الوسطية هي الاعتدال في كل شيء وأحسن الأشياء أوسطها، ويقال في اللغة »فلان من أوسط قومه« أي من أعدلهم وأخيرهم، وعندما يُخير الإنسان في أمر ما يختار أوسطه ويقول »خير الأمور أوسطها«، وقد وصف الله تعالى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بصفة »أمة الوسط« وهي صفة مَن بها الله تعالى علينا. وفي تفسير قوله تعالى: »وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى الناسِ وَيَكُونَ الرسُولُ عليكُمْ شَهِيداً« أنه كما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أمة وسطا، أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم. وهذه الأمة جعلها الله شهيدة على الناس وهي أمة وسط بين مَن أفرط ومَن فرط، بين من تشدد ومن تسيب، فهي أمة قائمة معتدلة مقتصدة. والتوسط هو المذهب الذي اتخذه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومَن بعدهم مِن أئمة الإسلام، ومن يتمعن في نصوص الشريعة من قرآن وسنة يعرِف أن الوسط هو المحمود في مسائل الإيمان والعبادات والأخلاق، وقوله صلى الله عليه وسلم »إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه«، يدل على الوسطية وأخذ الأمور بالرفق. وقد اعترض صلى الله عليه وسلم على الثلاثة الذين اعتزل أحدهم النساء، وقام الآخر الليل كله وصام الثالث النهار وقال: »لكنني أتزوج النساء، وأقوم وأنام، وأصوم وأفطر، فمن رغب عن سنتي فليس مني«. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: »إن الدين متين فأوغل فيه برفق«، ونهى عن التشدد في الصلاة وقال »ليُصلِ أحدكم طاقته فإذا فتر فليرقد«. والوسطية هي الحسنة بين سيئتين وهي الفضيلة بين رذيلتين، فنجد أن الوسطية فضيلة، فإذا زادت على حدها أصبحت رذيلة وهي الأفراط، وإذا قلت عن حدها تصبح رذيلة أيضا وهي التفريط، وإذا أخذنا أمثلة أخرى فالكرم فضيلة بين رذيلتين هما البخل والإسراف، والشجاعة فضيلة بين الجبن والتهور، والثقة بالنفس فضيلة بين ضعف الشخصية والغرور، وهكذا سنجد أن كل فضيلة في حياتنا هي حالة من الوسطية يجب ألا نزيد عليها أو ننقص عنها لأن الله تعالى أراد لهذه الأمة الوسط أن تكون بالفعل وسطاً في كل شيء فلا إفراط ولا تفريط.