كان شهر مارس شهر النصر والانتصار بمثابة شهر الفرحة للعديد من العائلات الجزائرية وخاصة العاصمية منها، التي تمكنت من تحقيق حلمها في الوصول إلى سكنات لائقة لطالما انتظرتها من حي ديار الشمس إلى حي جنان السفاري ببئر خادم، ومن حي دودو مختار بحيدرة إلى تسالة المرجة بئر توتة، في عيد السنة الأولى من إعادة تجدي الثقة في رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعهدة جديدة، والعمليات متواصلة في إطار مخطط رئيس الجمهورية للقضاء على البيوت القصديرية والهشة، الرامي إلى تهيئة كل أحياء العاصمة وتحسين صورتها بعد التشوه والفوضى اللذين طبعا التجمعات السكنية، والخوف من الانهيارات التي تزايدت وتيرتها في الآونة، إذن هي وجهة محددة لإعطاء طابع حضاري لوجه الجزائر العاصمة، الذي أصبح لا يتلاءم وتطورها التنموي الشامل. حلم مئات العائلات يتحقق أردنا أن تكون الانطلاقة من حي جنان سفاري "مزور" ببئر خادم أو كما أصبح سكان بئر خادم يسمونه حي ديار الشمس 2، وبالرغم من أن أشغال التهيئة المصاحبة للموقع لم تنته بعد، إلا أننا وجدنا المكان يعج بحركية كبيرة، خاصة وأننا قصدناه يوم السبت، للوهلة أولى وأنت ترى المنظر يمر بذهنك شريط إحدى الحدائق الخاصة بالتسلية، كهول وشيوخ افترشوا الزرابى، شباب اتخذوا من السلالم الخارجية للعمارات ملتقى للحديث، وأطفال اختاروا اللعب بما جهز لهم، وربات بيوت استعدنا اللقب بعد طول انتظار، أكثر من 305 عائلة من حي ديار الشمس بالمدنية تم ترحيلهم إلا هذا الموقع الذي لا يمكن أن يوصف إلا بالجميل وذلك من أصل 486 مسكن توفر بذات الموقع، حيث علمت "المشوار السياسي" من مصادر مطلعة أن بقية السكنات سيتم توزيعها على سكان بلدية بلخادم، بالإضافة إلى ترحيل 205 عائلات كانت تقطن بسكنات فوضوية أقامتها في ساحات حي ديار شمس، وهذا في إطار المخطط الولائي لإعادة إسكان قاطني البنايات العتيقة والبيوت القصديرية، وقبل دخول مبنى العمارة يشدك الطابع المعماري الجميل الذي يميز المدخل، حيث وقفنا على جاهزية المبنى من إنارة السلالم إلى علب البريد كل شيء مسوا، قبل أن نلج بيوت العائلات إرتاينا العودة إلى إحدى مكاتب التسيير العقاري، التي تم تسخيرها من أجل مراجعة أي عطب، ولاحظنا بقوة خلال الفترة التي بقينا فيها في المكتب، أن العائلات ولأنها عاشت في ظروف سكنية مزرية هي تبحث عن كل شيء مثالي ولا أحد يقبل ولو بهفوة بسيطة والأكثر من ذلك أن البعض يبحث عن التأكد هو حقهم المشروع لحلم روادهم لسنوات ولم يتحقق إلا في مطلع 2010، وكانت الولاية قد وفرت لعمليات الترحيل ما يقارب 1500 عون بالحي لمد يد العون للسكان في نقل أثاث منازلهم بالإضافة إلى توفير 50 شاحنة و30 حافلة لتسهيل عملية ترحيل هؤلاء العائلات، وكذا تشديد الحراسة على المنطقة التي لتفادي أي نوع من أعمال الشغب أو العنف. العائلات ل ''السياسي'': عملية الترحيل تمت في ظروف جد حسنة وفي هذا الإطار أكدت بعض العائلات ل"المشوار السياسي" أن عمليات الترحيل بالرغم من أنها جاءت بصفة سريعة، إلا أنها تمت في ظروف حسنة، خاصة وان أغلبها كان ينطلق على ساعة 4 صباحا لتفادي الازدحام، الغريب في الأمر عندما سألنا بعض العائلات عن ما ينقصهم في هذه السكنات، وجدنا أن أغلبيتهم يريدون السكن في ذات العمارة مع جارتهم بالرغم من أنهم يقطنون نفس الموقع. الجزائريون يودعون "الأف 2" إلى الأبد سوءا بموقع الترحيل ببئر خادم أو تسالة المرجة في بئر توتة يظهر جليا أن الأف 2 ستختفي تماما من أجندة الجزائريين وحساباتهم، في كل الشقق التي زارها " المشوار السياسي" هي إما من فئة 3 غرف أو 4 غرف، وتطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية القاضية بالاعتماد على شقق واسعة ومجهزة، فبمجرد أن تطأ أقدامك هذه الشقق تلاحظ وبقوة أن غرفها متسعة، ففي بلدية الكاليتوس عاينت "المشوار السياسي" إحدى البنايات التي لم تسلم بعد حيث لا يقطن بها إلا بعض العائلات في عمارة تم الانتهاء منها بصفة كلية القادمة في مجملها من حي "لفيي" اتساع