يفترشون الأرض و يجعلون من الصعب سهلا هي يوميات عمال ورشات البناء يوميات لا تخلو من كد و المتاعب مقابل اجر زهيد من اجل تامين لقمة العيش و توفير متطلبات الحياة هم فئة لا تخلو ورشات البناء منهم و هو واقع يعيشه العديد من العمال خاصة الشباب في هذه الورشات والتي تستقطب عددا كبيرا من الشباب ممن جمعتهم ظروف واحدة هم كما يلقبهم البعض الزوافرة ما لاحظناه خلال جولتنا الاستطلاعية التي قادتنا الى بعض ورشات البناء و للتعرف أكثر على الواقع الذي يعيشه هؤلاء البناءون ارتأت السياسي التقرب من البعض منهم لنقل حقيقة الواقع الذي يعيشه الكثير من الشباب في ورشات الموت أمام جشع المقاولين . بناءون ضحية جشع المقاولين يرون معاناتهم و في خضم هذا الواقع الذي يعيشه العديد من الشباب وقفت السياسي على حالات كثيرة من التعسف الذي يعيشه العديد من الشباب خاصة القادمون من الولايات المجاورة أين لاحظنا ورشات بناء تشيع فيها العديد من الظواهر أين يستغل هؤلاء الشباب و على مدار الأسبوع بلا يوم راحة و بأجر يتراوح ما بين 20 ألف إلى 30 ألف دينار جزائري، ومنهم من يتقاضى أقل من ذلك بكثير، وخلال زيارتنا لإحدى ورشات البناء ببلدية الشراقة التقينا بالعشرات من الشباب منهمكين في العمل، أوضح لنا بعضهم أنهم يعملون من الثامنة صباحا إلى غاية الثامنة مساء، وأحيانا إلى التاسعة ليلا، مع حرمانهم من حقوق كثيرة منها الساعات الإضافية ومع انعدام عطلة الأسبوع . سيد احمد، عبد الرحمان ،عمي احمد و غيرها من الأسماء الكثيرة التي تعرفنا عليهم خلال جولتنا الاستطلاعية و التي قادتنا هذه المرة الى إحدى الورشات ببلدية دواودة بتيبازة أين التمسنا في وجوههم التعب و الإرهاق الشديدين إلا ان هذا لا يعيق عملهم الذي يتطلب الجهد و الصبر داخل ورشة البناء المتواجدة بدواودة . شد انتباهنا صغر سنه و بنيته القوية التي كانت سببا في تحمل الاعمال الشاقة العديدة التي يقوم بها متنقلا من مكان لأخر .سيد احمد 21 سنة من ولاية الأغواط هذا الأخير تنقل الى بلدية دواودة ليبحث عن قوته و يساعد أمه العاجزة على مصاريف العلاج و الدواء و أخواته الثلاث الماكثات بالبيت ظروف صعبة هي تلك التي رواها لنا سيد احمد و الذي لم يحالفه الحظ لمواصلة دراسته فوجد نفسه مسؤولا عن عائلته التي لا معين لها سواه في سن صغيرة كل هذه الوقائع التي يعيشها هؤلاء البناءون أمام جشع المقاولين جعلهم ينادون بصوت واحد لتحرك المسوؤلين و تشديد الرقابة على ورشات البناء يحدث هذا في ظل غياب أدنى حقوق العمال ألا وهو غياب التامين ظروف مزرية ... وانعدام الرقابة يهدد حياتهم ننام على الكرطون و نقتات الخبز و الحليب في كثير من الأحيان هي عبارة رددها العديد من عمال ورشات البناء وهو ما يعبر عن ظروف العمل اليومية المتواصلة والمليئة بالمتاعب دون انقطاع إذ يبدؤون يومهم على الساعة الثامنة والى غاية اخر ساعات المساء مقابل اجر يومي لا يتجاوز 800 دج وما يزيد الطين بلة الروائح الكريهة المتواجدة بالمكان الذي ينام فيه محدثنا رفقة أصدقائه و الذي لا تتوفر فيه أدنى شروط العيش الكريم و في ظل هذه الظروف الصعبة يسترسل محدثنا كلامه قد استرسل محدثنا كلامه أصعب الأوقات تلك التي نقضيها في فصل الشتاء إذ نفتقد لدفئ العائلة في لياليها الطويلة و هذا دون ان ننسى أيام حر الصيف التي ننتظر فيها قطرة ماء تروينا عبارة ترجمت بصدق الحنين للعائلة و ظروف العمل التي لا تخلو من المخاطر خاصة البنايات العالية و ما ينجر عنها من عواقب وخيمة تؤدي الى الوفاة أحيانا وهو ما دفعنا للسؤال عن تامين العاملين بالورشة في مصلحة الضمان الاجتماعي إلا ان سيد احمد رد علينا بالنفي و الاستغراب ان يكون لهذه الفئة الحق في التامين فلا احد يهتم لأمرنا إذ نعمل في صمت و خفاء . السردين المعلب و الجبن.... غذاءهم اليومي واصلنا جولتنا الاستطلاعية داخل الورشة لنتقرب من عبد الرحمان 28 سنة و الذي جاء من ولاية الواد رفقة صديقه الذي ساعده على العمل بالورشة و الذي يعود سبب لجوئه الى هذا العمل و تحمله لجل أنواع المخاطر