تشهد العديد من الأحياء على مستوى العاصمة انتشار بعض التجار المتجولين بالأحياء والمختصين في جمع التحف والأثاث القديم، فتجدهم يتجولون عبر الأحياء مرددين عبارة قش للبيع وهم يحرصون من خلال هذا العمل على جمع أكبر عدد ممكن من الأثاث القديم بثمن منخفض، ليعاد بيعه بمبلغ مرتفع بعد إعادة صيانته. رغم أن هذه المهنة قديمة، إلا أن بعض التجار فضّلوا إكمال مشوار أجدادهم، فمنهم من توارثها أبا عن جد، فيما وجد منها آخرون مهنة تجلب لهم ربحا معتبرا، وقد انتشرت المحلات المختصة في بيع الأثاث القديم في بعض الأحياء الشعبية كحي الرويسو الشعبي الذي يستقطب فئات اجتماعية مختلفة تجذبها التحف النادرة الموجودة بهذا المكان الذي يضم عددا كبيرا منها باختلاف أنواعها وأشكالها وبأثمان في متناول الجميع، وهو ما لاحظته السياسي خلال جولتها الاستطلاعية. انتشار كبير لمحلات بيع الأثاث العتيق بالعاصمة تتوزع محلات بيع الأثاث القديم عبر العديد من الأحياء الجزائرية كشارع الشهيد ديدوش مراد وبساحة أودان وفي ممرات بقلب حي الرويسو التي تحاذي شارع محمد بلوزداد، من أكبر شوارع العاصمة، يجد الزبائن ضالتهم في شراء أثاث قديم وتحف نادرة من لوحات زيتية وخزائن وزراب وقطع أثرية جميلة متقنة الصنع تعود الى أكثر من قرن. وتتوزع هذه المحلات بين الأحياء الراقية وبين ممرات ليس من الصعب إيجادها وهي محلات بسيطة تكتنز أدوات تحكي سيرة عهد من الزمن لكل حكاية بطل ترك بصماته على تلك الأشياء. ورغم أن مدخل هذه المحلات التي احتلت حي الرويسو مثلا وبالضبط في مكان يسمى بوادي كنيس يبقى بسيطا للغاية، فإن الأشياء المعروضة فيه تجذب الزوار والزبائن على حد سواء بالنظر الى التنسيق في رص الأثاث والأضواء المستعملة فيها. ونحن نتجول بين هذه المحلات، لفت انتباهنا إقبال الشباب عليها خاصة المقبلين على الزواج وغير القادرين على تجهيز منازلهم، حيث تمكّنهم من الحصول على غرف نوم أو الأجهزة الكهرومنزلية صالحة للاستعمال وحتى الأثاث اللازم لإرضاء زوجاتهم، وقد فتحت هذه المحلات المجال لهؤلاء الشباب لاختيار ما يحتاجونه وبأسعار منخفضة، وهذا ما أكده لنا منير الذي قال: لم أتمكّن من شراء غرفة نوم جديدة أو تجهيز المطبخ بأجهزة كهرومنزلية، كوني من الفئات محدودة الدخل، وهذا ما جعلني ألجأ إلى هذا المكان للبحث عن أثاث قديم بوضعية جيّدة وبأسعار لا بأس بها . نوعيتها وسعرها ساهم في زيادة الإقبال عليها وبخصوص مصدر تلك التحف، صرح لنا أحد الباعة أن بعض العائلات تتخلى عن بعض التحف القديمة والنادرة التي احتفظت بها لسنوات طويلة دون إرادتها بعدما تحتاج إلى المال، وفي المقابل، يستغل بعض التجار المختصين في شراء الأثاث القديم تلك الحاجة الماسة للمال ليخفضوا من ثمنها رغم أنهم يعلمون، بحكم التجربة، أنها ذات قيمة أثرية كبيرة وهذا ما حدثنا عنه سمير، الذي قال: اضطرت للتخلي عن بعض التحف الأثرية القديمة التي كانت تخص أجدادي وتذكرني بماضي عائلتي بعدما احتجت للمال، وقد استغل أحد تجار الأثاث القديم الفرصة لشرائه بثمن منخفض، رغم علمهم بقيمته . ونحن نتجول بين هذه المحلات، تقربنا من بعض التجار، ليؤكد لنا محمد في هذا الصدد ان عدد الزبائن ارتفع في الأشهر الماضية الأخيرة بصورة ملحوظة، ليضيف إبراهيم، وهو صاحب محل لبيع الأثاث بالرويسو، ان محله عرف خلال الفترة الأخيرة إقبالا ملفتا من قبل العائلات وتزايد هذا في ظل عودة الكثير من العائلات واهتمامها بالتحف القديمة، ليضيف ان الخزائن وغرف النوم من أكثر قطع الأثاث شراء من طرف الزبائن، أما بالنسبة للأسعار المطروحة، فيقول محدثنا ان الأسعار تعتبر معقولة، وقد ساهمت نوعيتها وانخفاض أسعارها في زيادة الإقبال عليها.