تعيش مناطق الأقطاب السياحية الرئيسية الكبرى بتونس حاليا على وقع حملة ترويجية وتسويقية مكثفة لتظاهرة السجاد التونسي الأصيل المعروف ب (شهر الزربية والنسيج المحفوف) الذي حرص الديوان التونسي للصناعات التقليدية على تنظيمه استثنائيا هذا العام خلال شهر رمضان المبارك بدلا من شهر ديسمبر المقبل. وتشهد هذه الحملة الترويجية والتسويقية للزربية والنسيج المحفوف عموما والزربية القيروانية خصوصا والتي تستمر حتى يوم 10 سبتمبر المقبل مشاركة أكثر من 200 منتج وتاجر يعرضون منسوجات أصيلة ورفيعة الجودة بتخفيضيات تصل الى 35 في المائة. وتهدف الحملة إلى حث التونسيين في الداخل والخارج والسياح العرب والأجانب على شراء الزربية التونسية التقليدية الأصيلة الأكثر جمالا وأناقة للبيوت والمكاتب والمساجد بدلا من السجاد الاصطناعي سواء من النسيج أو الحلفاء الذي أصبح بأسعاره المنخفضة منافسا شديدا للزربية ويهدد بانقراض النسيج المحفوف التقليدي التونسي بأنواعه المختلفة. وتركز هذه التظاهرة على أربعة مراكز سياحية وعمرانية كبرى بالعاصمة تونس إضافة إلى المدن الكبرى نابل وجربة والقيروان التي تعد أيضا وبلا منازع عاصمة الزربية التقليدية بشمال إفريقيا. وإلى جانب الزربية التقليدية التي يتم نسجها بطريقة حرفية مزدوجة من (المرقوم والسدو) لاسيما في مناطق الوسط والساحل الشرقي تشمل هذه الحملة الترويجية والتسويقية الرمضانية والسياحية مختلف المنسوجات التقليدية الأخرى التي يتم صنعها تقليديا منذ القدم أيضا في المناطق الصحراوية بالجنوب التونسي ك (الكليم) و(المرقوم) و(القطيف) وغيرها من منتوجات النسيج التقليدي المحفوف من وبر الجمال والماعز وصوف الخرفان. ويطلق (الزربية) باللهجة العامية التونسية على السجاد التونسي الأصيل لاسيما في مدينة القيروان العربية الإسلامية التاريخية التي تقف شاهدة على أمجاد الحضارة العربية وعلى تطور العديد من المهن الحرفية وازدهار الصناعات التقليدية بما في ذلك صناعة (الزربية) وهي كلمة وردت في القران الكريم أيضا. وتشتهر القيروان بحياكة الزربية حيث تتفنن المرأة القيروانية بكل مهارة في نسج السجاد ب (الرقمة) و(دق الخلالة) يدويا لإنتاج السجاد القيرواني الذي يعد من أجود أنواع السجاد في العالم بعد ختمه بعلامة جودة يطلق عليها (الطابع). وللزربية مكانة خاصة لدى التونسيين على غرار الحلي والذهب حيث يتوارث الأبناء زرابي الآباء ولا يخلو جهاز فراش عروس من الزربية لاسيما القيروانية التي غالبا ما تكون أيضا سببا للتفاخر والتباهي ورمزا للثراء على غرار السجاد الفارسي في إيران والدول المجاورة. وما يزال السجاد القيرواني أفضل ما يفترشه الأعيان والأثرياء وكبار الفنانين كنموذج للزربية الأصيلة الراقية بزخاريفها وتشكيلات ألوانها الخاصة التي ولدتها مهارة الناسجة القيروانية وذوقها الرفيع والتي نقلتها إلى العديد من المناطق التونسية الأخرى حيث الفنون العربية الإسلامية هي التي ميزت الأشكال الفنية للزربية القيروانية خصوصا والتونسية عموما. ويتصدر السجاد القيرواني المقتنيات التذكارية التي يشتريها السائح الأجنبي ليحملها معه من تونس حيث أنه يجمع بين أصالة تونس وعراقة تاريخها وكذلك التونسي المغترب الذي غالبا ما يجد رائحة البلاد والعباد من الوطن الأم في زربية قيروانية يفترشها في غرفة استقباله ببلاد المهجر. ومن مميزات السجاد القيرواني الأصيل أن زخرفه منظم داخل شكل يتكون من ستة أضلاع تحيط به أطر من الشرائط ويوحي بانتمائه إلى أسلوب الزرابي الشرقية كسجاد الأناضول بتركيا وكذلك أشكال (المرقوم) و(السدو) و(القطيف) الذي أصبح يفرش في المنازل الحديثة أيضا ولم يعد يقتصر على الخيام وبيوت الشعر في المناطق الصحراوية.