الناجمة عن قذارة المكان و أنواع الأكل التي يتناولونها والمتمثلة إجمالا في علب السردين و قطع الجبن بالإضافة الى أنواع أخرى من المأكولات الخفيفة هذا كله لتقليل المصاريف و ادخار المال المسعى الوحيد لسفره و الابتعاد عن العائلة لتامين تكاليف المهر و مصاريف العرس التي أثقلت كاهله و الذي لا يجد معينا له سوى الاتكال على نفسه فهو يعمل في ذات المهنة منذ سن صغيرة فلم يجد المأوى و الحل البديل لمعاناته المريرة في البيت مع زوج والدته سوى التنقل بين الولايات لتامين لقمة العيش و تكوين أسرة خاصة به. اما عن سؤالنا حول استفادته من خدمة التامين فقد رد قائلا منذ متى يؤمن الزوافرة في الشانطيات وقد أردف كلامه فنحن نعمل في ظروف اقل ما يقال عنها أنها مزرية و نعتمد على أنفسنا في غسل الملابس و تنظيف المكان . إلا ان اللحظات التي نقضيها رفقة الأصدقاء بعد انتهاء العمل داخل الورشة تنسينا التعب و الهموم . ...و غياب التامين يزيد من معاناتهم لا يقتصر عمل هؤلاء الذين يعملون في ورشات البناء او كمال يلقبون ب الزوافرة على الشباب فقط بل لفت انتباهنا تواجد عمي احمد شيخ في العقد الستين من العمر و المنحدر من ولاية معسكر هذا الأخير لم يكن عامل السن و الابتعاد عن عائلته المكونة من عشرة أفراد عائقا أمام تنقله الى المكان و الذي قضى حياته في ورشات العمل و التي جاب من خلالها ولايات عديدة . تنقلت من ولاية معسكر الى تيبازة ثم أتيت الى هنا لتامين لقمة العيش لاابنائي فهو المعيل الوحيد لأبنائه الثمانية و الذي يحرص على تعليمهم كي لا يكون الفقر ملازمهم مدى الحياة مثلما حصل له على حد تعبيره إلا ان محدثنا أشار الى انه يعيش حياة التزوفير لأزيد من 30 سنة و عن سؤالنا حول أصعب الأوقات التي يتذكرها محدثنا فقد أجاب بأنها ابتعاده عن الأبناء و العائلة في شهر رمضان المبارك الذي يكون فيه العمل صعبا للغاية أمام ارتفاع درجات الحرارة كما ان للشهر الفضيل ميزة جمع العائلات على موائد الإفطار إلا أننا نجتمع مع الأصدقاء على موائد الرحمان طيلة الشهر الفضيل . في حين تطرقنا للحديث معه هو الآخر عن التامين الذي لا تستفيد منه هذه الفئة من العاملين إلا ان الذكريات التي تحدث عنها خلال المرات العديدة التي تعرض فيها لحوادث العمل أثناء البناء تنتهي بعودته الى البيت مصابا او مريض الى انه ما بيده حيلة مضيف بقوله إذ لم يجد هؤلاء الشباب عملا فكيف لي ان أجده أنا في هذا السن . مقاول لسنا مسؤولون عن توفير الطعام لهم ... المهم ان يتقاضون أجورهم اغتنمنا فرصة تواجدنا بورشة البناء بدواودة و اقتربنا من صاحب الورشة للحديث معه عن ظروف العمل و كيفية التحاق العاملين بها فأجابنا ان العاملين يتقاضون أجرهم سواء كان يومي او شهري مضيف بقوله في حين لسنا مسؤولين عن توفير مراقد او مطاعم لهم وذلك بحكم طبيعة العمل الذي يشغلونه فهو ليس دائما إذ ينتهي بانتهاء أشغال البناء أين يغادرون المكان و المهم انهم يتقاضون أجورهم في حين لم نجد الإجابة الكافية حول تامين العاملين بالورشة و التي أرجعها الى طبيعة عملهم كبنائين او مانوفر على حد تعبيره. تهرب أصحاب الورشات من مستحقات التأمين ضريبة يدفعها العمال و في ظل هذا الواقع الذي يعيشه الآلاف من الشباب الجزائريين في ورشات الموت و معرفة أكثر تفاصيل عن تامين العمال فيمثل هذه الورشات اتصلت السياسي بأمينة .ب بإحدى الموظفات بمصلحة التامين ببلدية القليعة أين سألناها عن حقيقة الموضوع إلا ان هذه الأخيرة أجابت بان هذه الفئة من العاملين تملك الحق في التامين كغيرها من الفئات الاخرى و فصلت في الموضوع أكثر لتشير الى انه من الضروري ان يتصل صاحب المشروع بالمديرية للإعلان عن نوع وعدد العاملين بالمشروع في حين أرجعت السبب الرئيسي في عدم التبليغ بالعدد الى التكاليف المنجرة التي تترتب عن ذلك و التي لا تعود بالمصلحة على صاحبي الورشات .فإلى متى يظل مصير الزوافرة بفي مجتمعنا مجهولا وهم يدفعون فاتورة السعي الدائم لتوفير لقمة العيش في طريق مليء بالعراقيل و الصعوبات بعيدا عن الأهل و العائلة .