الشقق كبر غرفها، هي خطوة تنموا عن عدم العودة لنقطة البداية برجوع الضيق لحياة قاطني هذه العمارات. أكثر من 10 ألاف عائلة ستسفيد من عملية الترحيل شرعت ولاية العاصمة في عمليات ترحيل ضخمة ستتواصل خلال الأسابيع القادمة بمعدل ألف سكن لتوزيع ما يقارب 10 آلاف سكن في الآجال المحددة، وهي العملية التي ستستمر إلى غاية شهر أكتوبر من السنة الجارية والتي ستكون شاملة، حيث يستفيد منها كل المواطنين الذين قاموا بإيداع ملفاتهم على مستوى مختلف المقاطعات الإدارية التابعة للعاصمة، وكل الذين يقطنون بالسكنات التي بنيت منذ الاستقلال والمتمثلة عادة في القاطنين في شقة واحدة كما هو الشأن بالنسبة لوادي قريش براقي والحراش وغيرها من المناطق المجاورة، كما ستمس العائلات المهددة بنايتها بالسقوط، بالإضافة إلى العائلات التي تقطن بالشاليهات والسطوح وكذا أقبية العمارات كديار البركة وديار الكهف وكذا القاطنين بالبنايات الفوضوية المتواجدة داخل إقليم بلديات العاصمة وفي ضواحيها فضلا عن حصة موجهة لطالبي السكنات الاجتماعية، والأمر لن ينتهي عند هذا الحد بل أن البرنامج السكني الخاص بتوفير 35 ألف وحدة سكنية للقضاء على البيوت الهشة، سيتم توزيعه ابتداء من نهاية السنة الجارية، بالإضافة إلى ما يقارب 12 ألف عائلة تمس أربعة محاور والخاصة بإعادة إسكان أصحاب الأحياء الشعبية والشاليهات، كما تقرر من خلال هذا البرنامج إزالة المحتشد الاستعماري نهائيا كون بناياته في حالة متقدمة من التصدع والاهتراء لتستغل المنطقة في بناء مشاريع تنموية واعدة ذات طابع اجتماعي واقتصادي. حي دودو مختار القصديري..معاناة منذ الاستقلال تم عملية ترحيل السكان القاطنين في الأحياء القصديرية بحي دودو مختار ببلدية حيدرة في أجواء لا يمكن وصفها إلا بالفرحة العارمة، بعد أيام من الترحيل لا تزال تسمع صوت الزغاريد حالة من الفرح أنا شخصيا لم أشهدها إلا عندما تأهلنا للمونديال، أكثر من 924 عائلة ودعت الأمراض، الأوساخ، الفضلات إلى الأبد، وقد قسمت العملية إلى أربع مراحل، هي العمليات التي سيودع من خلالها سكان دودو مختار البرك القذرة التي لطالما صاحبتهم منذ أمد بعيد، فأغلب الأطفال وحسب ما أكدت لنا العديد من ربات العائلات مصابين بأمراض تنفسية يحتل فيها الربو مراحل متقدمة، تليها الحساسية الناجمة عن الأوساخ والرطوبة وتسرب الأمطار، ولكن مع طي هذه الصفحة الكل يهتف لرئيس الجمهورية الذي حقق لهم وعودا كانوا قد تأكدوا في زمن ماض أنها غير قابلة للتحقق، ودخلوا بيوتهم بحي تسالة المرجة وتمكنوا من تحقيق أحلام المطبخ النظيف، والمرحاض المسوى الذين كانوا يفتقدوه وبقوة أيام الأحياء القصديرية الرابضة بأعالي حيدرة، شهدنا صور مختلفة عن تلك التي مرت علينا ونحن نغطي صحفيا عمليات الاحتجاج التي قاموا وكأنهم أشخاص آخرين، وقد خصصت المصالح الولائية لعملية الهدم ما يفوق 700 شاحنة تكفلت بنقل أغراض السكان المرحلين وحوالي 35 ألف عون من البلدية والدائرة الإدارية وديوان الترقية والأشغال العمومية، إلى جانب 60 حافلة وعشرات الشاحنات المدمجة بأعوان الشرطة والراجفات المخصصة لهدم البنايات القصديرية وسيارات الإسعاف والإطفاء التي رافقت موكب العائلات المرحلة إلى غاية بلدية تسالة المرجة. إجراءات أمنية مشددة صاحبت عمليات الترحيل حتى تكتمل فرحات العائلات المرحلة من جهات مختلفة من العاصمة وضعت قوات الأمن والدرك الوطنيين أعوانها في خدمة المواطنين، وفي حالة استعداد تامة، وهو القرار الذي تم اتخاذه في إطار اجتماع اللجنة الأمنية لولاية الجزائر قبل الشروع في عملية الترحيل في شطرها الأول، وقد اجتمعت اللجنة الأمنية لولاية الجزائر تحت رئاسة والي العاصمة عدو محمد الكبير، شارك فيه جميع الولاة المنتدبين لولاية الجزائر وكذا رؤساء أمن الدوائر المعنية بعملية إعادة الإسكان والترحيل، بالإضافة إلى مشاركة عدد من رؤساء البلديات والأمناء العامون للبلديات والدوائر، وذلك بغرض تنسيق الجهود لضمان السير الحسن لهذه العملية في أحسن الظروف المتاحة.