عن طريق الالتحاق بأحد مراكز محو الأمية، والتي لعبت فيها إرادتها وتشجيع أولادها لها دورا كبيرا في تمكينها من تعلم القراءة والكتابة في سن متقدمة، حيث تقول أنها ولدت أثناء الفترة الاستعمارية حين كان التعليم يقتصر على الفرنسيين او الطبقة الغنية آنذاك، فلم تتمكن من مزاولة الدراسة، وتضيف ان حلم التعلم كان يراودها منذ صغرها ما جعلها بعد زواجها وإنجابها تحث أبناءها على الدراسة وطلب العلم وتحرص على تفوقهم الدائم بمداسهم حتى تخرجهم من الجامعة، وتقول مسعودة تمنيت ان أتقن القراءة والكتابة ، كما أنها كانت تود دائما التعلم لكن كثرة انشغالاتها واهتمامها بشؤون المنزل وأبنائها لم تسمح لها لفعل ذلك لكن حين خفت المسؤولية عنها، اغتنمت الفرصة للتعلم خاصة مع فتح المجال للجميع من اجل التعلم عن طريق الجمعيات او بالمدارس وحتى بالمساجد، لتقرر مسعودة مزاولة الدراسة لتحقيق حلمها في القراءة وكما تقول بفضل المجهودات الجبّارة للمعلمة، تمكّنت مع الكثيرات من تعلم الحروف أولا ثم الكتابة، فالقراءة وبعدها درست حتى وصلت الى مرحلة اجتياز امتحان شهادة التعليم الابتدائي ، وتتمكّن من النجاح فيها بتقدير جيّد وتسلمت خلالها عدة جوائز، إذ تقول أنها فضّلت الاكتفاء بما درست خاصة بعدما أصبحت تتمكّن من قراءة المصحف الشريف بطلاقة وكذا قراءة الجرائد. وفي قصة مؤثرة أخرى لكن هذه المرة لفتاة شابة لم تتعد الخمسة والثلاثين سنة والتي منعتها الظروف القاسية التي كانت تعيشها في طفولتها من التمدرس مثل بقية الأطفال حينها حيث تقول دليلة، البالغة من العمر 34 سنة، أنها وعائلتها كانوا يقطنون بقرية نائية وكانت وقتها المدرسة تبعد مسافة كبيرة عن منزلها ما جعل والديها خوفا عليها يحرمانها من الدراسة، وتقول دليلة أنها كثيرا ما كانت تقع في مواقف محرجة خاصة حين يصعب عليها قراءة بعض الأوراق، ما جعلها تقرر الالتحاق بجمعية محو الأمية والتي وجدت فيها الدعم والتشجيع الكبيرين، إذ بذلت مجهودات مضاعفة من اجل ان تتحصل على علامات ممتازة، فتمكّنت من الحصول على شهادة التعليم الابتدائي وبإرادة كبيرة تقول دليلة أنها ستواصل الدراسة حتى تتمكّن من الوصول الى القسم النهائي واجتياز امتحان شهادة البكالوريا، فحلمها الحصول على شهادة البكالوريا، ودخول الجامعة. أزيد من 20 ألف من ذوي الاحتياجات للمساهمة في محو الأمية في إطار الجهود المبذولة من قبل مؤسسات الدولة للقضاء على محو الأمية لدى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، سيتم التركيز هذا العام على تكوين المكفوفين والصم البكم حيث تم فتح باب التسجيل لاستيعاب أزيد من 20 ألف دارس يؤطرهم 650 معلم. للإشارة، فإن عمر الإستراتيجية الوطنية لمحو الأمية وتعليم الكبار بالجزائر فاق أزيد من 7 سنوات أثمرت بقطع خطوات في حل إشكالية القراءة والكتابة بالاستثمار في التعلم، إذ تراجعت بوهران من 22 بالمائة الى 10 بالمائة في بضع سنين.