يعتبر الكشف عن الماضي الحضاري لبلدان المغرب العربي عموما والجزائر خصوصا، مساهمة جادة في إحياء تراثها خاصة في هذه الآونة التي تشهد اندثار العديد من الصناعات والحرف التقليدية. وتعد صناعة الزربية من بين الصناعات التقليدية التي تقاوم من أجل البقاء، ما جعلها تصنّف كإحدى الموروثات الوطنية التي يحتفل بها كل سنة. فرغم ظهور الزربية الحديثة بأشكالها وألوانها المختلفة والمنافسة الشديدة التي فرضتها هذه الأخيرة، إلا أنها لم تستطع أن تمحو الذاكرة الشعبية، فعشاق التراث والتقاليد لا زالوا يبحثون عن الصنعة الجزائرية الخالصة وعن الزربية المصنوعة من مواد طبيعية لتزيين صالوناتهم التقليدية. الزربية التقليدية.. أصالة وإبداع تعد صناعة الزريبة الضاربة بجذورها في الجزائر جزءا من التراث الوطني الثري وسمة له ودليلا على الأصالة والإبداع أيضا، وإن كانت الرسوم والألوان التي تميزها مختلفة من منطقة لأخرى، إلا أننا نجد لها ارتباطا وثيقا بالتراث كالحلي البربرية من أساور وأقراط وغيرها. وقد تعدت بعض الرسومات لحد الإشادة بالشخصيات التاريخية مثلما نراه في العديد من المناطق مثل الجلفة وغيرها من المناطق التي تهتم بهذه الصناعة التقليدية ونظرا لأهمية ومكانة هذه الصناعة في مجتمعنا، خصص لها عيد للاحتفال بها فمثلا في غرداية يحتفى بها في فصل الربيع بمهرجان كبير يتم من خلاله عرض نماذج لصناعة الزربية بحضور فرق فلكورية مما يكسب المهرجان نكهة خاصة. كما يحتفل بها كجزء من الصناعات التقليدية في اليوم الوطني للصناعة التقليدية في الجزائر يوم 09 نوفمبر من كل سنة. السجاد الميزابي.. دلالات اجتماعية وأبعاد إنسانية تحتل الزرابي التقليدية مكانة متميزة في المجتمع الجزائري، خاصة في المدن الداخلية حيث لم تستطع كل الموديلات الحديثة للزرابي من ثني عزيمة نساء تلك المناطق عن صنع ديكورات طبيعية لبيوتهن بأناملهن، ومن بين النساء المتميزات في هذه الصنعة، السيدة ب. ح من بلدية المنيعة والتي ترى أن الإهتمام بإخراج الزربية الجزائرية إلى العالم وتطويرها بما يتناسب ومختلف الأذواق، ساعد على انتشارها وإقبال السياح والفتيات المقبلات على الزواج على اقتنائها، وتضيف محدثتنا تعتبر الزربية التقليدية للمنطقة من بين أهم أنواع الزرابي انتشارا حيث تتميز بألوانها المميزة وأشكالها الهندسية الرائعة، كما أنها تعتمد بشكل كبير على المواد الطبيعية، فتستغل المرأة معرفتها واتصالها المميز بالطبيعة ، ولا تزال هواية وحرفة صناعة الزربية بمختلف أنواعها وأحجامها نقطة تشترك فيها أغلب الأسر الميزابية التي لا يخلو بيت منها من استعمال الزربية التقليدية لفرش غرفه وقاعات الاستقبال المختلفة. وقد ساهمت السياحة في المنطقة بشكل كبير في استمرار هذه الحرفة التي يقبل على اقتنائها السياح الأجانب، وتضيف محدتثنا ان الزربية الميزابية تحمل دلالات اجتماعية عميقة وأبعادا إنسانية معبّرة تعكس قيم المجتمع الميزابي المحافظ مثل الوحدة الأسرية. وألوان الزربية الميزابية يتم استخلاصها من الأعشاب الطبيعية مثل المسواك للبني والعود الأصفر للون الأصفر وحب الرمان لتثبيت الألوان وعشبة الفوة للون الأحمر القرميدي وحجر النيلة لاكتساب اللون الأزرق وحجر المغرة للحصول على اللون الأسود. ويستخدم السجاد الميزابي في تزيين غرف استقبال الضيوف والجدران، وهي ميزة البيوت الميزابية التي تتمسك بزينة السجاد، وبالنسبة للعروس تعادل الزربية الذهب والحلي من حيث القيمة، وقد ذاع صيت السجاد الميزابي عالميا وأصبح علامة تجارية مسجلة وعلامة فارقة في تاريخ الموروث الثقافي عند بني ميزاب.