- التوقيع على الاتفاق النهائي والشامل للسلام في كولومبيا بعد نزاع مسلح دام 52 عاما خلف مئات آلاف القتلى والمفقودين، وقّعت الحكومة الكولومبية وحركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) اتفاقا تاريخيا، سيسمح للبلاد بفتح عهد جديد للاستقرار والمصالحة وتعزيز نموها الاقتصادي. وفي مراسم جرت بقرطاجنة مساء الاثنين وسط إجراءات أمنية مشدّدة، وقّع الرئيس الكولومبي، خوانمانويل سانتوس، وقائد حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك)، رودريغو لوندونو المدعو (تيموشينكو)، اتفاقا ينهي صراعا، يعد أقدم صراع في أمريكا اللاتينية، عاشته البلاد على مدار أكثر من نصف قرن. وتصافح سانتوس ولوندونو أمام حشد من الحضور يتقدمهم 14 رئيس دولة وحكومة والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وكبار الدبلوماسيين، إلى جانب 400 من ضحايا الحرب وأكثر من 100 عنصر من المتمردين. ووقّع الجانبان الاتفاق، الذي جاء في 297 صفحة، بقلم مصنوع من رصاصة منقوش عليها عبارة الرصاص كتب ماضينا.. التعليم مستقبلنا . و في كلمة ألقاها خلال مراسم، قال الرئيس الكولومبي: سنوقّع بقلم من رصاصة، لنظهر التحوّل من الرصاص إلى التعليم والمستقبل . من جهته، قال زعيم (فارك): نحن نولد من جديد لإطلاق مرحلة جديدة من المصالحة وبناء السلام بكولومبيا ، مضيفا: نعتذر، بصدق، لجميع ضحايا النزاع عن أي ألم قد نكون تسبّبنا به أثناء هذه الحرب . ويأتي هذا الاتفاق بعد أربع سنوات من المفاوضات المضنية بين طرفي النزاع في العاصمة الكوبية هافانا، قبل ان يضعا اللمسات النهائية على الاتفاق في 24 أوت الماضي. وإلى جانب الوقف الشامل للأعمال القتالية في البلاد تنص هذه الوثيقة على تخلي عناصر (فارك) عن سلاحهم وتقديمه للأمم المتحدة في غضون 180 يوما وإعلان الحكومة عن العفو العام بحق جميع المتمردين، باستثناء الذين تورطوا في ارتكاب جرائم حرب بالغة الخطورة. كما يتضمن الاتفاق دمج المسلحين السابقين في النسيج الاجتماعي الكولومبي وإنشاء محاكم خاصة للتحقيق في الجرائم التي تم ارتكابها على مدى السنوات ال52 للحرب وإجراء إصلاحات زراعية، وهو من أهم مطالب الحركة التي كانت تعلن دائما أنها تمثل الطبقات الاجتماعية الفلاحية الفقيرة. كما يقضي الاتفاق بحل حركة (فارك) التي كان تضمن في صفوفها ما بين 6 الى 7 آلاف عنصر كتنظيم مسلح وتحويلها إلى حزب سياسي سيحارب في صناديق الاقتراع، بدلا من ساحات القتال التي كانت تشغلها منذ عام 1964. ويتطلب تطبيق بعض مبادئ الاتفاق إجراء عدد من التعديلات الدستورية التي سيتم التصويت عليها في استفتاء شعبي سينظم يوم الأحد المقبل. وأظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا أن أكثر من نصف الناخبين المحتملين سيؤيدون الاتفاق. ومن المقرر ان تبدأ كولومبيا قريبا محادثات مع جماعة متمردة يسارية أخرى هي جيش التحرير الوطني. الاتفاق التاريخي يرفع حركة (فارك) من قائمة الإرهاب أعلنت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، فيدريكا موغيريني، في وقت سابق، أن التكتل الأوروبي سيرفع حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك) من قائمته الخاصة بالمنظمات الإرهابية، بعد توقيع الحركة على اتفاق السلام مع حكومة كولومبيا. وأضافت موغيريني، أن الاتحاد الأوروبي مستعد أيضا لتقديم حزمة مساعدات بقيمة 600 مليون يورو، (676 مليون دولار أمريكي)، لتقديم الدعم لكولومبيا وخاصة لمساعدتها على تنفيذ اتفاق السلام. وتعهد وزير الخارجية جون كيري الذي حضر حفل التوقيع بتقديم مساعدات قدرها 390 مليون دولار للاسهام في تطبيق الاتفاق، إلا انه قال أن بلاده لا تخطط لرفع (فارك) من القائمة الأمريكية للإرهابيين في القريب العاجل، موضحا في نفس الوقت، أن الولاياتالمتحدة، بالتأكيد، على استعداد للمراجعة وإصدار التقييمات في هذا الصدد مع توالي الحقائق. من جهته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، استعداد المنظمة الدولية للمساعدة في تنفيذ الاتفاق بناء على سنوات عديدة من المشاركة في بناء السلام وعملها مع الضحايا والمجتمعات. وبدأت حركة (فارك) نشاطها عام 1964 كتمرد للمزارعين، وأصبحت بعد ذلك، لاعبا أساسيا في تجارة الكوكايين وكانت تجند، آنذاك، ما يصل إلى 20 ألف مقاتل. وتمكّنت القوات الكولومبية الحكومية، خلال عدة سنوات ماضية، من توجيه عدد من الضربات الموجعة إلى الحركة. وبعد وفاة زعيمها، مانويل مارولاندو، الذي كان يترأس الحركة منذ تأسيسها لعام 2008 بعد إصابته بنوبة قلبية، قتل خليفته في منصب القائد العام للحركة ألفونسو كانو عام 2011 في عملية للجيش.