كيف أقنع أوباما نفسه بأن يصبح رئيس الأمة (الإفريقي الأمريكي)؟ يعود الكاتبان الأمريكيان جون هيلمان ومارك هالبرين في كتاب »تغير اللعبة« إلى السباق الرئاسي إلى البيت الأبيض العام الماضي، عندما كان التنافس محتدما بين المرشحين »أوباما وهيلاري كلينتون، ثم أوباما وجون ماكين«، ويسردان أدق التطورات التي حولت الانتخابات الرئاسية إلى أمتع رحلة تنفاسية لم يخضها الأمريكيون من قبل في حياتهم، وسطرت فصلا جديدا في التاريخ الأمريكي كأنها »فيلم سينمائي خرافي من وحي الخيال«. ويدرس كلا الباحثين والمؤرخين، »تغير« قواعد اللعبة في أمريكا التي أدت إلى »انهيار« شعبية آل كلينتون وانحسار المد الجمهوري في أعصاب الكونغرس الأمريكي، والانتصار التاريخي لباراك حسين أوباما، أول أمريكي من أصل إفريقي أسود يتسلم سدة رئاسة أقوى بلد في العالم. ولكن، يجادل الباحثان، أنه على الرغم من التغطية الإعلامية الشاملة لهذه »الدراما الأمريكية الساحرة«، فإن التفاصيل الحقيقية بقيت وراء الكواليس من دون أن يتمكن المحللون والمعلقون من فك طلاسم لغز وصول أوباما إلى البيت الأبيض. مئات المقابلات وقد أجرى هيلمان (كاتب عمود في مجلة نيوزويك) وهالبرين (المحلل السياسي الرفيع المستوى بمجلة تايم) المئات من المقابلات لتقديم قصة داخلية لم تُروَ من قبل حول الحملة الرئاسية عام 2008، مكتظة بالصور والإشاعات وراء الكواليس أكثر من التحليل. ولكن في حال كان سردهما المفعم بالحياة يوفر القليل من المعلومات والتفسيرات لبروز نجم أوباما ونجاحه، فإنه يظهر بشكل حيوي تأثير تدفق الشخصيات الكبيرة والصغيرة في التدمير النفسي لخصومه. كما أن السرد يعزز النقاش المألوف بأن الحملة الرئاسية توفر اختباراً مهما لقدرة المرشح على الحكم. في كتاب »تغير قواعد اللعبة« يستخدم المراسلان والباحثان »جون هيلمان« و»مارك هالبرين« كل أمكاناتهما الاستقصائية وكل المعلومات والوثائق التي توفرت لهما لرفع الستارة عن خفايا السباق الرئاسي وما دار في الخفاء بين القائمين على حملات الانتخابات لكل من أوباما وكلينتون، وماكين وسارة بالين. كيف أقنع نفسه؟ ويطرح الكاتبان بعض الأسئلة التي دارت بين الإعلاميين والمحللين والمعلقين والسياسيين وحتى عامة الشعب حول كيف تمكن أوباما من إقناع نفسه، بأنه على الرغم من قلة خبرته وسيرته الذاتية المختصرة، يمكنه بشكل ما أن يتغلب على جميع الأمور ويصبح رئيس الأمة »الإفريقي« الأمريكي؟ وكيف نجحت العلاقة المضطربة ما بين الزوجين كلينتون من تشكيل وتأهيل محاولة هيلاري التي لا يمكن إيقافها؟ ماذا كان وراء ثورات زوجها الغاضبة والحسابات السياسية الخاطئة المدمرة؟ لماذا رشح ماكين حاكمة ألاسكا المبتدئة والمغمورة لتخوض إلى جانبه السباق الرئاسي عن الجمهوريين؟ وهل كان الوضع بالنسبة لبولين مجرد إخراجها من مشاكلها بطرق أكثر جدية؟ يجيب كتاب »التغيير في اللعبة« عن كل هذه الأسئلة والمزيد منها، مظهرا للعلن التاريخ السري لحملة عام 2008. يأخذنا هيلمان وهالبرين إلى داخل أروقة الآلة الإعلامية والحملة الانتخابية لباراك أوباما. مؤامرة هادئة ويكشف الباحثان »المؤامرة الهادئة« التي قام بها مجلس الشيوخ لدفع أوباما إلى السباق، يقوده جزئيا مخاوف الديموقراطيين الكبار من أن حياة بيل كلينتون الشخصية قد تعيق من إمكانات هيلاري بالوصول إلى سدة الرئاسة. ويظهر الكاتبان كذلك كيف نجح أوباما في مكالمة هاتفية عاطفية في ساعة متأخرة من الليل من إقناع منافسته هيلاري كلينتون، على الرغم من مقاومتها الصامدة، بأن تصبح وزيرة خارجيته؟ ويتطرق الكاتبان أيضا إلى تفاصيل القصة المتشابكة لعلاقة المرشح الديموقراطي السابق جون إدوارد مع رييل هانتر. كما يكشفان الأسباب الحقيقية وراء سقوط وفشل عمدة مدينة نيويورك السابق رودي جيلاني، على الرغم من أنه كان المرشح المفضل والأقوى بين الجمهوريين؟! قصة بالين ويتطرق المؤلفان أيضا إلى الدوافع الحقيقية وراء الاختيار الفاشل للمرشح الجمهوري جون ماكين لحاكمة ولاية آلاسكا السابقة سارة بالين بالرغم من أنها مغمورة بين الجمهوريين ولم يسمع بها أحد من قبل؟ وكذلك الشكوك بجاهزية بالين لحمل بطاقة الجمهوريين إلى جانب مخاوف أعضاء حملة ماكين من ملائمتها للمكتب الرئاسي. وبناءً على مئات الوثائق والمقابلات مع أشخاص عاشوا القصة، يعتبر كتاب »تغير اللعبة« أداءً صحفياً متميزاً يمكن قراءته بشكل قصة ذات وقع سريع حيث تتنوع الشخصيات والحوار الغني، الممتلئ بمشاهد تفصيلية، التي تسبب الصدمة أحيانا، وتكون بالغالب مرحة، تعتبر بشكل جوهري سردا لحملة ربما لا تتكرر ثانية في التاريخ الأمريكي. لا يقوم هيلمان وهالبرين بمجرد سرد قصة الحملة الرئاسية في عام 2008 بطريقة شيقة وجذابة، وإنما يخرجان ببعض من التقارير الحقيقية. ويجب القول بأن هذه التقارير في معظمها من نوع النميمة حيث يركز هذا الكتاب على الأمور و»الفضائح« الشخصية أكثر من الاهتمامات السياسية.