تعرف العاصمة توافد العديد من الباحثين عن لقمة العيش أو الدراسة ، الذين اضطرتهم ظروف الحياة والعمل إلى قضاء لشهر رمضان بعيدا عن الأجواء العائلية، حيث أردنا من خلال استطلاعنا هذا أن نرصد يوميات هؤلاء" الزوافرة"، وطلبة الأحياء الجامعية مع أجواء رمضان بعيدا عن العائلة. عبد المجيد ذبيح عمر، السعيد، بلقاسم..... هم بعض الوافدين على العاصمة والقادمين من مختلف ولايات القطر الجزائري، للبحث عن لقمة العيش، لا سيما بورشات البناء التي تستحوذ على غالبية هؤلاء الزوافرة، حيث التقينا بهم في احد ورشات البناء بضواحي الرويبة، وبمجرد أن كشفنا لهم عن هويتنا وعن سبب مقصدنا حتى فتحوا لنا قلوبهم ليحدثونا عن يومياتهم مع شهر رمضان بنبرة حزينة تنم عن حنينهم واشتياقهم إلى أهلهم وذويهم خاصة في هذا الشهر الكريم الذي يعد فرصة للعائلات الجزائرية للاجتماع حول مائدة الإفطار، وهي فرصة لا تتكرر إلا في مثل هذا الشهر، سألناهم كيف وأين يتناولون وجبة الإفطار، فأجاب عمر بان صاحب الورشة قد أكرم عليهم في هذا الشهر بان قام بإيجار احد المطاعم الخاصة، خصيصا لكل العاملين لديه ، والذين يقطنون خارج العاصمة ممن لم يسعفهم الحظ بالإفطار في بيوتهم. ثم سألناهم إن كانوا يجدون في هذا المطعم نكهة رمضان التي يفتقدونها بعيدا عن الجو العائلي، فاجابنا بلقاسم المنحدر من ولاية سطيف، وهو في العقد الرابع من العمر وأب لخمسة أطفال، بان رغم ما يوفره هذا المطعم من وجبات تضاهي في أحيان كثيرة الوجبات التي تعدها العائلات الجزائرية، والجو العائلي الذي يصنعه العمال فيما بينهم لإضفاء نوع من الحميمية من شانها أن تقلل من النقص الذي يعتري نفوس العديد من العمال وهم يفطرون بعيدا عن عائلاتهم، إلا انه يفتقد نكهة رمضان بعيدا عن أبناءه حيث لم يسعفه الحظ بقضاء ولو يوم واحد بين أفراد أسرته، وما زاد من حزنه هو المكالمات اليومية التي يتلقاها من أولاده ، خاصة من طرف ابنه الصغير ليسأله عن اليوم الذي يأتي فيه للبيت للإفطار معه. أما علي القادم من ولاية برج بوعريريج فقد أكد بأنهم من المحظوظين الذين وجدوا في هذا المطعم المؤجر من طرف ربّ العمل المكان المناسب لهم لتناول وجبة الإفطار بعيدا عن المشاكل والازدحام والفوضى التي تطبع بيوت الرحمة، وهو ما يعانيه بحسبه الكثيرون من أصدقاءه ومعارفه الذين يشتغلون بمختلف ورشات البناء الأخرى والمنتشرة بمختلف مناطق العاصمة، حيث أنهم يجدون صعوبة بالغة في الظفر بوجبة ساخنة خاصة وانه يرتادها من هب ودب، وما يزيد من معاناتهم هو بعد مراكز الإفطار هذه عن مقرات عملهم، مما يضطر الكثيرين منهم إلى تحضير وجبات الإفطار في مقرات إقامتهم. المطاعم الجامعية ليست أحسن حالا ثم اخذنا وجهتنا نحو احد الأحياء الجامعية وبالضبط إلى الحي الجامعي بحيدرة، حيث وجدناه يعج بالعديد من الطلبة خاصة وان شهر رمضان لهذا العام تزامن مع التسجيلات الجامعية، والامتحانات الاستدراكية التي اقتضت بالعديد من الطلبة من قضاء بعض الأيام من شهر رمضان في الإحياء الجامعية، حيث التقينا بأمين من ولاية الجلفة التي فرضت عليه الامتحانات الاستدراكية لقضاء أسبوع كامل من شهر رمضان بالحي الجامعي، حيث عبر لنا انه معتاد على مثل هذه الظروف الطارئة التي تمنعه عن الصيام بعيدا عن أهله، أما رفيقه سمير فالأمر بالنسبة إليه يختلف خاصة وانه طالب جديد ولم يعتد عن قضاء شهر رمضان بعيدا عن عائلته، ولكن بحسبه فالأمر يقتضي ذلك، وانه ملزم بالتعود على مثل هذه الظروف، وعن نوعية الوجبات التي يقدمها المطعم الجامعي، فأكد بأنها تفي بالغرض، لكن رغم ذلك فإنها تفتقر للنكهة التي يجدها في أطباق والدته، خاصة وانه ملزم على جلبها قبل الساعة الثالثة مساءا، إذ يجد صعوبة كبيرة في تسخينها، مما يضطره في كثير من المرات بتناولها باردة. هم بعض من لم يسعفهم الحظ في تناول وجبة الإفطار بين أهلهم وعائلاتهم، إلا أن الكثيرين منهم لا يتنازلون عن قضاء شهر رمضان في بيوتهم ولو على حساب عملهم أو دراستهم لان شهر رمضان ببساطة ليس كسائر الشهور.