من حرب للعصابات إلى حرب منظمة، ومن جيش ببناديق صيد إلى جيش بجميع هياكله وأركانه لقّن الجيش الفرنسي رغم كل ما يملكه من عدة وعتاد وخبرة عسكرية الدروس تلوى الدروس، وكبّده الهزيمة تلوى الهزيمة، وقد كافح ونافح وصابر ورابط طيلة سبع سنوات وأزيد، قدم فيها التضحيات الجسام، وأبلى فيها البلاء الحسن، تكللت في النهاية بالنصر المبين، الذي كان آخر إنتصار للجيوش العربية على الجيوش الصليبية بعد نصر صلاح الدين الأيوبي، وأجبر الجيش الفرنسي على الإنسحاب من الأرض الطاهرة ذليلا مدحورا، وكانت النتيجة أن قدمت الجزائر ما يزيد عن المليون شهيد، وهو أكبر مهر تقدمه شعوب العالم لنيل إستقلالها، الجيش الوطني الشعبي يخوض معركة التنمية بجدارة، الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني بعد الإستقلال الذي حمل الشعلة وراح هو كذلك يبلي البلاء الحسن في خدمة البلاد، والمساهمة في بناء الدولة الجزائرية الفتية، فخاض معركة التنمية الوطنية، وساهم في صناعة أكبر المشاريع والبرامج لبناء جزائر الإستقلال التي تركها المستعمر تحتضر إقتصاديا وإجتماعيا لأن جيشنا ليس ككل الجيوش، فإن المهمة العسكرية ماهي إلا الجزء الأكبر من تحدياته وراح يترقى الى درجة الجيوش النظامية العصرية، حتى بات من أهمها وأبرزها قوة وتنظيما، وقد صار للجيش الوطني الشعبي بعد الإستقلال ثلاثة أركان وهي القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية، وفي الوقت الذي كان فيه الجيش الوطني الشعبي يخوض معركة التطور والبناء والتي لا تقل أهمية عن معركة التحرير، كان يساهم كذلك في إنجاز المشاريع الكبرى التي ستبقى خالدة خلود تضحياته الجسام في ذاكرة كل الجزائريين، ومن منّا لا يعرف المشروع العظيم السد الأخضر الذي أنجز في سنوات السبعينيات بقيادة الرئيس الراحل هواري بومدين، وقد تجاوزت سمعة هذا الجيش الذي خرج للتو من معركة مصيرية لما يملكه من خبرة عسكرية واسعة وشجاعة لها حدود الإقليم العربي والإفريقي، لتصل إلى أقطاب العالم، وواصل الجيش الوطني الشعبي المساهمة في المعركة التنموية التي باشرتها الجزائر، حتى إستقام عودها، وقويت شوكة الجيش الوطني الشعبي في مواجهة الصهاينة وجها لوجه، كثيرين هم الجزائريين من لا يعلمون عن مسيرة الجيش الوطني الشعبي في مواجهته لعدو العرب إسرائيل، وكيف هبّ فيها لنصرة ودعم الأشقاء العرب رغم حداثة نشأته، نصرة للمبادئ السامية للجزائر في التضامن المطلق مع قضايا الأمة العربية، والتي تمثل فيها القضية الفلسطينية واسترجاع الشعب الفلسطيني لحقوقه المسلوبة القضية الجوهرية والأساسية التي لا تراجع فيها ولا هوادة، وهي البلد التي إحتضنت يوم إعلان الدولة الفلسطينية وكان الجيش الوطني الشعبي في الصفوف الأولى على جبهات القتال، في سنوات إمتدت من 1967 إلى غاية 1975 فترة تواجدت فيها الوحدات العسكرية الجزائرية على الجبهة المصرية، حيث شكل سدا منيعا وحارسا أمينا لمنع تسلل الإسرائيليين إلى الأراضي المصرية، ومباغتة الجيش المصري لتوجيه ضربتهم القاصفة، حيث أثبتت عناصر الجيش الوطني الشعبي في الميدان أنهم قادرين على خوض الحروب الكلاسيكية بكل جدارة، تأكيدا منهم أن الجزائر تتبنى قضايا العرب التي كانت جزءا لا يتجزأ منهم.